اليوم التاسع بعد المائة لحرب الإبادة على غزة، 23 يناير 2024

زينب الغنيمي تكتب لوطن من غزة: من يجرؤ على إعلاء الصوت لإنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني للانتصار على العدوان الصهيوني؟

26.01.2024 10:35 AM

ليس بِخافٍ على أحد كيف دمّر العدوان الصهيوني الهمجي قطاع غزة من شماله حتى جنوبه، وحصد عشرات الآلاف من القتلى والجرحى من الجنسين، ومازال مستمرًا بأبشع صوره، بالإضافة إلى امتداد هذا العدوان بشراسة وتوحُّش إلى الضفة الغربية بمدنها وقراها ومخيماتها.

لكن بالرغم من كلّ ما يتعرض له شعبنا إلّا أن القوى السياسية لا تتقدّم خطوةً واحدةً لإنهاء الانقسام السياسي، ولا تُقدّم أيّة تنازلاتٍ للوصول لحدٍّ أدنى من تحقيق التعاضد والوحدة الوطنية. ومما يدفع إلى المزيد من الحزن والمرارة، أن البعض ممن يدعون بأنّهم قادة يطلقون التصريحات هنا وهناك وهم معصوبو الأعين ولا يرون فداحة ما يجري على أرض الواقع، وكأنّ الشعب في غزة أصبح كُرةً مُهترئةً يقذفها كلٌّ منهم إلى الجانب الآخر.

من جهة، فإنّ حركة حماس صعدت إلى أعلى الشجرة وبادرت بقرار الحرب، دون أن يكون واضحًا كيف ستهبط إلى الأرض مرّةً ثانية، ومن الواضح أنّها لم تُقدّر مُسبقًا حجم رد الفعل الصهيوني أيضًا، ولم تكن تظن أنّ حُلفاءها سوف لن يقدّموا لها الدعم على حساب مصالحهم أو مصالح بلدانهم. وها نحن نرى التدخلات الخجولة والمحدودة لحزب الله وهم يدّعون أنهم حلفاء، ولا نتوقّع منهم أكثر من ذلك حقيقةً، فلا شكّ بأنّ سلامة لبنان شعبًا وأرضًا تُهمّنا أيضًا. وفي نفس الوقت، فإنّ إيران حريصةٌ على عدم الدخول في حرب مع الحلف الغربي الاستعماري و تكتفي بالدعم غير المباشر، وهو ضعيفٌ لا يأتِ بأيّة نتائج مثمرة.

ولكنّ تشخيص حقيقة هذا الواقع لا يعني التقليل من حجم الضربات التي سدّدها مقاومو حركة حماس، وكيف كبّدت دولةَ الاحتلال خسائر مادية وبشرية ومعنوية أيضًا، وهزّت صورة الكيان الصهيوني وجيشه أمام العالم. لا شك بأنّ ذلك سيكون له تأثيرٌ كبيرٌ على دولة  الاحتلال حاضرًا ومستقبلًا، ولكنّ كلّ ذلك لا يمكن مقارنته بجرائم دولة الاحتلال بحق شعبنا في قطاع غزة والذي دُمّر تدميرًا شبه كامل وليس واضحًا في الأفق متى سينتهي هذا العدوان، وهل إن كان بالإمكان إعادة إعمار أيٍّ مما كان سابقًا؟ وإن حدث ذلك بالفعل، فسيستغرق الوقت سنواتٍ، فكيف بالتالي يمكن تعويض من فقدناهنّ وفقدناهم وكلٌّ عزيزٌ على أهله؟

وبالمقابل فالسُلطة الوطنية والفصائل الشريكة في منظمة التحرير الفلسطينية تغسل يدها مما فعلته حركة حماس وترى أن على حماس أن تهبط من أعلى الشجرة وحدها، وللأسف دون أن تقدم  فصائل المنظمة البديل المًقنع للشعب في مواجهة الاحتلال، والذي يمعن في سياساته القمعية في الضفة الغربية، ويحجِز أموال السلطة، ويُعيق حركة الكثير من القادة النشطاء، ويُداهِم المدن والمخيمات والبلدات، ويعتقل الآلاف ويقتل المئات ويُدمّر البيوت أمام مرأى ومسمع السُلطة والتي تقف عاجزةً لا حول لها ولا قوة، إلى الحدّ الذي لا يمكن تخيّل كيف لمسؤولٍ ما في أيّ فصيلٍ سياسي أن يتبجّح بتصريحات حماية الشعب ومصالحه وهو عاجزٌ حتى عن الاتصال عبّر جواله بمواطن في قطاع غزة، أو الحركة من بيته إلى مكتبه إلّا بإذن دولة الاحتلال.

كل هذا وذاك مطروحٌ الآن وبقوة أمام أطراف الانقسام السياسي، والشعب سواء في قطاع غزة أو الضفة  الغربية يطالبهم بأن يتحمّلوا مسؤولياتهم  لتلبية مصالحه وحماية القضية الوطنية.

لكنّنا لم لا نأخذ العبرة من أعدائنا، خاصّةً ونحن نرى كيف أن الأحزاب الصهيونية الشريكة في حكومة دولة الاحتلال وبالرغم من الخلافات والانقسامات الداخلية الكبرى بينها، إلا أنها تقف في خندقٍ واحد ومتراصّةٌ لتدمير شعبنا والانتقام منه بهدف حماية مصالحهم.

نحن بحاجة ماسة لتوحيد طاقات القوى السياسية لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام السياسي الداخلي اللعين لحماية القضية الوطنية، وإنهاء هذا العدوان البغيض.

زينب الغنيمي، من مدينة غزّة تحت القصف والعدوان

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير