اليوم التاسع والستون بعد المائة لحرب الإبادة على غزة، 23 مارس 2024

زينب الغنيمي تكتب لوطن من غزة: يوم يمرّ والإنهاك ينخر رؤوسنا من التفكير بكيفية تدبير الحاجات الأساسية لاستمرار بقائنا

25.03.2024 01:43 PM

هذا يوم آخر من الخوف والقلق والتوتر وتشتت التفكير مثل كل الأيّام التي مرت في ظل العدوان الصهيوني القاسي، وعلينا في ذات الوقت البحث عن حاجاتنا الأساسية لاستمرار بقائنا على قيد الحياة.

كانت حصّة اليوم من الخبز هي الأخيرة حيث نفذ كيس الطحين الذي اشتريناه بمئتي دولار. ومنذ عدّة أيّام كان قد بدأ كلّ فردٍ في المنزل معي بالاتصال بمعارفه وأصدقائه لنتمكّن من تأمين الطحين مجددًا بنفس الكميّة أو أقل، ونحن جاهزون لشرائه بأيّ ثمنٍ لأنه لا يوجد أيّ بديلٍ يسدّ الجوع بعد نفاذ الأرز، وبعد أن فقدنا الأمل في الحصول على أي نوعٍ من المساعدات نتيجة سياسات حكومة الحرب التي تصرّ على إطلاق النار على كلّ من يقترب من نقطة عبور شاحنات المساعدات.

شعرت بالاختناق من التفكير بأسعار السوق حيث أرسلت حفيد قريبتي لاستطلاع الوضع، فوجدَ كيلو الأرز المصري محدود الجودة والذي لا يصلح للطبخ بستّين شيكلا (16.5 دولارًا)، وقد حصل عليه البائع من المساعدات وبالتأكيد قرّر التخلص منه بالبيع وشراء طحين بثمنه. وكان العدس بنفس السعر، أمّا الخضروات الآتية من الجنوب فقد وجد الجزر بتسعين شيكلا للكيلو الواحد (24.7 دولارًا)، والبطاطس كذلك، بل وأعلى من ذلك الخيار والطماطم. لذا، سنعود مجددًا للحماصيص والخبيزة إن وجدوا في السوق.

قررت الاستحمام للتخلص من همّ التفكير، ولعلّني أخرج من حالة القلق، ثمّ قررت غسيل الملابس التي أصبحت كومةً كبيرة بسبب قلة المياه، وبمشاركة قريبتي قضيت ساعاتٍ منشغلةً بالأمر.

هذا للأسف حال كلّ من يقيم في مدينة غزة وشمالها. التفكير الذي لا يتوقّف بتدبير الطعام والماء، ومتابعة الأخبار حتى لا نُفاجئ بهجومٍ جديد من الجيش الصهيوني.

اطمأننت اليوم على إحدى الأسر التي أُصيب أفرادُها بشظايا قصف مبنى قريب منهم، ولكني حزنت كثيرًا بعد أن علمت أن منزل صديقتي الذي كانوا يقيمون فيه دبّت النار فيه جراء تلك الشظايا واحترق كامل العفش بداخله. حاولت تأمين بعض الاحتياجات الخاصة للزوجة، ولكنّني أعلم انهم يبيتون في وضعٍ صعب نتيجة النزوح العاشر لهم من مكان لآخر بعد أن قُصف وتهدّم منزلهم بالأصل في بدايات العدوان.

ما زلنا مقيّدي الحركة ونمارس الحذر، حيث ما يزال الجيش الصهيوني في محيط مجمع الشفاء، وما زال يمارس فاشيّته ضد الشعب. لكن، وفي فترة العصر، جاء أحد الأقارب بكميةٍ محدودةٍ من الطحين، وجاء صديقٌ بكميةٍ أخرى، وهو ما بعث بعض الأمل فينا على الأقل.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير