بعدسة جنود الاحتلال.. عشرات مقاطع الفيديو والصور التي تظهر جرائمهم في غزة

كتب: يونس الطيراوي
في زمن النكبة المتجددة، ينبعث واقع مؤلم يتدفق من صفحات التواصل الاجتماعي خلال العدوان الحالي على أهالي قطاع غزة، وربما يكون من الصعب على الناس التعود على هذا الواقع من خلال المشاهد المؤلمة التي يتم بثها من قبل وسائل الإعلام والكاميرا الفلسطينية طيلة الحرب. ولكن مع ذلك، سننقل في هذا المقال الاستقصائي بشكل فريد عدسة الجندي الإسرائيلي، إلى مشاهد حصرية لم يتم نشرها من قبل أو توثيقها في وسائل الإعلام، كاشفين عن جرائم جديدة في غزة، والتي نكشف عنها لأول مرة، ولا يمكن تفسير نشرها من قبل الجنود إلا بظاهرة تعبر عن "فوق القانون" لدولة الاحتلال، وعدم اكتراثها من المحاسبة والمساءلة و الردع من المجتمع الدولي.
على صفحات مثل الإنستغرام وفيسبوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، تتجلى ظاهرة نشر جنود جيش الاحتلال لصور الوحشية والجرائم التي يرتكبونها على أكتاف المعاناة المتزايدة في القطاع. من صور لحرق البيوت وتفجير الممتلكات، وتفاصيل مهينة للمختطفين الفلسطينيين. بدعم من المصادر المفتوحة على مواقع التواصل، قامنا بالعثور على عشرات من التوثيقات من داخل عدسة جنود الاحتلال والتحقق من هوياتهم ووحداتهم.
نبدأ مع الجندي (ن،د) الذي يعرف عن نفسه أنه تابع للواء جيفعاتي الكتيبة 424، في شهر نوفمبر السابق ، قام الجندي بمشاركة منشور كتب فيه “أشياء مقرفة وغبية مع الشباب”، ويظهر فيه حرق أحد بيوت الفلسطينيين في مدينة غزة.
أما رابطة تجمع سرية ال٤٩ التابعة لكتيبة شاكيد في لواء جيفعاتي، فقد قاموا بنشر فيديوين على صفحتهم على إنستغرام. في هذه الفيديوهات، يظهر الجنود و هم يقومون برمي العلم الفلسطيني ورفع العلم الإسرائيلي على كلاً من مدرسة ومبنى جامعة الأقصى في مدينة غزة، مع العلم أن ادعاء جندي الاحتلال في الفيديو بانه يوجد نفق تحت جامعة الأقصى هو كذبة، وحتى جيش الاحتلال لم يدعي ذلك الادعاء في أي من بياناته أو تصريحاته.
لواء المظليين- الفرقة ٩٨
أما لواء المظليين في الفرقة ٩٨ التي عملت في كل من غزة و خان يونس فقد قام عدة ضباط و جنود بنشر توثيقات لهم خلال تواجدهم داخل القطاع. حيث قام جندي في هذه الفرقة بنشر فيديو له وهو يطلق صاروخًا محملًا على الكتف على مبنى قريب في منطقة نتساريم جنوب مدينة غزة في ١٤ مارس، ثم قام بحذف الفيديو بعد وقت قصير.
أما جندي آخر نشر فيديو له وهو يقوم بتفجير مبنى في خان يونس في يناير الماضي، علق عليها بعبارة باللاتينية “النصر الكامل الساحق”.
تلك الحوادث ليست معزولة كما يدعي الناطق باسم الجيش في تصريحاته لوسائل الاعلام بل ظاهرة منتشرة في جذور الوحدات المقاتلة حيث أصدر كبير محامي جيش الاحتلال، المدعي العام العسكري يفعات يروشالمي، تحذيراً في 21 فبراير/شباط لقادته بشأن سوء معاملة المحتجزين والنهب وتدمير البنية التحتية. لدينا هنا على سبيل المثال ضابط آخر برتبة نقيب من لواء المظليين كتيبة ١٠١ قام بنشر مشاهد له وهو يشرب الأرجيلة المسروقة من أحد البيوت المدمرة برفقة جنود آخرين في الشهر الماضي.
لواء نحال - حرق، تنكيل بجثث و تصوير الأطفال المرعوبين تحت تهديد السلاح
تصاعدت اعترافات و مشاهد ارتكاب قوات الاحتلال لجرائم الحرب في غزة مع مرور الوقت. و مع ازدياد العدوان سوءاً، ازداد المشاهد التي ينشرها الجنود على حساباتهم.
ففي لواء نحال، قام جندي أخر يعرف عن نفسه أنه تابع للكتيبة ال 931 بنشر صور عدة له من داخل القطاع و اعترف بشكل صريح باللغة العبرية عن عدة جرائم حرب قام بها من حرف للبيوت و التنكيل بجثث الفلسطينيين. حيث كتب معلقاً : " نعم، كنت في غزة وكان لي الشرف.. كان لي شرف الدوس على جثث الإرهابيين [الفلسطينيين] و كان لي شرف حرق منازل الإرهابيين [الفلسطينيين]. كان لي شرف الاستيقاظ في الصباح ورؤية منزل في غزة يسقط. كان لي شرف القتال هناك إلى جانب إخوتي في السلاح. وللأسف فقدت أشخاصاً عزيزين عليّ في هذه الحرب."
أما ضابط آخر برتبة نقيب من نفس الكتيبة، فقد نشر صورًا من داخل قطاع غزة، تظهر جنودًا يحملون لافتة مكتوب عليها "غوش قطيف.. عائدين إلى البيت"، بالإضافة إلى صور التقطها يظهر فيها أطفالًا ونساءًا مرعوبين يتم ترحيلهم تحت تهديد السلاح من منازلهم في مدينة غزة خلال شهر ديسمبر الماضي.
ضابط آخر برتبة ملازم في نفس اللواء نشر صور له من داخل المنازل المدمرة في غزة، وعلق باللغة العبرية: "غزة ليست على الخريطة بعد الآن".
ونشر ضابط آخر برتبة نقيب صورًا تظهر فيها اختطاف العشرات من الفلسطينيين، بمن فيهم أطفال، من مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة في شهر ديسمبر الماضي، وعلق باللغة العبرية: "غزة > الخلاص الهي"، بالإضافة إلى صور أخرى مخلة.
"غداً سنفجر غزة - التخريب يا أصدقاء ت-خ-ر-ي-ب!"
و في خان يونس في الشهر الماضي، قام جندي آخر بنشر فيديو له من داخل أحد المباني يعرض فيها أطنان من المتفجرات و جندي أخر يسأله "ماذا لديك لتقوله عن كمية المتفجرات الموجودة لدينا هنا الآن؟" و أجاب عليه "وضعنا هنا حوالي 200 لغم ثقيل. لقد فتحناها وقمنا بإعدادها بشكل جيد… كما ترى طبعا مع شخص [عيزو]. سريتنا عظيمة. في كل لغم، عليك سحب الأمان حتى تتمكن من تفجيره. وغدا سنفجر بها غزة" واضعاً تعليق "التخريب يا أصدقاء ت-خ-ر-ي-ب!".
في فيديوهات أخرى له نشرت في نفس اليوم يعرض فيها تفجير مباني في خان يونس.
جندي أخر نشر قبل ٣ أسابيع تبدو من مخيم الشاطئ مشهد يظهر فيها اختطاف العشرات من مدرسة تابعة للأمم المتحدة.
وفي مناسبة أخرى، قام جندي برتبة رقيب أول بالكتابة على أحد الجدران في غزة في شهر نوفمبر "صباح الخير يا غزة… سخّني الماء.. لأننا جئنا لنصنع لك القهوة المرة" الجملة العبرية يمكن ترجمتها للمثل الشعبي "هنفرجيكي المر".
"معرض الأفق الذهبي - معرض الجنون الإسرائيلي: توثيق لانتهاكات جيش الاحتلال في غزة"
من ضمن المئات الفيديوهات المنتشرة على وسائل تواصل اجتماعي يبرز هناك صفحة عجيبة يديرها مصّور محترف و هو جندي كان يقاتل في غزة ضمن لواء نحال. نشر العديد من الصور المهينة والغريبة التي تظهر انتهاكات جيش الاحتلال.
فعلى سبيل المثال و في مستشفى الأندونيسي في جباليا، يتحدث جندي عن كيفية تصويره لفلسطينيين تم اختطافهم و عرضهم بطريقة مهينة بعد تعريتهم و تكبيلهم. يعترف الجندي بأنه اختطف "مدنيين" ويعلق على الصورة بقوله: "هنا بدأ الأمر يصبح صعبًا، نبدأ بالتعامل مع المدنيين، الأضرار التي لحقت بالمدنيين (الذين كانوا في منطقة القتال لسبب ما) - التفوق لسبب كهذا هو شعور مرعب. أن أنظر إلى أعين الناس - أنه لو انقلب الوضع، لكانوا قد أطلقوا رصاصة في رأسي دون حتى أن يطرحوا أسئلة - ورؤيتهم ينتهي بهم الأمر بالمغادرة ومعهم الطعام والشراب. المستشفى الاندويسي- من الجنون رؤية مستشفى يشبه نهاية العالم. لقد وصلنا إلى هنا [المستشفى] بسبب تفجير المباني لمسافة أمنية، ولا تزال تجربة التواجد في الداخل تستحق المشي."
و أرفق صورتين أخرين من نفس الحدث يظهر فيها الجنود و هم جالسون يستمتعون بالنظر الى ٤٥ فلسطينياً تم تعريتهم و تكبيلهم للتحقيق و يقول الجندي معلقاً على الصور: "الصورتان الأخيرتان حدثتا في وقت واحد، وفي رأيي أنهما مثير الاهتمام حتى الجنون فيما يمثلانه ولهذا السبب وضعتهما في النهاية وليس لدي أي فكرة عما إذا كنت أشعر بالرضا تجاههما أم لا. سأترك الحكم لكم."
وفي منشور آخر من الشهر الماضي، يظهر الجنود وهم يستخدمون المواد الطبية في المستشفى الأندونيسي بشكل مستهجن، بالإضافة إلى سرقة ألعاب أطفال من جباليا وسرقة شيكات مالية بالآلاف من نادي شباب جباليا، بالإضافة إلى صورة لجندي يلعب في النادي ذاته.
جندي آخر، ينتمي لنفس المجموعة كجندي صاحب التصوير، نشر صوراً له في شهر يناير الماضي وهو يلهو في داخل مستشفى الأندونيسي المدمر، وبالتحديد في غرفة العمليات الجراحية، حيث كان يرتدي ملابس الأطباء الذين تم اختطافهم من داخل المستشفى، كما ظهر على كراسي متحركة خاصة بالمرضى الذين تم تهجيرهم إلى جنوب القطاع.
وفي عدة فيديوهات نشرها على صفحته، يظهر الجندي وهو يطلق الصواريخ والرصاص بشكل جنوني وغير مفهوم داخل القطاع.
في مقطع آخر، يظهر الجندي وهو يقول "يوم جديد.. هجوم جديد" ثم يغني رفقة جنود آخرين "أنا في عطلة ترفيهية"، وفي صورة أخرى يأكل الشيبس أمام مبنى تم تسويته في الأرض.
وفي إحدى القصص التي نشرها في يناير من مستشفى الأندونيسي، يظهر الجنود يقومون بإعطاء تعليمات ساخرة لجنودهم حول كيفية تغيير "حفاظات" التكتيكية.
كما يظهر في مقطع آخر وهو يقول "كان هناك انفجار"، ويظهر فيه تفجير مبنى سكني.
"دعوة صريحة لحرق غزة و أهلها - جرائم ضد الإنسانية"
جندي برتبة ملازم، ينتمي لكتيبة 466 المظليين من لواء 646، نشر صورة له في أحد البيوت داخل القطاع معلقًا على الصورة: "لن أختصر لأنني لم أنتهي بعد. فريق الآلات، لتحترق غزة بكل سكانها!"
وفي نفس اليوم، يظهر الجندي ذاته في أحد الأحياء في خان يونس، وفي نفس المنشور يطلق النيران بشكل عشوائي ضد بيوت المدنيين، معلقًا: "صباح الخير يا أبناء العاهرات!" وجنود آخرون يهتفون وراءه في بهجة.
في أحد المقاطع نشرها جندي بحساب شركته الكهربائية يظهر فيها تحطيم الدراجات النارية الخاصة بالمواطنين معلقاً بكلمة بالعبرية "اللكمة المفاجئة" و هي كلمة عبرية معناتها ضرب أحدهم فجأه بدون سبب.
أما في فيديو أخر يظهر فيها جندي أخر يحطم سيارة مواطن و معلقاً " قم بمتابعتي للمزيد من العمل على الأدوات الثقيلة".
ويقوم جندي من نفس المجموعة بنشر صورة تظهر الدمار الواسع في القطاع، معلقًا: "عمل تم انجازه بجدارة (للمرة القادمة)".
في فيديو أخر على التيك توك الشهر الماضي يظهر فيها جندي اسرائيلي يقوم بالركوب على دراجة نارية للأطفال سرقها من أحد البيوت.
و علق المواطن خالد الأغا على حساب الجندي "هذا الفيديو مقابل منزلنا" ليرد عليه الجندي ساخراً منه "ليس لديك منزل بعد الآن".
قامنا بالتواصل مع خالد للاستفسار عن مكان البيت و اذا ما كان من الامكان أن يوضح اذا كان يعلم لمن الدراجة :"إنه لأحد الجيران. عندما كتبت التعليق كانت من حرقة قلب. و لم أعلم صراحة عن حال بيتنا الا من قبل الجندي الذي قال ان بيتنا لم يعد موجوداً. فهو يقع خلف كاميرا التصوير. مضيفاً "ما علاقة سرقة البسكليتات بالحرب، و ان كانوا يقاتلون حماس فما الصلة بين سرقة لعب الأطفال للهو من البيوت المدمرة بالمهمة؟."
في ختام هذا المقال، من خلال تسليطنا لعدسة الجندي المحتل و نشره لجرائمه فإننا أردنا أن نؤكد على أهمية توثيق ونشر الجرائم التي ارتكبها جنود الاحتلال في قطاع غزة و التي تكمن في أن هذه الجهود المستمرة لا محالة تمثل خطوة حاسمة نحو المطالبة بالعدالة وتحقيقها لضحايا هذا العدوان الغاشم.
*صحافي فلسطيني مختص في الشؤون الأمنية و السياسية ينشر على تطبيق “X”