فراس ياغي يكتب لوطن.. إسرائيل "محمية امريكية" والخلاف بين بايدن ونتنياهو تكتيكي وانتخابي

23.03.2024 11:20 PM

كثيرون يتساءلون  عن ما هي الخطوط الحمر التي لا تسمح أمريكا إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتياهو بتجاوزها؟ ولكن السؤال الاهم ما هي الخطوط الحمر التي لا يمكن لأمريكا ولا تسمح لها بأي ضغط على نتنياهو ولا على إسرائيل؟

,وللإجابة على ذلك علينا معرفة ماذا تريد أمريكا:

أولا- ممنوع هزيمة إسرائيل
ثانيا- يجب القضاء على حماس وفصائل المقاومة
ثالثا- عملية رفح يجب ان تكون ضد الأهداف ذات القيمة العليا لحماس وبنيتها التحتية وليس إجتياح يؤدي لكارثة إنسانية ستؤدي لعزلة إسرائيل دوليا وتؤدي لتورط إسرائيل في تعميق إحتلاله للقطاع "هذا ما يريده نتنياهو"
رابعا- تريد إدارة بايدن تحرير الأسرى المحتجزين لإعتبارات سياسية إنتخابية
خامسا- تريد ادارة بايدن خطة لما بعد الحرب ونتنياهو لا خطة لديه
سادسا- لا تراجع بالمطلق عن تزويد إسرائيل بالسلاح ولا بالدعم الإقتصادي ولا الدولي، ومشروع القرار الامريكي في مجلس الأمن يوضح ذلك

إجمالا
نتنياهو وبايدن كل يصارع لأجل مستقبله السياسي، وبايدن يريد الناخب اليهودي والناخب العربي والمسلم، لذلك يقوم بأكبر عملية علاقات عامة أساسها حديث كبير عن الخلافات والتباينات مع نتنياهو وعبر كل وسائل الإعلام، ولكن دون أن يرافق ذلك أي خطوات عملية، وهذا ما يعلمه نتنياهو جيدا، لذلك يعلم ان الشقاق الحاصل بين الطرفين ليس حقيقي، ويستغل نتنياهو ذلك لتعزيز قوته في الداخل الإسرائيلي وبالذات لدى كتلة اليمين

إذا الذي يحدث هو تقاسم ادوار بين الطرفين، يتم خلالها القيام بعملية تزييف واسع عبر الحديث عن الخلافات لتستطيع من خلاله إدارة بايدن تلطيف وضعها الداخلي والدولي، وبما يؤدي لحماية إسرائيل من نفسها، لأنها وفق "عاموس هارئيل" المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، اعطت لنفسها الوصاية على أمن إسرائيل، بعد السابع من أكتوبر، حيث تأكدت أن إسرائيل لا تستطيع حماية نفسها بدون الولايات المتحدة، فاحضرت حاملات الطائرات، وزودت اسرائيل ولا تزال بكل انواع السلاح والذخائر، وحمت اسرائيل دوليا وفي مجلس الأمن، وحضرت إجتماعات مجلس الحرب وكانت جزء من الخطط العسكرية تخطيطا وتنفيذا حيث تجوب الطائرات الامريكية والبريطانية اجواء قطاع غزة، لذلك نرى التحرك الامريكي والذي يعطي لإسرائيل حرية العمل في ساحة ويقيده في ساحة اخرى، في محاولة واضحة لكي تتلاعب بالساحات وتشعرها بانها ضد توسيع المعركة وتترك يد إسرائيل تفعل فعلها في غزة كما حدث، وفي نفس الوقت تخدر تلك الساحات بحجة الخلافات مع نتنياهو وبما يؤدي للتركيز على تلك الخلافات اكثر من القيام بخطوات عملية ضاغطة على امريكا من قبل تلك الساحات

في مقال للدكتور انطوان شلحت بعنوان " إعترافات إسرائيلية: الوقائع تثبت أن إسرائيل محمية أمريكية" يشير لما يقوله الباحت د. تشاك فرايليخ، وهو نائب سابق لرئيس مجلس الامن القومي الإسرائيلي، وهو باحث كبير في معهد أبحاث الامن القومي في جامعة تل ابيب في مقال نشره في جريدة "غلوبس الإسرائيلية" يوم 16 مارس/آذار، 'إسرائيل هي محمية امريكية ومن يقول غير ذلك فهو لا يعكس حقيقة الواقع، فإسرائيل ليس فقط تتلقى مساعدات مالية امريكية تشكل 2% من الميزانية الوطنية، بل تشكل 20% من ميزانية الأمن، و 40% من ميزانية الجيش، فكل المشتريات العسكرية تغطيها هذه المساعدات، واكثر من ذلك، لا يوجد دولة في العالم غير الولايات المتحدة قادرة على تزويد إسرائيل بكل وسائل القتال كما ونوعا، ولا يوجد دولة تشكل غطاء وحماية دولية لإسرائيل إلا الولايات المتحدة، بل قامت بإرسال حاملة طائرات في سبيل ردع "إيران" و "حزب الله"، لذلك فإسرائيل هي محمية أمريكية"

إذا كانت إسرائيل كذلك وفق "فرايليخ" فإن "بايدن" وإدارته تكذب لأنها تستطيع وقف حرب الإبادة متى تشاء وبقرار حازم، لكن وفق كل المعطيات الرئيس "بايدن" ومساعديه يرون ان إستمرار الدعم لإسرائيل بلا حدود هي لا تزال السياسة الصحيحة للإدارته

"بايدن وبلينكن وسوليفان" ومجمل إدارته التي أغلبها من مؤيدي "إسرائيل" من اليهود الأمريكان، تريد تحقيق كل الاهداف الإسرائيلية لانها نفس الاهداف الأمريكية، الخلاف أن تحقيق تلك الأهداف بالطريقة الأمريكية تتعارض مع المصالح الشخصية لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، إذا الخلاف على الوسائل وليس على الأهداف، وهذا ما يجعل رئيس المحمية الأمريكية "نتنياهو" يتعامل بوقاحة منقطعة النظير مع رؤساءه، لأنه يرى في الخلاف بانه تكتيكي ومرحلي ولا علاقة له بالثوابت الإستراتيجية، فالمحمية الأمريكية "إسرائيل" أهم بكثير للدولة الامريكية ومصالحها في المنطقة وانعكاس ذلك على الداخل الأمريكي السياسي من اي خلاف سببه دماء وحياة الفلسطيني، محمية بايدن وأمريكا قتلت وجرحت أكثر من 110 آلاف فلسطيني اكثر من ثلثيهم أطفال ونساء، ودمرت كل قطاع غزة، ومع ذلك لا يزال الامريكي إما يؤكد على حق إسرائيل في الدفاع وحماية نفسها او يصرخ بضرورة تجنب قصف المدنيين، وكأنه يطالب بقتل عشرة مدنيين بدل مئة، ويطالب بقصف حي بقذيفة او قنبلة بوزن اقل من آلاف الارطال التي تستخدمها إسرائيل

محمية بايدن الإسرائيلية ستبقى بالنسبة لامريكا هي درة التاج، ولن تجرؤ على القيام بأي خطوة إلا إذا علمت أنها تغرق وان عليها التدخل لحمايتها من الغرق، وهي بدأت تلمس ذلك، ولكنها لم تصل بعد للنقطة الحرجة، لذلك ستبقى قصة إجتياح "رفح" سيف "نتنياهو" المسلط على الجميع، يستغله لتحسين وضعه الداخلي، لكنه سينفذه لأنه يريد إحتلال "غزة" وفرض السيطرة ألأمنية عليها وفي حرب لا تنتهي طوال عام 2024، اليس "نتنياهو" و"غالانت" وزير الدفاع و"هيرتسي هاليفي" رئيس هيئة الاركان في الجيش الإسرائيلي هم من قالوا: "أن عام 2024 هو عام للقتال والحرب"

سيبقى "بايدن" يمتعض من سياسة "نتنياهو"، وسيبقى "نتنياهو" يتعاطى بحذر مع الوسائل والخطط الامريكية، لكنه في النهاية سينفذ خططه، و"إسرائيل" ستبقى كما كانت "محمية امريكية"، ومن يراهن على أن تتخذ أمريكا موقف ضد محميتها فهو واهم أو تتداخل عليه الأمور بسبب من حجم التصريحات والضخ الإعلامي عن الخلافات بين "إدارة البيت الأبيض" و"نتنياهو"، خاصة أن كل "مجلس الحرب" يريد إجتياح "رفح" وليس فقط "نتنياهو"، وكل ما يحدث ليس سوى تقسيم ادوار وعملية علاقات عامة وتبريرات مسبقة لكل ما سيحدث مستقبلا، في ظل صراع "بايدن" على البقاء والنجاح في فترة ثانية للرئاسة، و"نتنياهو" الذي يكافح ليهرب من سيف العدالة الذي يتربص فيه بعد إنتهاء الحرب، لذلك لا يريد لها نهاية قبل ان يُحقق ما يحلم فيه بأنه الوحيد الذي إستطاع حماية أمن إسرائيل ومواطنيها استراتيجيا بما يحوله إلى بطل وليس متهم، حلم ستقبره غزة في رمالها وأنفاقها لأن غزة كانت وستبقى قاهرة وقابرة لكل غُزاتها

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير