بثينة حمدان تكتب لوطن: مُسلسَل "الحشّاشين" يَهدِم قُبّةُ الصَّخرَة!!!

12.04.2024 03:18 PM

في مشهد ضمن مسلسل "الحشاشين" الذي عُرِض في شهر رمضان حيث تظهر قبة الصخرة الذهبية من الأعلى وقد بدت مهشمة مدمرة وتكرر المشهد في عدة حلقات منها المشهد الأول من الحلقة 15 والتي تدور أحداثها بالقدس مع وجود الإمام الغزالي فيها أشهر علماء المسلمين وعدو حسن الصبّاح كبير الحشاشين، وفي الحلقة 29 بعنوان "سيرة مولانا" وغيرها. هذا العمل الدرامي الذي وُصِفَ بأنه الأضخم في هذا الشهر الفضيل هشّم قبة الصخرة التي عرج منها نبينا محمد (ص) إلى السموات العلا، وبالتواصل مع المختصين بشؤون القدس أكدوا أن قبة الصخرة لم تتأثر على مدار التاريخ ومنهم خليل التفكجي خبير الخرائط في جمعية الدراسات العربية بالقدس والذي أشار إلى أن حتى الزلزال لم يدمرها، أما الدكتور نظمي الجعبة ابن القدس وأستاذ التاريخ في جامعة بيرزيت فقال: "لم تهدم قبة الصخرة أبداً منذ بناها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام 72 هجري/691 ميلادي، لم تسقط أبداً لا بفعل العوامل الطبيعية أو بفعل البشر". فيما قال المؤرخ والدكتور يوسف النتشة مدير مركز دراسات القدس "لم تُهدم القبة يوماً ولا حتى أجزاء منها، مبنى القبة يرفض أن يَشيخ أو يجدد نفسه ضمن منظومة القيم الجمالية والروحانية".

وفي الوقت الذي تعيش فيه فلسطين حربَ ابادة للانسان والتراث والتاريخ والثقافة، حرباً اسرائيلية صهيونية شرسة طالت كل مكونات حياتنا خاصة في قطاع غزة التي تعيش منذ شهور أقسى أنواع القتل والتهجير والتجويع والتدمير لكل معالمها وعلى مرآى من العالم الذي لم يستطع وقف هذا الذبح، عدا عما يعيشه بيت المقدس ثالث أقدس الأماكن الاسلامية على وجه الأرض من تهويد وتزوير وتشويه ومحو للتاريخ الاسلامي والكنعاني الفلسطيني، في هذا الوقت كنا ننتظر عملاً فنياً درامياً أو سينمائياً أو غنائياً يتناول هذه المأساة الفلسطينية التي تضرب العمق العربي والاسلامي والانساني العالمي، لكن أطل علينا مسلسل "الحشاشين" والذي يتناول أبشع الطوائف التي حاربت الإسلام، يضم أشهر الفنانين وبإخراج وإنتاج بتقنيات فنية ودرامية وجرافيك على أعلى المستويات. بينما كل هذا يحدث، هشَّم هذا العمل للأسف قبة الصخرة ضمن سياق لم يحدث ولم يثبت تاريخياً بل وبصورة مجتزئة لا تظهر كنيسة القيامة مدفن سيدنا عيسى المسيح عليه السلام التي اعتدنا أن تظهر ملاصقة للقبة في كل صور المدينة.

نعم هذه المرة تأتينا الطعنة عبر الدراما المصرية! فهل يريدون لنا أن نتوقع ونعتاد مشهد تدمير قدسنا والتي لم ينجح العدو الإسرائيلي بمسها تحقيقاً لإدعائهم المزعوم بوجود الهيكل ولم تنجح حفرياتهم كلها تحت الأرض وفوق الأرض بإيجاد أي دليل تاريخي على مزاعمهم.

هل صوَّر المسلسل أصفهان بكل هذه التفاصيل مُسَخِّراً امكانياته الفنية عالية المستوى.. وعَجِزَ عن تسخيرها للقدس؟ وهل هذا المشهد المشوِّه للتاريخ غباء اصطناعي ودرامي وتاريخي وسياسي مفتعل أم مقصود! ؟! إنه وبكل أشكاله غير مبرر وقاسي على قلوبنا وعقولنا بكل ما نعيشه في فلسطين من مسيحيين ومسلمين، ولا يمكن قبوله هكذا دون توضيح وبدلائل دامغة، وباستشارة أصحاب الأرض والمكان ففي فلسطين علماء ومختصون أكثر قدراً وخبرةً وثقافةً يستحق الأمر اشراكهم في سياق التحضير لأعمال تمس تاريخنا المشرف.

أطالب أسرة المسلسل بالاعتذار والتوضيح وإعادة مونتاج هذا المشهد بالشكل الصحيح تاريخياً قبل بيعه وبَثِّه في أي محطة وعلى أي منصة رقمية. كفا فلسطين جروحا وكفانا استهتاراً بقضيتنا المقدسة العادلة.
التاريخ معنا فلا تكونوا علينا...

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير