الأبناء والانفصال

14.04.2024 11:41 PM

كتبت سوزان فخري خلايلة،بإشراف د. فلسطين نزال:  تعتبر الاسرة البنية الأساسية والاولى لبناء وتطور المجتمع لذلك لا بد من تسليط الضوء على أهم المشكلات التي تهدد كيان الاسرة وتماسكها كونها الوحدة الأساسية في بناء المجتمع واي خلل بالمنظومة الاسرية وقيمها الخاصة يعتبر استخفاف بالحياة الأسرية مما سوف يشكل خطراً على افراد الاسرة كانفصال الآباء وتأثير هذا الانفصال على الابناء.

من الطبيعي ان تنتج عدة آثار على الابناء بسبب الطلاق، لكنها تختلف بشدتها من طفل لآخر اعتماداً لعمره، نضجه أو طريقة الانفصال نفسها، ويقع على عاتق الاهل مسؤولية كبيرة في جعل الابناء يتقبلون الانفصال، لأنه سوف يؤثر عليهم بجوانب عديدة من الاثار سواء نفسية، اجتماعية وأكاديمية. ومن هنا كان لابد من مناقشة مع مقابلة بعض الأبناء ولكن قبل ذلك لابد من توضيح بعض الجوانب التي تتأثر نتيجة الانفصال منها .

الجانب النفسي والعاطفي: -

يواجه الابناء صعوبة في التحكم بمشاعرهم وتقبل الانفصال فلا بد ان يتأثرون نفسياً وعاطفياً، اي يظهر عليهم الشعور بالحزن والقلق وعدم التأقلم مع انفصال والديهم، لكن تختلف هذه المشاعر بحسب عمر ونضج الابناء، فمن الممكن ان يظنون وهم في سن صغير أنهم السبب في الطلاق وتسيطر عليهم مشاعر الذنب، اما الكبار من الابناء افقد تكون ردود أفعالهم مختلفة بالقل والحزن الشديد أو حتى الاشمئزاز من الأسرة.

(ل.ن) فتاة تبلغ من العمر ١٧ عاماً اي ما زالت في فترة المراهقة عند حديثي معها صارحتني كيف تشعر بسب انفصال والديها اي انها تعبر عن حبها بالتساوي للاثنين ولا تميز طرف عن اخر، لكنها تشعر بعدم الرضا عن نفسها وتأنيب ضمير والخوف من زعل اي أحد منها. تحمل نفسها امور أكبر منها وهذه المشاعر جعلتها غير مستقرة نفسياً وعاطفياً وتبدو دائماً بملامح حزينة.

بينما (ج.ك) فتاة تبلغ من العمر ٢٤ عاماً عند اجراء المقابلة معها حول انفصال والديها كانت تبدو وكأنها مرتاحة أكثر وقالت لي ان والديها أصبحوا يحبوها بشكل أكبر وطلباتها لم ترفض اي انها اصبحت البنت المدللة من قبل الاثنين. عند اجراء مقابلة معها حول موضوع انفصال والديها انها تتمنى ان تكون كصديقاتها الاخرى تذهب مع والديها معاً ويعيشون في نفس المنزل ولا تضطر ان تذهب الى اباها يوم في الاسبوع لكي تراه، تتمنى لو لديها اسرة متماسكة تخلو من المشاكل اي بالرغم من دلالها الا انها تشعر بنقص وفراغ وكره في بعض الاحيان للطرفين.

الجانب الاجتماعي: -

له عدة مظاهر كضعف التواصل لدى الابناء مع افراد اسرتهم او ابناء جيلهم، بسبب المشاعر السلبية المكبوتة بداخلهم والناجمة عن الطلاق. وتؤثر ايضاً على علاقات الابناء المستقبلية وفي حال تأسيس اسرة يكونوا أكثر عرضة للطلاق من غيرهم وسبب ذلك عدم الثقة والامان في شركائهم ونقص المشاعر والعواطف الايجابية واستبدالها بمشاعر سلبية. اي يكونوا غير قادرين على حل المشكلات الزوجية فيكون مصيرهم الطلاق بنفس طريقة والديهم.

(ل.ن) فتاة تبلغ من العمر ١٧ عاماً عند مقابلتي لها في موضوع انفصال والديها اخبرتني ان علاقتها مع اقرانها في المدرسة غير جيدة ولا تحب ان تذهب الى المدرسة تفضل البقاء لوحدها في معظم الوقت.

الجانب الأكاديمي: -

لا بد من ملاحظة تدني في المستوى الأكاديمي للأبناء الذين تم انفصال والديهم ومروا بظروف نفسية صعبة بسبب قرار الانفصال حيث اصبحت عدة تغيرات جديدة كتغيير السكن وما بترتب عليه من إيجاد معارف وأصدقاء جدد جدد وكل هذه التغييرات تعيق ذهابهم للمدرسة وتقلل من رغبتهم في التعليم وبالتالي تدني في مستواهم الأكاديمي والتعليمي، لذلك هم بحاجة لدعم وتشجيع بشكل كبير من قبل والديهم والمعلمين ومساعدتهم على تقبل موضوع الانفصال وتحفيزهم على حب التعليم وفائدتهُ عليهم.

(ل.ن) فتاة تبلغ من العمر ١٧ عاماً عند انفصال والديها اخبرتني انها انقطعت عن الذهاب للمدرسة فترة طويلة ما يقارب العشرة ايام وعندما عادت لم يكن لديها القدرة على التركيز في الصف وطوال الوقت عقلها مشوش مما ادى بها الحال الى تدني في علاماتها وتم توجيهها الى مرشدة المدرسة مرة في الاسبوع بهدف تشجيعها وتحسين حالتها.

من هنا ومن خلال ما تم عرضة كان لابد من توضيح موضوع الطلاق للأبناء والتأكيد على ان الانفصال لا يغير حياتهم للاسوا ويقلبها، بل يساعد في استقرارهم أكثر وراحة أكبر بسبب قلة الخلافات والمشاكل التي تعمل على توتر الافراد جميهم. اي ان للانفصال جانب ايجابي أيضاً.

ويقع على عاتق الاهل تقديم الدعم للأبناء في حالات الانفصال قد يكون مفيد جداً لهم، ويجب على الاهل مساندتهم المستمرة والاستماع لهم في اي وقت كان، وفهم مشاعرهم وعدم الاستهانة بها وتوجيههم إلى اخصائي نفسي إذا كانوا يعانون من مشاكل نفسية أو صعوبات في التعامل مع الانفصال، فقد يكون من الضروري البحث عن مساعدة من أخصائيين في المجال النفسي.

ويجب الاتفاق بين الاهل على ان يتصرفون بشكل جيد امام ابناءهم حتى بعد الطلاق وعدم المشاجرة امامهم، والمساعدة في الحضانة وعدم إلقاء المسؤولية الكاملة على الطرف الذي يعيش معه الابن، وعدم الانقطاع عن لقائهم، وزيارتهم، واصطحابهم لاماكن ترفيهية والاتصال بهم دائماً، وعدم إشعارهم بالبعد او التخلي عنهم، حتى بعد حصول الطلاق.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير