بسام زكارنة يكتب لوطن: السلطة المتجددة المطلوبة
السلطة الوطنية الفلسطينية التزمت بكل الاتفاقيات والقوانين الدولية منذ ثلاثين عام والتي اوجدت وفق اتفاقية أوسلو في ظل عدم التزام إسرائيل بأي بند منها بل ومحاربتها و استغلالها من خلال محاولة تغيير الواقع لمنع اي نجاح لها و اعدام حل الدولتين الذي يعارضه علناً اقطاب الحكومة الحالية بل معظم حكومات الاحتلال السابقة ، حيث مثلا كان عدد المستوطنين في عام 1993 حوالي 160 ألف مستوطن اصبحوا الان 700 الف.
بدأت النغمة الأمريكية و الاسرائيلية ببيع الوهم للتغطية على الابادة الجماعية وجرائم الحرب في غزة بطرح مشروع ما بعد غزة بقولها سيطرة سلطة متجددة عليها فماذا يقصدوا بذلك ، و ما هو هدفهم ؟
اولا : بث الإحباط في نفوس الفلسطينيين ان انتصار اسرائيل حتمي ، وان إسرائيل وقادتها عبارة عن آلهة سيحققون كل الأهداف التي رسموها .
ثانيا: زرع الشقاق داخل المجتمع الفلسطيني بحيث ان الُحكم في غزة والضفة سيكون لسلطة تأتي فقط على ظهر"بوز" الدبابة الاسرائيلية.
ثالثا : ظاهر الطرح واستخدام كلمة متجددة يوحي انها سلطة جديدة أفضل من السابقة وهذا فعلا هدفهم ولكن سلطة جديدة أفضل لإسرائيل وأمريكا و تُنهي القضية الفلسطينية ، ولا يدخل في هذا المعنى سلطة منتخبة ديمقراطية بلا فساد ، بل ركزوا على بند واحد يجب تحقيقه وهو سلطة جديدة تخدم الاحتلال وتنفذ أوامره وتعزز وجوده ، مستغلين رغبة الفلسطينيين في سلطةً متجددة تأتي عبر صندوق الاقتراع وفق برنامج سياسي يحقق اقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين ، خالية من الترهل والفساد و يحكمها و مرجعها الدستور و القانون الفلسطيني ، فيها جيش يحمي أمنها الداخلي و الخارجي و سيطرة كاملة وشاملة على معابرها وبحرها وجوها ، وبالتأكيد لا نمانع ان تحترم القرارات الدولية والاتفاقيات الموقعة من قبلها ، و لا تهدد او تعتدي على احد.
رابعا : يريدون سلطة متجددة تقفز عن محاكمة إسرائيل على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى محرقة غزة التي تستمر حاليا أمام وسائل الإعلام وأمام العالم بأسره.
خامسا : يريدون سلطة متجددة تقبل أن القدس عاصمة لدولة الاحتلال و يكتفوا للفلسطينيين ببعض الأراضي من الضفة الغربية و غزة ، و ما تمنحه لهم إسرائيل بحيث يكونوا يديروا كانتونات محاصرة لا سيطرة لهم عليها ولا على مواردها الطبيعية و لا على اقتصادها بل تابعة لدولة الاحتلال ، و شعبها يكون عبيد و عمال لخدمة دولة الاحتلال وفق قناعة و برتوكولات حكماء صهيون .
سادسا : يريدون سلطة تضرب بيد من حديد ضد اي مواطن يحاول مقاومة الانتهاكات الاسرائيلية للاتفاقيات والقوانين الدولية او اي اعتداءات على الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف .
سابعا : يريدون سلطة متجددة منزوعة السلاح ، والسيطرة الامنية العليا لجيش الاحتلال الاسرائيلي .
ثامنا : يريدون سلطة لا تطالب بعودة اللاجئين الفلسطينيين.
تاسعا : يريدون سلطة لا تعترف بحقوق أسراها الذين ناضلوا من اجل تحريرها و من اجل حق تقرير المصير لشعبهم ، و سلطة تضع مناهج تعليمية اسرائيلية لأبنائها تعلمهم الرواية الاسرائيلية و تتنكر لحقهم التاريخي بفلسطين وتبكي على الهولوكوست ضد اليهود و ترقص على الهولوكوست ضد الفلسطينيين .
أمريكا تكذب و سياستها في بيع الوهم تأتي من خلال طرح مشاريع سياسية وهمية خادعة بوضوح شبع منها الشعب الفلسطيني و أثبتتها مشاريعهم الزائفة السابقة التي لم يتم تنفيذ اي بند منها ، و المشاريع الحالية كسابقاتها ايضا بيع الوهم و حرف الأنظار عن جرائم تُرتكب منها او من ربيبتها إسرائيل، ضد الشعب الفلسطيني ، فكيف تتحدث أمريكا وإسرائيل عن منح السلطة السيطرة على غزة بعد حرقها وتدميرها وقتل أهلها وتهجيرهم ، في حين انها لم تمنحها السيطرة على الضفة الغربية بل و تستمر في تدميرها وإعاقة عملها و سيطرتها داخل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وتكثيف الاستيطان ومصادرة الأراضي وتهويد القدس بل والجرائم اليومية في المدن والقرى والمخيمات التي يقوم بها جيش الاحتلال ومستوطنيه بالإعدامات اليومية للأطفال و النساء و الشباب تحت حمايتهم و وفق توجيهاتهم حيث وصل عدد الشهداء لغاية اللحظة منذ السابع من أكتوبر في الضفة الغربية لوحدها 270 شهيد ومئات الجرحى وهدم المباني و سرقة أموال المقاصة بل و وقف كل المساعدات الدولية و العربية بقرار أمريكي اسرائيلي حتى عجزت السلطة عن دفع رواتب موظفيها لمدة اكثر من عامين ، وتم ضرب العملية التعليمية و الصحية للفلسطينيين .
من يتحدث عن سلطة متجددة عليه ان يحدد مواصفاتها وكيفية تشكيلها وصلاحياتها و حدودها ايها المجرمون، و عليه ان يعترف بالدولة الفلسطينية مسبقا و فتح سفارتها في واشنطن وحتى في تل أبيب و فتح سفارة أمريكية في القدس الشرقية و زيادة دعم السلطة ماليا و عسكريا، و الإفراج عن كل الأسرى داخل السجون الإسرائيلية.
من يطرح سلطة متجددة لا يدعم ماليا و عسكريا و سياسيا ابادة جماعية للشعب الفلسطيني في غزة من قبل إسرائيل، و يرفض وقف إطلاق النار ، و من يطرح سلطة متجددة لا يدمر شوارع ومباني والبنية التحتية للمدن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة .
نعم الشعب الفلسطيني يريد سلطة متجددة بمواصفات شعبه وليس بمواصفات نتنياهو وبن غفير وبايدن ، سلطة تكون نواة دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية يحدد قيادتها صندوق الاقتراع الفلسطيني ، سلطة تأتي بإرادة الشعب الفلسطيني الحر وخياراته وليس على ظهر الدبابة الاسرائيلية و على جثث الالاف الأطفال و النساء الفلسطينيات ، سلطة تحترم شعبها وتحقق طموحاتها .
نعم الشعب الفلسطيني يسعى لسلطة متجددة قبل غزة و بعدها و لكنه لا يقبل ان ينجر لنقاش هذه الطروحات و شعبه يتم إبادته و حرقه بطائرات و دبابات من يطرحون تلك الحلول ليحقق هدف واحد وهو "حرف الأنظار" عن الاحتلال وأعوانه من الامبريالية الامريكية والغرب وارتكابهم لجرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة ، فليس لنا حاجة لسلطة وهمية او حتى إمبراطورية وهمية إذا تم ابادة شعبها ، ونقبل الدولة بقوة ثورتنا و دعم احرار العالم ولا يشرفنا حتى موافقة الدول النازية التي حرقت شعبنا و تتبنى العنصرية ، ولن نتوقف حتى بعد اقامة الدولة إلا بمحاكمة مجرمي الحرب و النازيين الجدد.
السلطة المتجددة من منظور أمريكي إسرائيلي باختصار هذه معادلتهم ببساطة ….
إذا السلطة الحالية خربانة بنسبة 95% …. فاسدة بنسبة 50% …. السلطة المتجددة مطلوب تكون بنسبة 100% خربانة و بنسبة 100% فاسدة.
إذا السلطة الحالية تتعاون مع أمريكا وإسرائيل بنسبة 99% السلطة المتجددة مطلوب تكون اسرائيلية أمريكية بنسبة 100%.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء