فراس ياغي يكتب لوطن: المسافة بين تغريدة "ليبرمان" على منصة "X"، والواقع هي "X"
"ليبرمان" رئيس حزب "يسرائيل بيتنا" يشطح كثيرا ويهاجم "نتنياهو" ويشيع بأن لدى "نتنياهو" خطة للإتفاق مع "المملكة العربية السعودية" مقابل الإعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو بذلك سيذهب للإنتخابات المبكرة " أي نتنياهو" للتهرب من مسئولية كارثة "السابع من أكتوبر" وبحيث يصبح شعار الإنتخابات القادمة هو الإتفاق مع "السعودية"، بدل إخفاق أكتوبر...
مشكلة "ليبرمان" هو عدم وجود ثقة فيه من قبل الدولة العميقة، حتى عندما كان وزير للدفاع لم يكن يتم إطلاعه على الأمور السرية والحرجة بسبب رفضه الجلوس على ماكنة "كشف الكذب"، لأن الأجهزة الامنية في "إسرائيل" يعتقدون أن له إرتباطات بالامن "الروسي"
"ونتنياهو" ليس بهذا الغباء اولا، ولديه معتقد ايديولوجي برفض فكرة الدولة الفلسطينية ومهما كان شكلها وطبيعتها ثانيا، لذلك يتمسك بإئتلافه ويرى أن التطبيع مع "السعودية" قادم بدون تقديم تنازلات، لأن ذلك حاجة "سعودية" "إتفاق الدفاع المشترك مع امريكا، واقامة المفاعلات النووية المدنية" وقصة الدولة الفلسطينية ليست سوى ذريعة أمام الرأي العام السعودي والعربي والإسلامي
والسعودية توافق على تصريح فقط من "نتنياهو" بما يتعلق بالدولة الفلسطينية مقابل الذهاب والتقدم للامام نحو صفقة التطبيع مقابل الاتفاقات الجديدة مع الولايات المتحدة وفقا للإعلام "الإسرائيلي" رغم أنني أشك في هكذا معلومات، ومع ذلك يرفض الوزير المتطرف "سموتريتش" ذلك ويقول لا دولة ولا تصريح حول الدولة
هناك ثوابت إستراتيجية تشمل جل الطبقة السياسية في "إسرائيل"، ما عدا احزاب "اليسار" الإجتماعي، لأنه لا وجود لشيء إسمه "يسار" سياسي في دولة الإحتلال، لأن من مبادي أي "يسار" وقوفه ضد إحتلال أرض الغير بالقوة وضد الإستيطان، في حين من قام بالإحتلال والإستيطان للأرض الفلسطينية هو ما يسمى "اليسار" في "إسرائيل'.
هناك ثوابت إستراتيجية الآن في دولة 'الكيان" عليها إجماع، وهي تتمحور حول التالي:
أولا- رفض كلي لإقامة دولة فلسطينية وبأي مسمى
ثانيا- فرض واقع أمني جديد وتحت الإشراف المباشر الإسرائيلي في قطاع غزة كما الضفة
ثالثا- فرض واقع أمني عبر الدبلوماسية أو بالقوة العسكرية في جنوب لبنان
أما المطروح على الأجندة "الأمريكية - الإسرائيلية" ولكنه مؤجل حتى تحقيق المتطلبات أعلاه فهو:
اولا- التطبيع، لأنه قادم وسيأتي بدون شروط بسبب تحقق ترابط المصالح بين "إسرائيل" و "الدول العربية السنية المعتدلة"
ثانيا- الحلف في مواجهة "إيران" او ما يعرف بِ "الناتو "العربي - الإسرائيلي" برعاية أمريكية، رغم أنه تحصيل حاصل، وهو قائم الآن عبر "القيادة المركزية" للأسطول "الخامس" الأمريكي و"إسرائيل" جزء منه كما العرب ومقره في "البحرين"
ثالثا- الوضع الداخلي في "إسرائيل" وتجاذباته ستكون هي القضية المركزية بعد تحقيق الأهداف "الإسرائيلية" العاجلة ضمن مفهوم التوجه الإستراتيجي الإسرائيلي تجاه الفلسطيني وفي المنطقة
أخيرا، تلك المخططات هي بالأساس تهدف إلى حسم الصراع مع الفلسطيني ومن ثم مع "محور المقاومة" ككل، لذلك تظهر حقيقة وأهمية تعزيز وترسيخ تحالف "محور المقاومة" الذي يقع على عاتقه إفشال الأهداف الإسرائيلية وفرض قواعد للإشتباك جديدةتؤدي لمنع الدول العربية السنية المعتدلة للذهاب بعيدا بدون أن يكون هناك حل للصراع المركزي والمتمثل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهذا لا يمكن تحقيقه دون هزيمة المشروع الصهيوني في المنطقة.
أمريكا ثبت أنها كانت ولا تزال تدعم المشروع "الصهيوني" في منطقتنا رغم التعارضات في المنطلقات والتوجهات بين "الأمريكي" و "الإسرائيلي"، لكن ذلك لم يصل ولن يصل لمفهوم "التناقض"، اي الخلاف كان وسيكون حول الاولويات، ومن السذاجة الإعتقاد بِ "الرؤيا الأمريكية" المستندة لمفهومي "التطبيع" و "الدولة الفلسطينية"، لأن ذلك يندرج تحت يافطة سياسة النفاق والخداع الأمريكية، ولو كانت النية الأمريكية صادقة لكان هناك اولا، "دولة فلسطينية"، وبعدها "تطبيع"، وقد تكشفت تلك النية في "الفيتو" الامريكي الأخير
الخيار الفلسطيني الآن اصبح محصور في حلف "المقاومة"، لأن كل ما قالته أمريكا للدول العربية السنية المعتدلة لم يكن سوى محاولة لتصفية القضية الفلسطينية بشعار الدولة المنزوعة السلاح الحافظة للأمن "الإسرائيلي"، و للاسف لا إرادة لتلك الدول لمواجهة كذب تلك السياسة، بل هناك تعاطي في الميدان يختلف جذريا عما يصرحون به في الإعلام.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء