ضررورة التنسيق ما بين وزارة التنمية والمؤسسات المعنية بتوزيع المساعدات
كتب: عمرو أبو زايد
بمجرد الحديث عن عدالة توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، تجد المئات من المشتكين جرّاء سوء التوزيع والظلم الواقع عليهم، بسبب غياب التنسيق بين الجهات المختصة، وتداخل الصلاحيات بين الوزارات المعنية بالرقابة، وعدم وجود بوابة موحدة لرصد المساعدات وتحديد آليات حصول المستفيدين عليها. ومع دخول الحرب شهرها الثامن، ورغم الجهد الذي تبذله الجهات المعنية في تحقيق العدالة في التوزيع، إلا أن جميع المحاولات تبقى مبعثرة في ظل غياب بوابة موحدة ترصد ما يصل من المساعدات ومنافذ توزيعها، ومعايير المستفيدين للحصول عليها.
المواطن (ح .س) من سكان دير البلح يشتكي من عدم حصوله سوى على عيّنة واحدة من المساعدات، كانت في بداية الشهور الأولى للحرب، وذلك عن طريق شخص ذات صلة بمؤسسة تعمل في القطاع، ويضيف أنه في بداية الحرب كانت الأمور المعيشية صعبة جداً والاحتياجات الإنسانية من سلع قليلة جداً وباهظة الثمن، ولكن خلال الأسابيع القليلة الماضية طرأ تحسّن ملحوظ في توزيع المساعدات. وذلك لا يعني أنه تمت معالجة موضوع تكافؤ الفرص في الحصول على المساعدات، التي اعتبرها غير عادلة؛ وبعض العائلات تحصل على مساعدات أكثر من مرة.. كونها محسوبة على فصيل معين أو أحد أقربائه يعمل في مؤسسة خيرية، فيما يحرم العشرات من المحتاجين.
إنّ النظر لعمل الجمعيات والمؤسسات المعنية بالمساعدات في ظل ظروف الحرب الصعبة وما تسببت فيه من موجات نزوح كبيرة ومتكررة للمواطنين، أدت إلى عملية أرباك في عمل وزارة التنمية الاجتماعية والمؤسسات والجمعيات التي لم تعلن عن معايير محددة لاستلام المساعدات قبل توزيعها منذ بداية الحرب الدائرة على القطاع، ولا تمنح الفرصة للمواطنين بأن تكون هناك آلية واضحة للتسجيل والاستفادة من المساعدات بشكل دوري، بل وصل الأمر بالعديد من المؤسسات بأن تلقي عاتق تسجيل الأسماء على جهات غير ذي صلة بها، والاعتماد على أشخاص محليين في توزيع هذه المساعدات.
فيما يتساءل المواطن (م. ز) وهو أب لسبعة أطفال ونازح في المنطقة الوسطى: "هل يجب أن أزور كل الجمعيات للحصول على المساعدة؟!". وقال إنه سجّل في عدة روابط إلكترونية تم الإعلان عنها من وزارة التنمية الاجتماعية وجمعيات أخرى، أضاف فيها جميع البيانات المطلوبة من عنوان مكان النزوح وعدد أفراد الأسرة ومدى الضرر الذي تعرّض له ورقم الجوال، لكن كل تلك التقديمات كانت بلا جدوى، لذلك أجد نفسي ملزمًا بالذهاب إلى هذه الجمعيات أو الأشخاص الذين يقومون بتسجيل الأسماء لكي يحصل على مساعدة والتي قد تكون أخذت وقتا طويلا من أجل استلامها.
التنمية: نسعى بانفتاح لخلق شراكة تكاملية لأنّ عمل المؤسسات الأهلية يكمل العمل الحكومي
وبالتواصل مع د. ماجد عابد منسق لجنة الطوارئ في وزارة التنمية الاجتماعية، أكد أن واقع ما تمر به المحافظات الجنوبية من الوطن يعتبر غير مسبوق، وله أثره المباشر وغير المباشر على عملية توزيع المساعدات والتنسيق والإشراف مع باقي الأجسام الدولية والمحلية؛ ما أفسح المجال للبحث عن ما تتطلبه مستجدات العمل التي أصبحت تتكشف من شدة وطأة العدوان، الذي تجاوز كل الحدود من حيث الإبادة وعدوانيتها، الأمر الذي يستوجب التقييم وإعادة صياغة ما يحقق الهدف جميع مؤسسات سواء حكومية أو دولية أو أهلية، لنجد أنفسنا أمام حاجة ماسة وأكثر فاعلية للتوجه نحو المرجعية البيانية الأكثر ضمانة للوصول لجميع المرشحين للاستفادة من برامج توزيع أكثر عدالة ونزاهة للمساعدات العينية والنقدية.
وقال إن وزارة التنمية الاجتماعية، وجّهت بالفعل نداءً إلى كافة المؤسسات، لاعتماد البوابة الموحدة للمساعدات، وذلك من خلال ما تمتلكه التنمية من قاعدة بيانات يتم من خلالها تزويد المؤسسات الدولية والمحلية وفق شروط ومعايير العمل ببرامجها ومشاريعها.
ويرجع عابد الخلل في التنسيق إلى عدة عوامل، منها الانقسام وعدم ممارسة السلطة الوطنية الفلسطينية دورها بشكل مباشر بالمحافظات الجنوبية، ما يشكل عائقًا في طريق الوصول للكثير من المؤسسات المحلية بغزة، والتي لها مرجعيات حزبية ترفض الانفتاح، وترفض وضع ما لديها من بيانات بما يحقق الإسهام الإيجابي للبوابة الموحدة، وكذلك نجد الكثير من المؤسسات تتشابه بها الخدمات وتقدم المساعدات سواء للأيتام أو الشهداء او الجرحى...الخ
وأوضح عابد، أنه وبالرغم من ما تمتلكه التنمية من قاعدة بيانات مرتبطة بمجال ونطاق عملها إلا أنها بيانات تبقى محدودة في ظل ظروف الواقع غير المسبوق والمرتبط بالعدوان الإسرائيلي على محافظات قطاع غزة، وما له من أثر مباشر وغير مباشر على الأفراد والجماعات ومقدّراتهم، الأمر الذى استوجب البحث عن العديد من الآليات للوصول لجميع السكان، ولذلك أطلقت الوزارة روابط بيانات للوصول لأكبر قدر ممكن من سكان محافظات قطاع غزة، كما أطلقت العديد من المؤسسات الدولية الشريكة روابط بيانات كل منها حسب اختصاصه، للوصول إلى أكبر قدر ممكن، كما اعتمدت منظمة الغذاء العالمي السجل المدني لسكان محافظات قطاع غزة الذى يشمل ويضمن الوصول للجميع.
وأشار عابد إلى أنّ الوزارة تسعى بانفتاح لخلق شراكة تكاملية على اعتبار أنّ عمل المؤسسات الأهلية يكمل العمل الحكومي، وأن واقع محافظات قطاع غزة الذي يتعرّض لعدوان غاشم للشهر الثامن على التوالي في ظل خسائر مئات الآلاف من الشهداء والجرحى، والمقدرات والمساكن والبنى التحتية ومجمل تلك الحرب العدائية التي شكلت إبادة فعلية، تستوجب من جميع المؤسسات ذات العلاقة والصلة أنّ تكون جديرة بالشراكة والعمل الإنساني وتجند نفسها وبياناتها لما يخدم المصالح الفضلى لمجتمعنا الفلسطيني.
أهمية توحيد المعايير والجهات المستهدفة
تشير البيانات إلى وجود قرابة 500 مؤسسة إغاثية تعمل في قطاع غزة، والتي لا يوجد تنسيق فيما بينها لتوجيه المساعدات وفق الحاجة الفعلية، ما يتطلب تعزيز الرقابة والشفافية في عملية التوزيع، وإن العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يجب أن يدفع الجهات المعنية للعمل على توزيعها وفق معايير موّحدة ونزيهة لضمان وصولها لمستحقيها. وأبرز الحلول لهذه المعضلة هو ضرورة إنشاء وعمل بوابة موحّدة لتوزيع المساعدات تشرف عليها وزارة التنمية الاجتماعية، وتشديد الرقابة والشفافية على الجمعيات والمؤسسات التي تتلقى المساعدات وتوّزعها، إضافة للإشراف والمتابعة على عمليات التوزيع والتأكد من سلامة وفعالية هذه العمليات، من خلال توحيد المعايير والجهات المستهدفة، وتوحيد أسماء المحتاجين، بما يساهم في عملية ضبط عمل الجمعيات والعاملين فيها تجاه تقديم المساعدات للمواطنين دون تحيّز أو تمييز أو تكرار...
وختاما، إن الدور الإشرافي والتنسيقي لوزارة التنمية الاجتماعية مع المؤسسات، يعد عنصراً حيوياً في عمليات توزيع المساعدات في القطاع، ويساهم في عدالة توزيع المساعدات، خاصة مع زيادة وتيرة الحرب وشح المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة بسبب الاحتلال الإسرائيلي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء