حمدي فرّاج يكتب لوطن: اعتذار رئيس عربي الى الطفلة هند رجب!!

12.02.2024 11:25 AM

 

أود بهذه الرسالة المفتوحة ان اقدم لك اعتذاري انني لم استطع توفير حمايتك لكي تمضي في حياتك قدما كما يمضي الآخرون ، شعور طغى علي وانا استمع الى قصتك الحزينة والمؤلمة و الصادمة ، و التي لا يمكن لأي كان في أي مكان وزمان ان يسمعها فلا يشعر بالفجع ، فما بالك حين يكون رئيسا . انني في كل ما أتمناه فيما تبقى من حكمي و من عمري (الحكم هو العمر و العمر هو الحكم) ان تتقبلي اعتذاري العلني هذا كي أعيش بشيء من الاستقرار و الرضا و راحة البال ، رغم اني في حقيقة الامر لا اعرف بالضبط عما أعتذر ، نحن لم نعرف كيف قتلت ، هل بالرصاص ، ام بالجوع ، ام بالبرد ، ام بالخوف ، ام بالانتظار اثنا عشر يوما بجانب خمسة جثث من عائلتك في سيارة صغيرة ، إذ سمعت على لسان امك انك طلبت منها ان تأتي لتأخذك ، و انك جائعة و خائفة . هل معقول ان يكون الجنود الذين طبّعنا معهم ، قد قتلوك لمجرد انك تحركت او استغثت ، وهل معقول ان يظل امرك مجهولا اثنا عشر يوما دون ان يبلغوا اهلك او جمعية الهلال خاصة بعد ان قتلوا مسعفيْها اللذان وصلا المكان لانقاذك بعد تنسيق مسبق معهم ، بل هل من المعقول ان يكونوا على هذه الوحشية والبربرية ان لا يمدوا لك يد العون و ينتشلوك من داخل السيارة المقبرة  فيقدموا لك بعض الدفء و بعض الطعام و بعض الاطمئنان.

هل أعتذر عن انني لم ارسل لك طائرة لتنتشلك من هناك ، هل اعتذر انني اقمت سلاما مع هؤلاء الناس . اربع ساعات و انت تقولي "تعالوا خذوني" ، كانت كافية لأن يرسل أي رئيس منا طائرته و يأخذك ، و هذا عمل خير لا يحتاج في عرفنا و عرف غيرنا مشاورة من أحد ، العكس هو الصحيح ، عدم القيام بذلك انما يعد جريمة يحاسب عليها الوازع الأخلاقي و الديني والإنساني .

هل من اللازم ان أكذب عليك و انا اعتذر لك ان ادعي ان عبارتك "تعالوا خذوني" موجهة الى امك و بقية اهلك ؟ او الى الهلال الأحمر الذي لم يتأخر و دفع المسعفان الانسانان البطوليان حياتهما ثمنا لمحاولتهما الايثارية ؟ ام أكذب أكثر و أقول انني انتظرت من الدولة العظمى في العالم ان تقوم هي بذلك ، خاصة انها صديقة صدوقة مع الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة ؟ و لكن نحن أيضا منذ زمن دولة صديقة صدوقة معهم ، وكنا نعرف انهم قتلة أطفال ، لكن بعد مقتلك على هذه الشاكلة ، يجب ان اعترف لك انني اشاركهم في هذا القتل .

فهل تعذريني ان شعورا ينتابني ان بعضا من دمك انما قد سال على يدي . لقد قام الجميع بواجبه ، بدءا بك ، حيث اتصلت بأمك ، و امك اتصلت بالهلال ، و الهلال اتصل بالصليب و الصليب اتصل بإسرائيل ، و إسرائيل قامت بقتلكم و قتل المسعفيْن ، سيسقط قتلة الأطفال مهما تمقرطوا و لبسوا الثوب الكاذب للحضارة ، و نحن معهم ، لأننا على مدار خمسة اشهر لذنا بالصمت المشين ، و لهذا ، اعرف انك لن تعذريني .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير