ايران في هجوم مباشر على إسرائيل

16.04.2024 12:00 AM

كتب: يوآف ليمور:

توجد إسرائيل في الوضع الاستراتيجي الأكثر تعقيدا لها منذ حرب يوم الغفران، وربما في تاريخها. ما بدأ بمعركة ضد حماس في غزة أصبح حربا مباشرة وعلنية مع ايران، كمدخل محتمل لحرب إقليمية شاملة.

الهجوم الإيراني الذي بدأ أمس، ردا على تصفية قائد الحرس الثوري حسن مهداوي، نفذ بشكل غير مسبوق من الأراضي الإيرانية وليس فقط من خلال الوكلاء (وان كانوا هم أيضا يشاركون في الهجوم). فقد أطلق الإيرانيون بداية مُسيرات، لكن بوسعهم ان يطلقوا ثلاثة أنواع من الوسائل القتالية: صواريخ شهاب ذات الرؤوس المتفجرة ذات الاوزان المختلفة، التي يستغرق زمن طيراتها من إيران الى إسرائيل نحو عشر دقائق؛ صواريخ جوالة التي تحتاج الى نحو ساعتين للوصول من إيران الى إسرائيل؛ ومُسيرات من أنواع مختلفة، تطير ست ساعات فأكثر حتى الإصابة.

الصواريخ الباليستية سهلة على الكشف بسبب مسار طيراتها. زمن الطيران يسمح لإسرائيل بعدة فرص لاعتراضها بمنظومات حيتس المختلفة، وان كان تحدي المنظومات يزداد كلما كان عدد الصواريخ وعدد الأهداف أكبر. اما الصواريخ الجوالة والمسيرات فأصعب على العثور المسبق بسبب صورة الطيران المتدنية لها، لكن حقيقة أنها تطير ببطء نسبي تسمح باعتراضها بسهولة من لحظة العثور عليها. معقول أن في الجهد للاعتراض عليها ستشارك أيضا طائرات أمريكية ترابط في الخليج، ويحتمل أيضا طائرات من دول أخرى تنتمي للمحور الأمريكي في المنطقة.

ظهر امريكي

التنسيق الإسرائيلي – الأمريكي تم في نهاية الأسبوع في ختام زيارة قائد المنطقة الوسطى الامريكية الجنرال مايكل كوريلا الى البلاد والذي كان متواجدا أيضا عندما بدأ الهجوم الليلي. الامريكيون يساعدون إسرائيل في العثور المسبق على الاطلاقات من ايران ما يتيح لإسرائيل زمنا أطول للاستعداد للاعتراض والدفاع. التقدير المشترك بين الدولتين هو أن ايران اختارت الهجوم على اهداف عسكرية وليس مدنية كي تبقي السكان الإيرانيين خارج المعركة في حالة رد إسرائيلي على الهجوم.

الظهر الصلب الذي تمنحه الولايات المتحدة لإسرائيل يبرز بالذات على خلفية التردي في العلاقات بين الدولتين في الفترة الأخيرة. فادارة بايدن تثبت مرة أخرى، مثلما فعلت في بداية الحرب – بانه عندما يدور الحديث عن أمن إسرائيل فانها مستعدة لان تسير بعيدا جدا، بما في ذلك تعريض مصالح وجنود أمريكيين في المنطقة للخطر. وقد فعلت هذا رغم ان إسرائيل لم تشركها في قرار تصفية مهداوي، ورغم اقوال فظة قالها مسؤولون إسرائيليون في الأسابيع الأخيرة عن بايدن ورجاله.

وهذا يستوجب التساؤل مرة أخرى حول الحكم السياسية لنتنياهو وحكومته. فمبادرتها الى المواجهة مع إدارة بايدن هي خطر واضح وفوري على أمن إسرائيل. نتنياهو يعرف جيدا بان إداة الردع رقم واحد لإسرائيل على اعدائها هي العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة. حقيقة أن بايدن قطع أمس اجازته وعاد الى البيت الأبيض تدل على انه معني بان يكون قريبا من مركز اتخاذ القرارات في حالة اضطرار الولايات المتحدة للتدخل بنفسها في الحرب.

بعد النتائج

أوضحت إسرائيل في الأيام الأخيرة بانها سترد بقوة على الهجوم الإيراني. فعلى مدى السنين هددت إسرائيل ايران بالهجوم. وفي نهاية الامر كانت ايران هي من هاجمتها أولا. معقول أن ينشأ الرد الإسرائيلي الان عن مدى الهجوم الإيراني وطبيعته، واساسا من مسألة المصابين والضرر.

اذا نجحت إسرائيل في احباط معظم الهجوم ومنعت مسا بالارواح وبالممتلكات، فانه سيكون بوسعها أن تكتفي برد طفيف نسبيا قد يمنع فتح معركة شاملة. اما إصابة واسعة بمصالح إسرائيل فلا بد ستفضي الى رد فعل اشد باضعاف من شأنه أن يؤدي الى قتال في جبهات أخرى أيضا – وعلى رأسها ضد حزب الله في الشمال. وأوضح مسؤولون كبار في إسرائيل في نهاية الأسبوع بانه بدأ منذ الان الاستعداد للرد، وان كان القرار النهائي بذلك ستتخذ بعد تتضح نتائج الهجوم الإيراني المرتقب.

ان التورط في الساحة الإيرانية يستدرج بطبيعة الأحوال معظم الانتباه السياسي والأمني، لكن كل الجبهات الأخرى يجب أن تقلق إسرائيل جدا. قتل الراعي بنيامين احيمئير، الذي عثر على جثته صباح أمس يهدد باشعال الضفة على خلفية الخوف من اعمال ثأر يقوم بها اليهود. في جهاز الامن يستخدمون قوات غفيرة في محاولة للفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكن يخيل أن المنطقة توجد على شفا فقدان السيطرة.

كما أن اطلاق الصواريخ الى سديروت في ليل السبت ذكر بان غزة لا تزال تخضع، جزئيا على الأقل، لسيطرة حماس وان النصر الموعود بعيد عن متناول اليد كما يدعي رئيس الوزراء. فضلا عن ذلك فان تركيز الجيش الإسرائيلي في ساحات أخرى يقلل الاحتمال لتوسيع متجدد للقتال في غزة ويعطي عمليا حماس الهواء للتنفس دون أن تتلقى إسرائيل على ذلك أي مقابل بتحرير المخطوفين. وتلقى الأمور مفعولا إضافيا على خلفية الارتفاع المتوقع هذا الأسبوع في عدد شاحنات المساعدات الإنسانية التي ستدخل الى غزة (اكثر من 500 في كل يوم) والتي هي الأخرى تعطيها إسرائيل “بالمجان” ودون أن تجبي من حماس أي مقابل.

من الصعب تفادي الإحساس بان مسألة المخطوفين تهم الحكومة اقل. والدليل على ذلك جاء في اللقاء يوم الخميس بين عيناب فنغوكر ام نتان المخطوف في غزة وبين النائبين ميخالئيل فلديغر وسمحا روتمان من الصهيونية الدينية. وبينما وقفت فلديغر امام الام المتألمة واستمعت الى اقوالها القاسية، فضل روتمان الاختباء في سيارته والنظر في هاتفه. كان هذا مؤلما وفاتحا للعيون على حد سواء. الفهم في أنه بين منتخبي الجمهور عندنا أناس عديمو الرحمة والقلب.

على خلفية التطورات في الساحات الأخرى، سيكون المخطوفون بحاجة الى قدر كبير من الحظ كي تعود قضيتهم مرة أخرى الى راس جدول الاعمال. فيحتمل أن في غضون ساعات ستتطور حرب غزة الى حرب ايران، وربما الى حرب واسعة تضم أيضا حزب الله وجهات أخرى. هذا يستدعي من إسرائيل حكمة استراتيجية واعصاب من حديد: التفكير بعمق بكل خطوة وعمل والتشاور والتنسيق مع الشركاء والمعرفة لاسكات الضجيج الجانبي والتركيز على الأساس.

النصر الموعود بعيد

قبل ستة اشهر واسبوع خرجت إسرائيل الى حرب في غزة. وهي بعيدة عن تحقيق أهدافها. حماس لم تهزم بعد، والمخطوفون لم يعودوا الى الديار. كما أنها بعيدة عن تحقيق أهدافها الفرعية: حزب الله لم يُبعد عن حدود الشمال، الضفة تهدد بالانفجار والشرعية الدولية لإسرائيل في درك اسفل غير مسبوق. بدلا من تحقيق كل هذه الأهداف، إسرائيل قربت نفسها بكلتي يديها من حرب مع ايران ومن إمكانية انفجار إقليمي شامل.

هذا بالضبط ما أراده السنوار في 7 أكتوبر. على إسرائيل أن تفعل كل حكمتها وقوتها كي لا تعطيه ما يريده. وهذا يستدعي من الجمهور ان يكون هادئا ومن الحكومة ان تفكر من الرأس وليس من البطن. سلوكه حتى الان في المعركة لا يبر بالخير. ينبغي الامل في أن تتعالى الان الى مستوى التحدي التاريخي الذي بانتظارها وبانتظارنا جميعا.

———————————————

تصميم وتطوير