هل فعلا فشلنا وبدأنا نبحث عن مخرج بإنقاذ ما يمكن إنقاذه فيما تبقى من غزة؟؟

11.03.2024 08:20 AM

كتب سامر عنبتاوي: بدأت أصوات تعلو وتطالب بأي مخرج، سواء بواسطة البلدان العربية المحيطة أو من السلطة، وهم يعزون السبب إلى أن الأمور وصلت أبعد من حدها في الدمار والقتل والمجازر، وأن العالم إما صامت أو متواطئ وأن العالم العربي ليس بمقدوره التحدي ومواجهة السياسة الأمريكية والإسرائيلية، والحقيقة هناك ممن يحملون هذا الطرح هم وطنيون ويخشون النتائج الصعبة من التهجير والضم لقطاع غزة، ويقولون أن هذا قائم فعلا، وهناك آخرون لاموا المقاومة من البداية عما حدث والآن يصطادون في الماء العكر ويحملون المسؤوليات عما حصل للمقاومة، وهناك من أذهلهم حجم المذابح والتضحية مما ساعد على كي الوعي وإحساسهم بالخوف والرعب والعجز في مواجهة ما يحصل وقد يحصل.

وللتوضيح فإن قناعتي التامة أن الخسارة التي ممكن أن تنجم عن قبول أي حل مفروض(استسلام) ستجر على الشعب الفلسطيني مصائب أكبر بكثير مما هو واقع حاليا، لأن ثمن الحرية لم يكن أبدا بسيطا وعبر التاريخ، ولأن قبول الهزيمة يعني إنعاش المشروع الصهيوني الذي ضرب في الصميم، ولأن نتيجة ذلك ستكون تغلغل الحكم الفاشي لدى الاحتلال والإحساس بشعور النصر والاستمرار في برنامج الترحيل في الضفة بل وفي حدود ٤٨ لتفريغ الأرض (للدولة اليهودية) من النهر إلى البحر.

قد تكون التخوفات مشروعة في ظل هذه الوحشية والبربرية، وقد تكون عوامل الخذلان على المستويين الرسمي والشعبي في العالمين العربي والإسلامي من أهم عوامل الإحساس بالعجز، ولكن ومرة أخرى فإن هذه المواجهة كشفت كثيرا من الضعف لدولة الاحتلال وعلى كافة الأصعدة، ولولا الدعم الأمريكي والبريطاني المتواصل لتحول الأمر لهزائم كبيرة للاحتلال، كذلك من المهم أن نعلم أن الاحتلال أصيب في مقتل في عدة جوانب ومنها تخلخل الجبهة الداخلية وإحساس الجيش بالضعف والترهل  وفقدان السمعة على مستوى العالم بحيث أصبح الفشل سياسيا وأمنيا وأخلاقيا وإعلاميا، وفقد الاحتلال الكثير وعادت القضية الفلسطينية لتكون قضية شعوب العالم الأولى، وأصبحت السياسات الأمريكية والإسرائيلية في تراجع وعزلة كبيرة، هذا كله يضاف إلى الخسائر الميدانية وإخلاء المستوطنات في الشمال والجنوب وغيره من الارتدادات على الداخل.

والمهم جدا هنا أن نعي أن دولة الاحتلال أصبحت ولأول مرة بهذه الحدة تستشعر الخطر الوجودي في ظل تنامي قوة والمواجهة الفعلية لمحور المقاومة من اليمن للعراق لسوريا للبنان وفي الخلف إيران، مما أشعر الإسرائيليين بالأخطار على البقاء فيما وعدوا به من أرض السمن والعسل، والأمن والأمان اللذين أصبحا مفقودين.

أعتقد جازما أن الشعب الفلسطيني أعاد الموضوع وأعاد القضية إلى موقعها الأصلي كحركة تحرر وطني في مواجهة الحركة الصهيونية العنصرية، وفي مواجهة مفتوحة وطويلة، الخسائر هنا ليست بسيطة والأثمان غالية، ولكن في مواجهة أي احتلال إحلالي فلا يمكن أن تتخلص منه دون دفع هذه الأثمان، والشعب الفلسطيني منذ بداية القرن الماضي وهو يدفع الأثمان دون تحقيق التحرر، أفلا يستحق مشوار الحرية هذه الأثمان؟؟!!

ما ينقص الشعب الفلسطيني هو حالة وحدة الجبهة الداخلية وتوحيد الرؤى والقيادة الوطنية الموحدة التي تقود نضاله حتى الحرية، وهذا ما يجب العمل عليه لأن الشعب أثبت أنه أسطورة في الصمود والتحدي والمواجهة، والمطلوب قيادة وطنية موحدة تحمل هذه الطاقات وتبني التحالفات ضمن هذه الرؤيا، ولا ننسى أن العالم يتغير والتغير أقرب إلى مصلحة القضية مما قبله، لذلك أقول هذه المعركة فتحت وليس أمام شعبنا إلا مواجهة هذه الحقيقة والسير للأمام.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير