بالفيديو .. "الفانتازيا" التي تحولت على أيدي السنوار الى حقيقة في "طوفان الأقصى"
خاص وطن: لا يُصدق البعض حتى الآن وهو يستعيد مشاهد عملية الـ 7 من أكتوبر، واقتحام عشرات المواقع العسكرية لجيش الاحتلال والسيطرة عليها وأسر مئات الجنود والمستوطنين، ويقول بينه وبين نفسه "هذا تمثيل او فيلم".
تعد عملية 7 أكتوبر عملية استراتيجية للمقاومة، استغرق اعدادها شهورا واحيطت بسرية كبيرة، لم يستطع جيش الاحتلال الحصول على معلومة بشأنها او توقعها، ورغم ذلك ظهرت بعض تفاصيلها ومجرياتها وحتى اسمها للعامة قبل حدوثها بشهور.
قدمت الدراما الفلسطينية في غزة، عملا دراميا في رمضان 2022 حمل أسم "قبضة الأحرار"، ربما لم يحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة، وربما ظن البعض الآخر انه يحمل من الفانتازيا والخيال أكثر بكثير من الواقع، لكن المقاومة وقادتها كانوا يدركون ان ما هو قادم، وما ينوون فعله أكثر بكثير مما يقدمه المسلسل.
يسلط المسلسل الذي انتجته حركة حماس الضوء على الحرب الاستخباراتية بين المقاومة والاحتلال، وتضمنت حلقاته سيناريو متخيل لعملية للمقاومة، كانت المفارقة ان المقاومين في طوفان الأقصى نفذوا ما جاء في سيناريو المسلسل بحذافيره، بل وتشابهت الصور والمشاهد الحقيقية مع مشاهد المسلسل.
تتهم إسرائيل قائد حماس في غزة يحيى السنوار بالتخطيط لعملية طوفان الأقصى والوقوف عليها، وعند العودة الى الوراء نجد ان السنوار نفسه قد كرم فريق عمل المسلسل وقد أبدى إعجابه به وبالقائمين عليه، واعتبره في كلمة له ان له تأثير كبير ومهم جدا، وهو لا ينفصل عن اعداد وعمل كتائب القسام في كل المجالات العسكرية والاستخباراتية، وانه عمل عظيم جدا وجزء من مشروع العودة والتحرير.
وفي ظل التشابه والتطابق بين العديد من حلقات المسلسل وعملية طوفان الاقصى، يقول أحدهم أن خطة طوفان الأقصى لعلها قد أنتجت دراميا وعُرضت على الملأ قبل حدوثها للسخرية من الاحتلال فيما بعد واثبات فشله الاستخباراتي، ويقول آخر ربما ان السنوار أعجب بسيناريو المسلسل واحداثه وأراد تطبيقه عمليا وقد نجح في ذلك.
يسلط مسلسل "قبضة الأحرار"، الضوء على عملية تسلل فاشلة للكوماندوز الإسرائيلية في غزة عام 2018، والتي اكتشفتها قوة من القسام واشتبكت معها واستشهد خلالها القائد الميداني نور بركة، وجرى خلالها استيلاء المقاومة على معدات استخباراتية كانت بحوزة القوة المتسللة التي تركتها خلفها اثناء هروبها.
هذه العملية التي تعد قصة المسلسل الذي يصنف انه "عمل فني استخباراتي" تعكس ما يعرف بـ "صراع الأدمغة" بين المقاومة وأجهزة استخبارات الاحتلال الإسرائيلي، وهو الصراع الذي تجلى عمليا فيما بعد، بعملية طوفان الأقصى سواء من خلال عملية الخداع الاستراتيجي التي مارستها المقاومة لأكثر من عامين، الى لحظة اختيار ساعة الصفر للتنفيذ، وما رافقها من عملية شل القدرات الاستخباراتية للاحتلال، وبناء على ذلك جسد المسلسل في الكثير من مشاهده أحداث متخيلة لعمل المقاومة، تشبه الى درجة التطابق عملية طوفان الأقصى من حيث المواقع والأهداف وطريقة التنفيذ.
ويظهر المسلسل تطور قدرات المقاومة، وهو تطور لم يكن ضربا من الخيال، وقد تجسد في الحقيقة عبر تمكن مقاومون من اقتحام معسكرات جيش الاحتلال في غلاف غزة طيرانا عبر استحداث آليات تشبه الطائرات المروحية، وبحرا من خلال فرق الكوماندوز البحرية، وبرا بمئات المقاتلين، الى جانب تطور إمكانيات "السايبر" الفلسطيني، واختراق الحواسيب الإسرائيلية والمنظومة الأمنية الإلكترونية، وهو ما حدث في بداية عملية طوفان الأقصى.
تصور أحداث المسلسل الحروب العديدة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وتحديدا في غزة، وتداعيات الحصار السياسية والاقتصادية على أهل قطاع غزة، وتطور المقاومة، وتفوقها الأخلاقي في تعاملها مع الاسرى الإسرائيليين مقابل ما يعانيه الاسرى الفلسطينيين، ولعل هذه الجزئية بالتحديد كانت محط الأنظار الاٍسبوع الماضي خلال تنفيذ صفقة التبادل، حيث شاهد العالم معاملة المقاومين في غزة مع الاسرى الإسرائيليين، من حيث تقديم الرعاية الصحية والطبية لهم، والاهتمام بشؤونهم دون المس او الاعتداء عليه، وهذا الأمر ظهر للعيان خلال مشاهد التسليم، حيث بادر الاسرى لتوديع عناصر القسام والابتسام في وجوههم وشكرهم، في حين خرج الأطفال من سجون الاحتلال بيدين مكسورتين وبحالة صحية سيئة جراء التعذيب والضرب.
والمفارقة ان مسلسل قبضة الأحرار ليس العمل الفني الوحيد الذي ألمح الى عملية طوفان الأقصى، فلو عدنا الى مهرجان انطلاقة حركة حماس في كانون الأول /ديسمبر 2022، سنجده يحمل عنوان " آتون بطوفان هادر"، رافقه إطلاق نشيد يحمل ذات الاسم تُنذر كلماته بما هو آت من طوفان، ورغم ذلك بدا المشهد الذي يقدمه المسلسل والرسائل التي حملها مهرجان انطلاقة الحركة ضربا من الخيال لدى الكثيرين من بينهم أجهزة استخبارات الاحتلال التي تراقب كل ذرة هواء في غزة، والتي استفاقت على واقعا في السابع من أكتوبر أقسى من الخيال.
وسلط متابعون على أوجه الشبه بين ما جاء في المسلسل وبين أحداث طوفان الأقصى، اذ عرض المسلسل تمكن مقاومون من السيطرة على معسكر "رعيم" العسكري وقيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، ولعل هذا كان الهدف الرئيسي لعملية طوفان الأقصى وهو القضاء على فرقة غزة.
ويظهر في المسلسل أحد الضباط في جيش الاحتلال، وهو يقول لأحد عناصره إن ما يجري هي معركة ستقضي على دولة إسرائيل بالكامل، أو بروفا لذلك، وهذه التصريحات قالها رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو فعليا بعد اندلاع معركة طوفان الأقصى، بينما أكدت كتائب القسام ان معركة طوفان الأقصى هي تحضيرا لمعركة التحرير وجزء منها.
كما يسلط المسلسل الضوء على تطور إمكانيات المقاومة اللوجستية والتكنولوجيا، والتي تمثلت بالقدرة على التشويش على أجهزة الاحتلال، والسيطرة عليها واختراقها، ولعل هذا قد كان أحد سبب نجاح عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، كما تطابقت العديد من اللقطات لاعتلاء الدبابات وأسر الجنود مع ما حدث في طوفان الأقصى.
ولم يغفل المسلسل تسليط الضوء على تداعيات عمليات المقاومة، سواء من نزوج جماعي كبير للمستوطنين من إسرائيل، وهذا ما رأيناه منذ اليوم الأول من عملية طوفان الأقصى حين تكدس مطار اللد بالمستوطنين المسافرين بدون عودة، في حين تعهد الاف المستوطنين سواء في شمال فلسطين المحتلة او في محيط غزة انهم لن يعودوا ابدا الى منازلهم، الى جانب الدعم الأمريكي الكبير لإسرائيل ماليا وعسكريا وسياسيا، وهذا الدعم الذي تواصل إسرائيل على ضوئه حرب الإبادة في غزة.