المحامي جعفر الطويل يكتب لوطن .. ضبط إيقاع وتيرة التناقضات

11.02.2024 09:54 AM

 في علم الثورة وفي سير حركات التحرر وفقا لفلسفة ومنطق الصراع بشكل عام فإن منزلة التناقضات ترتفع وتنخفض وفقا للأولوية والأهمية بشكل عام ووفقا للمصلحة الوطنية بشكل خاص.

تخوض النقابات والاتحادات وقوى وأحزاب في المجتمعات صراعا مع السلطة القائمة ضمن برامجها ورؤيتها واهدافها وقد يصل مستوى التناقض الى مستوى التناقض الرئيسي الذي يصل التعبير عنه حد العنف وهذا ما حكم سيرة العديد من الشعوب والثورات التي لا مجال هنا لتعدادها.

وعلى الساحة الفلسطينية وفي ظل هذه الظروف المصيرية وحرب الإبادة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني فقد بات من المحرم رفع مستوى التناقض مع السلطة الوطنية إلى المستوى الذي يصب في مصلحة العدو الذي يسعى بكل جهد الى تفتيت الجبهة الداخلية وزرع الفتنة والشقاق في صفوف الشعب الواحد وتقويض المؤسسات الخدماتية الحساسة كالتعليم والصحة وغيرها.

إن الاختلاف مع السلطة الوطنية الفلسطينية مشروع وله ما يبرره على مستوى الاداء الداخلي والسياسي وهو ظاهرة صحية ويعبر عن الحرص العام اذا احتكم إلى سياقاته الزمنية ووسائل التعبير المشروعة والأخلاقية عنه أما اذا انفلت عن سياقاته فإنه يكتسي بثوب الريبة والشبهة المبنية على الجهل والعشوائية في حال حسن النية أو المبنية على اجندات خارجية مصلحية أو معادية في حال سوء النية.

واذا كان جزء من الحرب الشاملة التي تشن على شعبنا هو الحصار المالي وسياسية تجويع ممنهجة فإنه بات من المحرم مباشرة الاضرابات والحراكات المطلبية وأصبح لزاما وواجبا اخلاقيا واجتماعيا ووطنيا التصدي جنبا الى جنب أو بشكل مواز مع السلطة الوطنية الفلسطينية من يختلف معها او من يتفق معها لهذه الهجمة  وتجميد التناقض معها لنكون على مستوى التحدي ومنسجمين مع المصلحة الوطنية العليا.
ومن الجدير التنويه إلى عدة ظواهر مريبة ومرفوضة اشتدت وتيرتها وتزامنت مع الحرب الشاملة وحرب الإبادة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطيني أهمها:

اولا: الحرب التخوينية المسعورة على صفحات التواصل الاجتماعي ومنابر الإعلام  والتي تصب جام غضبها واتهاماتها تارة على السلطة الوطنية الفلسطينية وأخرى على حركة حماس والتي تأخذ طابعا تخوينيا وفتنويا غير مقبول ولا ينسجم مع حجم التضحيات والشهداء الذي يقدمها شعبنا الفلسطيني وعليه يتوجب على كل حر وشريف أن لا ينساق ولا يتعاطى مع هذه الأبواق المأجورة أو المأزومة أو المنساقة خلف ذاتيتها المريضة فما يتعرض له شعبنا الفلسطيني من هجمة ابادة شرسة تتطلب وحدة الصف وتفويت الفرصة على كل من يحاول تشويه الصورة الفلسطينية وبث بذور التيئيس والاحباط بين المواطنين من خلال تصدير سموم هدفها زعزعة ثقة شعبنا في اخلاقيته ووطنيته.
ثانيا: يلاحظ غياب التمحيص والتدقيق فيما يسرب من معلومات غير صحيحة سرعان ما يتلقفها البعض بحسن نية او بشكل مدفوع والمباشرة بترويجها وفي هذا السياق فالمطلوب منا افرادا ومؤسسات ومنصات إعلامية وتواصلية التمحيص عن مصداقية وصدقية المعلومة احتراما لعقولنا كأفراد وحفاظا على مهنية المنصات الاعلامية ومن المعيب أن نصنع من أنفسنا جوقة تردد ما لا تفقه ولا تعي ومن المخجل أن يكون الفرد او الجماعة او المؤسسة وعاء يسكب به ما هب ودب.
ثالثا: من الملاحظ أن هناك خلطا متطرفا اعمى ما بين البندقية المناضلة والبندقية قاطعة الطريق وبات كل من حمل بندقية اسدل عليها صفة المشروعية وبات العديد منا ينساق وراء هذه الهرطقات وعلينا ان ندرك أن الحالة الوطنية والتضحوية التي يقدمها شعبنا أسمى وأطهر من أن تكون مطية للعصابات والخارجين على القانون الذين يحاولون التستر خلف التضحيات الجليلة ونرى العديد من المشبوهين والمصلحيين الذين يسوقون ويروجون سردية تنسجم وأجنداتهم غير المشروعة.
ختاما ... يليق بشعبنا أن يكون على مستوى التحدي والوعي وأن يقدم انموذجا في الوعي والادراك والحرص على مناعة وصلابة جهته الداخلية ليفوت الفرصة على كل الممارسات المريبة وغير المشروعية وغير الأخلاقية وحمى الله شعبنا وحصنه وجعله سدا منيعا في وجه كل المؤامرات.

 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير