فراس ياغي يكتب لوطن: هدنة...وقف إطلاق نار مؤقت...تبادل للأسرى

29.01.2024 10:58 PM

تتحدث وسائل الإعلام المختلفة حول التقدم في مباحثات تبادل للاسرى وهدنة وتُسوق فضائية الجزيرة لهذا التقدم الذي حصل في مفاوضات التهدئة وتبادل الأسرى الذي حصل في الإجتماع الاخير في باريس، والذي حضره الوسطاء القطري والمصرب وامريكا ورؤساء الامن الإسرائيلي مع المسؤول عن ملف الاسرى الإسرائيليين في غزة

مقابلة رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري تحدث عن التقدم وقال انه تم وضع الأسس والتي من الممكن ان يوافق عليها الطرفين، وقال أنه لا نفوذ لديهم على احد لا على حماس ولا على غيرها " طبعا الرجل يتواضع...فهم لديهم نوع من المونة بالعامية

على كل لا بدّ من الإشارة للتالي

أولا- لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين، فالهدنة الاولى كان فيها وعود بوقف دائم لإطلاق النار في نهاية الهدنة وكان فيها ايضا موضوع التدريج، وربطت حتى المساعدات فيها والتي ما كان يجب ربطها مطلقا بإعتبار أن ذلك جزءا من القانون الدولي، وهنا يجب الإنتباه لكذبة التدريج
ثانيا- بعض المحلليلين في الجزيرة يرون ان المدة الطويلة " خمس وأربعين يوما إلى شهرين" سوف تكون كفيلة بمنع إستئناف العدوان بعدها، وهذا خطأ كبير بل هذا كلام تضليلي، إنتبهوا لتصريحات مثلا "غانتس" المعركة قد تأخذ سنة وعقد وجيل، لكن اولا دعونا نُنهي ملف المحتجزين، وتصريحات آخرين بان حماس لن ترحل والقتال يستطيع ان ينتظر سنة المهم إخراج الأسرى احياء
ثالثا- يجب أن تسأل المقاومة نفسها، لماذا تريد إسرائيل تبريد جبهة الجنوب دون إلتزام بوقف دائم وانهاء شامل للعدوان؟!!!! وهل هذا مقدمة لتسخين الشمال؟!!! خاصة أن وزير الدفاع الإسرائيلي "غالانت" قال: انه حتى لو اوقف حزب الله اطلاق الصواريخ فالوضع في جبهة الشمال سوف يتغير بالدبلوماسية أم بغيرها
رابعا- الحديث عن فترة الشهرين واذا كان رئيس الوزراء "نتنياهو" سيقبلها؟ سؤال فيه خداع كبير، لأنه إذا ما كان هناك قرار بالذهاب لمواجهة حزب الله في الشمال فهذا يعني أن "نتنياهو" يبرد الجنوب ليقوم بتسخين الشمال لدرجة المعركة
خامسا- هناك قصور في فهم الوضع الداخلي الإسرائيلي بعد الإنقسام نتيجة ما عرف بإسم "الإصلاح القضائي"، وايضا الواقع الأمني الجديد لدولة إسرائيل بعد السابع من أكتوبر، وهنا نستطيع قول التالي:

1- إئتلاف نتنياهو مكون من 64 عضو كنيست، ولم تسقطه مظاهرات بمئآت الألوف في معركة الإصلاح القضائي، فكيف سيتم إسقاطه في ظل واقع أمني جديد لدولة إسرائيل بعد السابع من أكتوبر خاصة مع إنهاء ملف الأسرى والمحتجزين، حتى لو لم يكن هناك توجه إلى الذهاب لمعركة محدودة في الشمال "جنوب لبنان"
2- وجود غانتس وحزبه في حكومة الطواريء يشير بأن الهدف للدولة أمني محض، وقصة إقالة نتنياهو بحاجة لتكتل من اعضاء كنيست عدده 61 عضو أو قرار من محكمة العدل العليا بإستبعاده عن رئاسة الوزراء لأسباب قانونية "أستبعد ذلك" بمعنى الإقالة مؤجلة
3- إذا رفض نتنياهو مهلة الشهرين "لا اتوقع رفضها لوجود مخطط آخر في جبهة أخرى" فهذا يعني انه يريد إنهاء الملف الامني في غزة قبل اي جبهة أخرى، وهو يعمل بهذه الطريقة على توريط امريكا والأطلسي للمعركة التي يخطط لها، بمعنى أن الجبهة الشمالية عاجلا ام آجلا ستدخل بشكل كامل في المعركة نتيجة لتدحرجها، والهجوم على القاعدة الأمريكية في الأردن تُقرب تلك المعركة التي يريدها نتنياهو

سادسا- أمريكا عادة توظف الدول التي تدور في فلكها وفقا للمصالح الأمريكية، ولذلك يجب الإنتباه للخدعة الأمريكية على لسان تلك الدول، اي ضمانات يجب ان يشارك فيها الروسي والصيني وعبر مجلس الامن.
سابعا- لماذا لا ننتظر ماذا سيحدث في مجلس الامن بعد الذهاب إليه نتيجة قرارات محكمة العدل الدولية؟ لنرى التصرف الأمريكي، فإذا كانت جدية فلن تتخذ قرار بالفيتو، وغير ذلك فهي كاذبة " وللحقيقة هي كاذبة"، لاحظوا كيف ان أمريكا تتحدث عن عدم الرد على الهجوم على القاعدة في الاردن خوفا من فشل صفقة إجتماع باريس، وهي تكذب، فهي سترد ويبدو ان ذلك سيكون ضد الوجود الإيراني بشكل مباشر في العراق او سوريا
ثامنا- اي توافق أو إتفاق على وقف إطلاق النار مؤقت او دائم وتبادل للاسرى يجب تنسيقه مع كل الجبهات المساندة، والتنسيق معهم واخذ مشورتهم بهذا الخصوص
تاسعا- التضحيات الكبيرة والعظيمة في قطاع غزة، والمنطقة كلها على حافة الإشتعال، لا يمكن ان تكون نتائجها وقف مؤقت لإطلاق النار وتبادل اسرى ونقطة، يجب ان يكون موقف حماس أكبر بكثير من ذلك "وقف دائم متدرج او مرة واحدة ولكن بضمانات دولية، إنسحاب شامل من كل قطاع غزة، تبادل للأسرى، الإتفاق على عقد مؤتمر للمانحين للإعمار، رفع الحصار عن قطاع غزة، حكومة بالتوافق تشرف على غزة والضفة وبحيث تكون مؤقتة لحين إجراء الإنتخابات"، هذه الحدود الدنيا وغير ذلك فهو يندرج ضمن المخطط الأمريكي الداعم بقوة لإسرائيل وياتي بلسان عربي وتحت يافطة "إنقاذ ما يمكن إنقاذه"، ومن يفكر بذلك فقد وضع حبل المشتقة على رقبته

أخيرا، المشهد في إسرائيل يتسم بالجمود السياسي وكل الديناميكيات التي ستحدث تغير جذري فيه هو فقط مزيدا من الصمود والمقاومة برغم عظم التضحيات، لأن من يراهن على سقوط نتنياهو فهو إما واهم او يخدع نفسه، فحتى لو وقفت الحرب في كل الجبهات، وتشكلت لجان تحقيق، وغيرها، فهذا بحاجة لوقت طويل، وكما قال: سموتريتش حول الإنتخابات المبكرة "نعم ستحدث بعد سنتين ونصف"
في إسرائيل حكومة صهيو دينية، وهؤلاء في فكرهم الغيبي لا يعيرون إنتباه للجمهور العلماني ويتمسكون بفترتهم في الحكم، وفقط سيسقطون الحكومة اذا ما غدر فيهم نتنياهو "هو لن يفعل ذلك مطلقا"، او إذا تمرد أعضاء من حزب الليكود ضد نتنياهو...

أنا شخصيا أستبعد الإحتمالين وارى ان نتنياهو باقي طول فترته، بل قد يتعزز دور اليمين لاحقا في الإنتخابات القادمة، ومن لا يزال يرى ان هناك أفق للسلام فهذا إنتهى ولن يأتي إلا بتغيير في موازين القوى

المنطقة ككل يجب أن تشهد طوفان أقصى وبغير ذلك فكل خطط نتنياهو سوف تتحقق ولو إلى حين

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير