أمريكا رأس الحية../ بقلم: عطا مناع

23.09.2011 10:06 AM

لا أعرف لماذا أحدث خطابا الرئيس الأمريكي الذي ألقاه في الأمم المتحدة ردودا واسعة؟ وكأننا صدقنا أن الولايات المتحدة الأمريكية راعية لعملية التسوية! والأغرب أننا صدقنا أن أمريكا معنية بدولة فلسطينية أو حتى كيان فلسطيني مسخ! وفي المحصلة النهائية يكمن الخلل في الذين وثقوا في أمريكا وصدقوا أكاذيبها، ففي الأمس القريب أيد 30 عضوا من الكونغرس الأمريكي احتلال الضفة الغربية المحتلة أصلا.

بالطبع يخرج علينا جهابذة السياسة المؤيدين للتسوية ليقولوا لنا ما الذي تغير؟ أين أوباما الذي خطب في عام 2009 في مصر؟ أين الآيات القرآنية التي ساقها لنا؟ أين وعوده بدولة فلسطينية وحل للصراع؟ لماذا غير هذا الأسمر خطابه؟ منهج غريب وكأن حال أوباما كأي رئيس عربي مسخ لا يخطط للغد وأن سياسته محكومة بإسقاطات وردود فعل، متناسين أننا أمام رئيس دولة يحتكم للمؤسسات والشركات الأمريكية واللوبي الصهيوني، وأن أوباما خليفة لرؤساء أخذوا على عاتقهم السطو على حقوق وثروات الشعوب.

أمريكا رأس الحية، حقيقة من الغباء أن ندعي اكتشافها حديثاً؟ أمريكا هي التي قتلت الثائر الأممي جيفارا وخرجت علينا تتبجح بعرض صوره! وأمريكا هي التي ألقت القنبلة النووية على المدن اليابانية، وهي التي حصدت مئات الآلاف من الأرواح في حربها على الشعب الفيتنامي البطل الذي لقنها درساً لا زال حاضراً في أدبياتها، الشعب الفيتنامي الذي قاتل وفاوض وحصل على حقوقه رغم انف أمريكا والأمم المتحدة التي تعربد على شعبنا وحقوقه.

اليوم نقف عراة أمام الحقيقة، الولايات المتحدة الأمريكية تهددنا لمجرد أننا نطالب بدولة! وأمريكا أعلنت كما في كل مرة انحيازها الكامل للدولة العبرية وهذا طبيعي. وغير الجديد أنها تهدد السلطة الفلسطينية بقطع الأموال عنها في محاولة لثني السلطة عن التوجه للجمعية العامة لتقديم طلب الحصول على دولة فلسطينية، وفي نفس الوقت تضع كافة المحفزات المالية التي من شأنها إنهاء القضية الفلسطينية ببعض الرشاوى المالية باسم الرواتب. واعتقد أن هناك تقاطعا عربيا مع السياسية الأمريكية رغم المنحة السعودية "200 مليون دولار"، لكن جن جنونها عندما أعلن اردوغان أنة سيقف إلى جانب الشعب الفلسطيني فيما إذا توقف الدعم المالي الأمريكي.

الوطن مقابل المال: هذا هو الشعار الأمريكي في هذه المرحلة، مرحلة حولت المقاومة إلى إرهاب! والتحرك الجماهيري إلى فلتان أمني! والمصالحة الفلسطينية انحرافا عن مسار السلام! إما التسوية وإما حماس؟ هي أدبيات جديد دخيلة وانعكاس مسخ لاتفاقيات مسخ جلبت لشعبنا الفلسطيني الدمار المتمثل بالانقسام والتنسيق الأمني وفتح باب السجون على مصراعيها للوطنيين الفلسطينيين في شقي الوطن.

شعارهم واضح: أنت لست معنا إذن أنت ضدنا، وعليك أن تجثو على الركب وتسمع الكلام،فالمرحلة ليست مرحلتك وهذا مربط الفرس.

أقنعونا بأننا لا يمكن أن نعيش إلا بالدولار الأمريكي الذي تفوح منة رائحة الضحايا في العراق! أقنعونا أننا شعب غير قادر على القول لا لأمريكا وأموال أمريكا وما يسمى بوكالة التنمية الأمريكية.

أقنعوا بعضنا أن استقبال الحاخامات الذين يدعون أنهم يؤيدون قيام دولة فلسطينية أرقى أشكال النضال! وأن استقبال الجنود الذين يرفضون الخدمة قمة الوطنية وبعيداً عن التطبيع! ألّهوا أمريكا وقالوا لنا ما العمل؟ لدرجة انك لم تعد تجد فرقا بين يسارك ويمنيك! لدرجة أن جميعهم تلقى دروسه على يد نفس الشيخ، وبعد أن ورطونا في اتفاقياتهم وانقسامهم والسطو على المنظمة وتفريغها من أي مضمون يخرجون عليك ويقولون لك ما العمل؟ ما هو البديل؟ نحن شعب ضعيف! وعلينا أن ننحني في وجة العاصفة! والعواصف لا تنتهي.

ما العمل؟ ما هو البديل؟ العمل أن نحترم شعبنا، وأن نرفض الأموال الأمريكية المشروطة، وأن لا نقبل بالخطاب الأمريكي والإسرائيلي تجاهنا، نحن شعب ضعيف نعم، وقوتنا تكمن في ضعفنا، لكننا بحاجة إلى وحدتنا، وإعادة الاحترام لمنظمتنا بعيداً على الديماغوجيا التي نسمعها من السياسيين الذي يوازنون الأمور وفق مصالحهم. سياسيون لا يطرحون الحقيقة للناس، وقبل أيام قال لي أحد الأصدقاء فسر لي كيف لم يتجاوز عدد الحضور المئة لمحاضرة حضرها أربعة فصائل في بيت جالا، قلت له التفسير واضح غابت الثقة.

ما العمل في مواجهة أمريكا؟الحل بحكومة وطنية بعيداً عن التكنوقراط ووعود الدكتور فياض الذي ينطبق علية المثل القائل "صحيح لا تقسم ومقسوم لا توكل"! العمل بأن نعترف بحقيقة أنفسنا بأننا ضعنا بين الدولة والثورة، وأصبح عندنا موظفون كبار وآخرون صغار، العمل بتوحيد الرواتب والقضاء على الفروقات والمنح وملاحقة الفاسدين، والعمل بأن تعود القيادة للشعب.. لعل وعسى أن يعود لها، والعمل بالقضاء على البساط الأحمر والسيارات والكوبونات والتنسيق الأمني، العمل بإعادة الأسماء إلى مسمياتها.

يقول البعض نحن مقبلون على كارثة، والحقيقة أننا نعيش الكارثة، والكارثة لا تكمن بجرائم دولة الاحتلال التي سلحت مستوطنيها وعشرات الأطنان من المياه القذرة لتغرقنا فيها، ولا في إغلاق الحواجز. الكارثة أن فلسطين الوطن والشعب في أزمة غير مسبوقة ونحن نقول "بدنا نفاوض والمفاوضات أولا وثانيا وعاشر"، وهم يخططون كيف يرحلون شعبنا إلى السعودية أو الوطن البديل في الأردن.

سواء جاءت دولة أيلول أم لم تأت، ورقة التوت تسقط للمرة الألف عن العورات، ولم يعد ممكنا إقناع الشعب الفلسطيني بأوهام التسوية، ولا بعملية بناء تفتقر إلى أبسط المقومات ألا وهي الشعب، نعم خرج بعضنا إلى الشوارع، ونعم للورقة الأخيرة والخيار الأخير، ولكن سقط القناع عن التحالف الأسود وقائدته أمريكا التي هي رأس الأفعى.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير