الفئات 'الضعيفة والمهمشة'.. مسئولية المجتمع وليست عبئاً عليه..نبيل دويكات
28.09.2013 02:19 PM

كما يقال إن "الشيطان يكمن في التفاصيل"، ومع انني لا أريد الخوض في التفاصيل، إلا أنني سوف أشير إلى بعض ردود الفعل، أو بالأصح الإجابات التي سمعتها من بعض الجهات سواء رسمية أو إعلامية أو مجتمعية. في حالة مقتل المواطن في طولكرم جاءت بعض الاجابات لتقول "انه مريض نفسيا".
اما في حادثة مقتل الفتاة في الخليل فجاءت بعض الاجابات لتقول "ان الفتاة من ذوات الاعاقة وقتلت على خلفية ما يسمى "الشرف" لأنه تبين أنها حامل".
في هاتين الاجابتين باعتقادي لا يكمن الشيطان فقط، وانما تكمن كل الشياطين، وهي شياطين التمييز على اساس الجنس والتمييز على اساس الاعاقة، والتمييز المزدوج، على اساس الجنس والاعاقة، ليس هذا فحسب، وانما هناك ايضا شياطين اخرى كشيطان الصمت عن قول الحق، وشيطان اللعب بالامن والسلم المجتمعي او الاستهتار به بالحد الادني، وشيطان الهروب من المسئولية، ليس فقط الاخلاقية وانما ايضا المسئولية المجتمعية التي تتطلب تحمل كل هيئة ومؤسسة وكل مواطن مسئوليته تجاه مجتمعه.
اكتفي حتى الآن بهذه الشياطين التي ذكرت، فهي باعتقادي تعني المعنى الحقيقي للكلمة والمضمون كما هو مهفوم ضمنا في ثقافتنا المجتمعية. اعتقد ذلك لان التوتر الحاصل نتيجة كل حدث وارتفاع منسوب الاهتمام العام بالحادثين الذين ذكرتهما اعلاه، كمثال لا للحصر، وجد من يطفأه بالقول في الحادثة الاولى: مواطن يقتل: قتل نفسه لانه مريض نفسي.
والحادثة الثانية: مواطنة من ذوات الاعاقة قُتلت: بداعي"الشرف" لانها وجدت حامل.
يظن اصحاب هذه الاجابات انهم يقدمون الماء البارد للمواطنين الظمآنين للحقيقة، وظمآنين اكثر للأمان الاجتماعي. نسي هؤلاء ان ذوي الاعاقة هو مسئولية المجتمع على اختلاف مؤسساته، ليس فقط حقه في الحياة، وانما حقه في العناية والرعاية والتأهيل والعلاج وغيرها من الحقوق الانسانية. وان قتله جريمة كاملة ومتكاملة الاركان، وحتى اهماله لدرجة ان يقوم هو بقتل نفسه جريمة مزدوجة.
والحال اصعب بالنسبة للفتاة من ذوي الاعاقة، فالجريمةالاولى هي اهمالها وعدم العناية بها، والجريمة الثانية هي الاعتداء عليها جنسيا، ومن ثم جريمة ثالثة هي تحميلها مسئولية كل ذلك وعقابها بالقتل. لا اعرف ان كانت الشياطين نفسها تستطيع تحمل كل هذا العبء والمسئولية أم لا.
لكن في كل الأحوال فإن أجراس كثيرة وعديدة للانذار تقرع في كل ناحية من نواحي حياتنا لتذكرنا ان نفعت الذكرى. وبدلا من أن تكون الإجابات التي تقدم وكأنها البلسم الشافي للمواطنين المتوترين القلقين عند كل حادثة، وكأنها نهاية الحدث وتفاعلاته، والانتظار لحدث جديد قادم، وكأنها دعوة للهدوء وعدم القلق لأن الأمور"على ما يرام"، بدلا من ذلك ينبغي أن تكون هذه "الاجابات" هي بداية لسلسلة من التساؤلات والفحص والبحث عن الاسباب والمسببات والدوافع. حينها، وحينها فقط، نتمكن من بث روح السكينة والشعور بالاطمئنان لدى المواطنين، علنا نتمكن من تفادي وقوع حادثة اخرى جديدة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء