اليوم الحادي عشر بعد المائة لحرب الإبادة على غزة، 25 يناير 2024

زينب الغنيمي تكتب لوطن من غزة: تجويع الشعب وتسميم المزروعات أحد أهداف دولة الاحتلال النازية

30.01.2024 09:04 AM

للمرة الثانية على التوالي نكتشف أن أوراق السلق الخضراء التي قمنا بشرائها من أكثر من سوقٍ في مدينة غزة ليست جيدة لأنّ أطراف السيقان مُحمرّة بدلًا من أن تكون خضراء، ولها طعمٌ مُرٌّ كالعلقم، أما الباذنجان فمائلٌ للاصفرار رغم حجمه الكبير، كذلك البندورة (الطماطم) صفراء. لا ندري إن كانت قنابل الفسفور التي أُلقيت بعشرات الآلاف على شمال غزة وجنوبها حيث توجد الأراضي الزراعية هي السبب في ذلك، أم أنّ طائرات الاحتلال قامت برشّ الأراضي الزراعية بمواد مسمومة، فما نراه الآن من شكل ولون وطعم الخضار محيّرٌ وغير مسبوق.

إنّ جرائم العدوان الهمجي التي ترتكبها الدولة الصهيونية الفاشية ضدّ شعبنا في قطاع غزة لا تتوقف عند جرائم الإبادة الجماعية والمجازر بحق مئات العائلات، أو عند تدمير المباني واقتلاع الأشجار وحرق الأراضي الزراعية، بل تجاوزت كلّ ذلك الحد بتسميم المزروعات والأراضي الزراعية، في جريمة حربٍ بامتياز بهدف القتل البطيء لمن لم تتمكّن من إبادتهم من الشعب في قطاع غزة.

إن ما مارسته دولة الاحتلال الصهيونية منذ بداية عدوانها على القطاع كان عنوانه الرئيسي تجويع الشعب وخنقه، بدءًا بتشديد الحصار ومنع دخول أيّة بضائع ومواد غذائية، ومنع دخول المحروقات بما فيها غاز الطبخ، وقصف المخابز والمطاحن ومخازن القمح، وقطع الكهرباء وتدمير مولدات الطاقة البديلة، وتدمير البنية التحتية وشبكات وآبار المياه ومحطّات التحلية مما أدّى إلى حرمان أهالي مدينة غزة والشمال من مياه الشرب ومياه الاستعمال العادي.

وأمام مسمع ومرأى دول العالم، وبتأييدٍ من منظومة الدول الداعمة لها وخصوصًا أمريكا، وبالرغم من مُطالبات كُلّ المؤسسات الدولية وما يُسمى بهيئة الأمم المتحدة وصناديقها بإدخال المساعدات الإنسانية، إلّا أنّ  حكومة الحرب النازية استأنفت التبجّح بالتصريح العلني أنها لن تسمح بفكّ الحصار أو إدخال أيٍّ من المواد الإنسانية التي تُعتبر أبسط مقومات الحياة. وبعد مرور أكثر من شهرين على العدوان، لم تسمح إلا بدخول عددٍ محدود من شاحنات المساعدات والتي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، وفي نفس الوقت لم تسمح بدخول المحروقات إطلاقًا، وما زالت تُلاحق المواطنين والمواطنات في أماكن توزيع المساعدات وآخرها كان اليوم بقصف نقطة وصول شاحنات الدقيق مما أوقع عشرين شهيدًا ومائة وخمسين جريحًا.

ولا يتورّع أحد قادة العدو بكل صفاقةٍ ووقاحةٍ بالقول بما يعني أنّ المدنيين في غزة يستحقون ما يجري لهم لأنهم لم يمنعوا حركة حماس من مقاومة إسرائيل، في حين تعجز حكومة الحرب الصهيونية وجيشها عن التقدّم خطوةً واحدة للقضاء على فصائل المقاومة.

إن كلّ ذلك يؤكّد حتمًا أنّ دولة الاحتلال قامت بتسميم الأراضي الزراعية مما سوف يُخلّف آثارًا صحيةً سلبية على المدى البعيد، وهو الأمر الذي يجب الوقوف أمامه والتحقيق فيه من قبل الهيئات الدولية الداعمة لشعبنا الفلسطيني، لأنّ من حقّ الأجيال القادمة أن تعيش بسلام وأن تتمتع بصحّة جيدة رغم أنف دولة الاحتلال.

زينب الغنيمي، من مدينة غزّة تحت القصف والعدوان

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير