رسائل من الأسرى لذويهم وشعبهم

20.11.2023 07:21 PM


وطن: خلال زيارة المحامي، يتساءل الأسرى عن العالم خارج السجن، وعما يدور بالأرجاء، وماذا عن حراك الشارع، ويقولون أن الأخبار تصلهم، بشحٍ شديد، إلا أنّ عزائمهم ترتفع عند سماع أي خبر عابر عن وقفة في المدينة، في المخيم أو في القرية، يشعرون بأن هناك من يتذكرهم، ومن هم دائم التفكير بهم.

لنكن الروح والقلب التوأم للأسرى، لنكن الناصر والقوة لصمودهم الأسطوري أمام الهجمة الأشرس عليهم.

رغم الظروف الصعبة للغاية، والتي تُعاش لأول مرة داخل السجون، يطلّ أسير (تعرّض لضرب شديد، خلال استدعاءه برفقة 70 أسير آخر لمقابلة مع المخابرات الإسرائيلية، وذلك قبل زيارة المحامي له بثلاث أيام) ويقول: أخبروا زوجتي أنني "أحبّها بجنون، وألّا تقلق عليّ، وأعتذر على كل لحظة فراق، وأعدها بأن النصر والفرج قريب"، فنحن اليوم نعبّر عن حالة من الصمود الأسطوري داخل غرف السجون التي تحوّلت لزنازين جماعية أقرب إلى المقابر.

في زيارة محامٍ لأسير، أب لثلاثة أطفال، برزت عليه ملامح التعب الشديد نتيجة الضرب الذي تعرّض له، ونتيجة حالة التخبّط في السجون، يقول الأسير: أخبري أطفالي أنهم "روح الروح"، وأن المعنوية عالية والنفسية ممتازة، رغم كلّ شيء، فهم أطفالي من يبقوني حيا، ومن يصنعون الابتسامة على وجهي رغم كل الألم، هم من أحلم بلقائهم وعناقهم كل لحظة، سأحملهم جميعا، واحضنهم بقوة، سأخبئهم في قلبي، وعلى رأسهم أمهم الحبيبة القوية الجميلة.

في زيارة لمحامي، وصلنا أن بعض الأسرى تعرّضوا، خلال استدعاءهم لمقابلة مع المخابرات الإسرائيلية، لضرب شديد، أدى لكسرٍ في فك أحدهم، وتكسير لأسنان العديد منهم، وضرب على الوجوه، ووجوه ملطخة بالدماء لمعظمهم، ورغم ذلك إنهم صامدون، نعم لا زال الأسرى صامدين أمام القمع الهمجي البربري، مؤمنين بأهلهم وذويهم وأصدقائهم وشعبهم الأبي الذي سينتفض لأجلهم، ولأجل الشهداء في غزة والضفة، رافضين للإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، منتصرين ومحتفين بالمقاومة الباسلة.

في زيارة لمحامي، يقول الأسير: "وصلنا خبر استشهاد الأسير السادس أبو عصب، في سجن النقب"، "حرّكوا الشارع، نحن اليوم أمام حالة من الصمود الأسطوري للأسرى في وجه الهمجية والقمع والإجرام الجنوني".

يقول شبل، في الخامسة عشر من عمره، خلال زيارته من قبل محاميه: "الأكل سيء كثير، بدهم نضل عايشين، بس دون شبع"، ويضيف: "نشعر بالبرد الشديد، فالشبابيك مفتوحة طيلة الوقت، ولا يوجد إلا حرام واحد خفيف جداً، ولا ملابس، ومرات الصراحة بخاف بس ما تحكي لأبوي وأمي بس انا بخاف وبالذات بالليل، بس لما اشوف الشباب الي معي بطمن، وفي واحد صاحبي بضل يخفف عني "، ويضيف: " بس نسمع الأخبار نفرح، ونفرح عندما يصلنا أن الناس تخرج في الشوارع، وترفع صورنا، بصراحة بنبسط انو في حدا متذكرني وبحبني".

في زيارة لشبل آخر، من قبل محاميه، يقول: "نحن اليوم 9 أسرى بالغرفة، وأنا أنام على الأرض، ظهري يؤلمني، والبرد شديد جداً، ورغم ذلك أضحك واقول وينك يا امي تقومي بالليل وتغطيني، بحبك يما ، مع ذلك نتحمّل اليوم، لأننا نعلم أننا أقرب من أي وقت مضى للحرية، ولأكبر حضن في العالم، اتوق لاحتضانك يا أمي"

وأسير آخر أضاف "الحرية بالنسبة الي هي وجه أمي، وابتسامة أبوي وهو يحكي عني أني بطل، بحب كيف بكون يحكي عني إني قوي وشجاع، احكيلهم إني بحبهم، ولما أطلع راح أصلح الأباجور الخربان، وأنظف ضهر البيت".

رغم الظروف الصعبة للغاية، والتي تُعاش لأول مرة داخل السجون، يطلّ أسير (تعرّض لضرب شديد، خلال استدعاءه برفقة 70 أسير آخر لمقابلة مع المخابرات الإسرائيلية، وذلك قبل زيارة المحامي له بثلاث أيام) ويقول: كانوا يضعوننا، حوالي 30 أسير، في غرف الانتظار الصغيرة التي تتسع ل8 أشخاص، لم يكن بالإمكان التحرّك، فقط الوقوف، لساعات، وتحمّل الألم بعد الضرب الشديد، وما يصبّرنا هو التفكير بالأهل والأحبة في الخارج، وبلقاء الحريّة المنتظر.

في زيارات المحامين للأسرى، يأتي الأسير محملاً بعدد من أسماء رفاقه بالزنزانة، من يريد طمأنة خطيبته، أو زوجته، أمه، وأباه، وأطفاله، متعطشون لسماع أي كلمة عن الحال في الخارج، ويسرعون في السؤال عن حراك الناس، وكيف تشعر الناس أمام الهجمة الشرسة على الأسرى، يقولون أن بعض الأخبار الشحيحة تصلهم، وينتظرون سماع أن الشارع ينتفض لهم، وأن الناس ترفع صورهم عالياً، إلى جانب صور الشهداء، قرابين الحريّة.

في جملة صريحة ومقتضبة، يقول أحد الأسرى (أمضى عشرون عام في السجون على فترات متقطعة) لمحاميه: "كنا بالسابق نقول أن هناك إهمال طبي، اليوم نقول لا يوجد أي نوع من المتابعة الطبية، لا أدوية، لا فحوصات، لا مراجعات"، ويضيف: "هذه محاولات لقتل الجسد، أمام ما يراه السجان من صمود ورؤوس عالية، إرادة تطال عنان السماء، توّاقة للحريّة."

في زيارة لأحد الأسرى، يقول: "لا أريد أي شيء، فقط أبلغوا والدتي أنني بخير واني بحبها كتير كتير ، وأن اللقاء اقترب."

تصميم وتطوير