الهدنة والمساعدات الإنسانية.. بصيص نور لشعب غزة
كتب إبراهيم حسين: رسمت الهدنة في غزة، ملحمة إنسانية عالمية، فبعد أن وضع السلاح وتوقفت طبول الحرب، بدأت المساعدات الإنسانية في الدخول إلى القطاع الذي حاصرته إسرائيل لمدة 50 يوما، مما يشير إلى وجود بصيص أمل للحياة في غزة، في ظل الحديث عن تمديد الهدنة لأيام مما قد يساعد على عودة الحياة وانتعاش المدنيين.
يبدو أن كلما طال أمد وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن بين حركة حماس الفلسطينية وإسرائيل، كلما زادت المساعدات الإنسانية المقدمة لشعب غزة، وما يدلل على ذلك ما كشفته هيئة الاستعلامات المصرية عن حجم المساعدات التي دخلت القطاع بعد تمديد الهدنة الإنسانية يومين إضافيين، فدخل عبر معبر رفح البري حتى أمس الإثنين، نحو 2812 طن مساعدات، بينها 11427 طن مواد غذائية فقط و8583 طن مياه.
هذه مؤشرات إيجابية وسعيدة، وما يسعد أكثر هو دخول 1048 طن وقود حتى مساء أمس أيضا، وأنّ إجمالي الشاحنات التي عبرت من معبر رفح بلغ 2263 شاحنة، وهذا بالتأكيد يساعد على الحياة داخل قطاع غزة، فيغذي المستشفيات ويضيء البيوت ويحرك الحياة في الداخل ويعيد للأطفال ضحكاتهم.
العالم كله يتنافس الآن لإرسال مساعدات إلى غزة وكأن الضمير العالمي والإنسانية استيقظت من ثباتها، لكني لا أصف ذلك إلا بالتحرك الجيد الذي سوف يسعف أهالينا في غزة وينقذ ما يمكن إنقاذه بل ويساعد أطفالا كثيرين على العلاج داخل المستشفيات.
جهود كبيرة قامت بها دول كثيرة، بينها مصر فساهمت في توصيل المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح وذلك خلال فترة الهدنة، فلا يخفي على أحد أنها كثفت جهودها لتوصيل الماء والغذاء والوقود إلى أهالينا هناك، كما استقبلت الجرحى المصابين، فكان المعبر المصري بمثابة "بر الأمان" و"قنطرة السلامة" للفلسطينين والأجانب مزدوجي الجنسية وكذلك الأطفال.
فرنسا أيضا شاركت في حملة الغوث لشعب غزة، وأرسلت حاملة الطائرات الفرنسية التي تضم غرفتي عمليات و30 سريرا، وهي الهليكوبتر "ديكسمود" التي رست في مصر، ويمكن أن تبدأ في علاج الأطفال المصابين من غزة في وقت لاحق هذا الأسبوع، في الوقت الذي تتطلع فيه القوى الغربية إلى تكثيف الجهود لتقديم المساعدات للقطاع.. فما أكثر الأخبار السعيدة.
الموقف الأمريكي أيضا جيد، خاصة بعد أن شددت الولايات المتحدة على ضرورة زيادة المساعدات لقطاع غزة، فعلى لسان وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الإثنين، من المهم تمديد "الهدنة الإنسانية" بين إسرائيل وحركة حماس ليومين إضافيين حتى يسمح بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع.. فهل تستجيب إسرائيل لتمديد الهدنة وتهدئة الوضع؟
الإجابة لا أعتقد ذلك رغم أن الهدنة لها أبعاد إنسانية كثيرة، ليس على صعيد المساعدات ففط، بل شملت الإفراج عن الرهائن الفلسطينية الإسرائيلية، وإعادة النبض إلى قلب أسرهم، وكذلك حقن الدماء في الدولتين خاصة في فلسطين، خاصة بعدما تسبب الهجوم بين الطرفين في قتل 14 ألف فلسطيني مقابل 1200 إسرائيلي غالبيتهم مدنيون.. فما ذنب هؤلاء في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟!.
وتعزز الموقف، بدخول 200 شاحنة يومياً تضمنت مساعدات طبية ومستلزمات صحية ومياه وحليب أطفال وأغذية، بالإضافة لبعض شاحنات الوقود وغاز الطهي وهي مستلزمات لازمة للقطاع الصحي والإغاثي خاصة بعد عدوان استمر خمسين يوماً والمشاكل المركبة التي نجمت عنه.
شاهدنا أيضا عبر وسائل الإعلام، دعوة أممية للاتفاق على وقف إنساني كامل لإطلاق النار في غزة وإسرائيل، فتمكنت الأمم المتحدة خلال أيام الهدنة الإنسانية من توسيع نطاق الإغاثة في غزة وإرسال المساعدات إلى شمال القطاع الذي كان معزولا بشكل كبير على مدى أسابيع، لكن ما أثار القلق قول المتحدث باسم الأمم المتحدة بأن هذه المساعدات تلبي بالكاد الاحتياجات الهائلة لـ 1.7 مليون نازح.. وهذا يؤكد بالدليل القاطع أن الكارثة الإنسانية في غزة تزداد سوءا يوما بعد يوم.
ولا يخفى على الجميع أن خمسين يوما من الأعمال العدائية في غزة وكذلك داخل إسرائيل أدت إلى خسائر إنسانية واقتصادية فادحة صدمت العالم.. فمتى ينتهي هذا الصراع المأساوي.. ومتي يتم اتخاذ خطوات جادة بتطبيق السلام في المنطقة بخيار وحيد هو حل الدولتين حتى تتمكن فلسطين وإسرائيل من العيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن دائمين؟!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء