أوسلو والانقسام أغرقا القضية الفلسطينية بالويلات

16.09.2023 08:43 AM

 


كتب: عبدالرحيم الريماوي

دفع اتفاق اوسلو الاحتلال الى اشعال الجدل والخلافات السياسية والفكرية في الساحة الفلسطينية، وفرح وارتاح كثيرا للأثار السلبية والمصائب الكارثية في الرؤى ازاء القضية الفلسطينية التي خلفها اتفاق اوسلو على كفاح ونضال ومقاومة فصائل العمل الوطني الفلسطيني، بعد ان اعترف الموقعون على اتفاق اوسلو بحق اسرائيل في العيش في سلام وامن، دون ان يحصل الفلسطينيون على الاعتراف باقامة دولتهم المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، وفق الشرعية والقانون الدولي.

اتفاق اوسلو لعب دورا كبيرا في تقسيم وتفتيت الشعب الفلسطيني، والاحتلال واصل البناء في المستوطنات وتنكر لتطبيق حق عودة اللاجئين، لب وجوهر الصراع العربي الفلسطيني الاحتلالي.

رغم مرور ثلاثين عاما على توقيع اتفاق اوسلو لم يفكر موقعو اتفاق اوسلو بتقيم التجربه بعد ان قامت الدبابات الاحتلالية بالدوس على كل الاتفاقيات في عام 2002، واستمر نهب الاراضي الفلسطينية لصالح تكثيف البناء الاستيطاني المتغول في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، واليوم يستهدف الاحتلال المسجد الاقصى والكنائس وكل شيء، فيما حصل الموقعون على اتفاق اوسلو على وعد بمواصلة المفاوضات "حول قضايا الوضع النهائي" في ظل غياب الدور الاقليمي والدولي الذي لعب دورا في القضاء على حل "اقامة الدولتين"، اما الادارة الامريكية بالتنسيق مع الاحتلال وبعض الدول الاقليمية فانها تعمل بكل الطرق للانفتاح على مكونات الشعب الفلسطيني لإحياء بعض الآمال "بتقديم رشوات مالية، تحسين الظروف المالية" بعد تخلي وابتعاد الانظمة العربية عن القضية الفلسطينية لأسباب تتعلق بوجود السلطة الفلسطينية، الادارة الامريكية تعمل ليل نهار على شطب المبادرة العربية، بدعوى انها تشكل عائقا امام تقدم عملية التطبيع مع الانظمة العربية، ودفع السعودية الدخول في عملية وصفقة تطبيع مع الاحتلال الاحلالي.

الادارة الامريكية تحاول اليوم ان تنصب فخا اكبر من فخ اوسلو لمساعدة الاحتلال  في محاولة انهاء حل اقامة الدولتين وتهويد وأسرلة القدس و 60% من الضفة الغربية، لتأبيد الاحتلال وتطبيق وتنفيذ سياسة الفصل العنصري لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني ومنع تطبيق حق تقرير المصير، بغية تكريس اقامة الدولة التلمودية الكبرى من الفرات الى النيل وتغير الميزان الديمغرافي والجغرافي على ارض فلسطين لصالح المشروع الاستيطاني، بموافقة عربية واسلامية ودولية.

الادارة الامريكية والدول الغربية الاستعمارية تلعب دورا كبيرا في القضاء على مشروعية النضال والكفاح الفلسطيني، لشطب المشروع الوطني الفلسطيني، ووضع الفلسطينيين في غيتوهات ومعازل تفصلها الحواجز المسكرية الاحتلالية، وتكثيف البناء الاستيطاني واقامة الطرق والشوارع العنصرية الخاصة بالمستوطنين، لصالح مشروع التطبيع العربي الاسلامي الاحتلالي، وخلق موازين قوى جديدة في المنطقة بقيادة دولة الاحتلال، وتحويل فلسطين التاريخية الى اراض يهودية خاصة بالتلموديين، بعد  شطب حق عودة اللاجئين وتوطينهم او تهجيرهم من مخيماتهم في الشتات، وتهجير من يرغب بالهجرة من الضفة الغربية وقطاع غزة، بحجة عدم وجود شريك فلسطيني يقبل بالمفاهيم التلمودية المتبناة من سموتريش وبن غفير، اللذان يعملان على شطب قيادة منظمة التحرير التي وقعت على اتفاقات اوسلو، وشطب المفاوضات من القاموس السياسي التي اقرها اوسلو، الذي لعب دورا كبيرا في عملية التطبيع العربي الاحتلالي.

الادارة الامريكية المتحالفة عضويا مع الاحتلال تتبنى مشروع القضاء على الكفاح والنضال والمقاومة الفلسطينية، لصالح فرض سلطة المستوطنين في الضفة الغربية والقدس، لذلك دخل المستوطنون بالتنسيق مع جيش الاحتلال مرحلة ممارسة الاعتداءات والتدمير والحرق والاقتحامات للبلدات الرافضة للتوسع الاستيطاني في اراضيها ابرزها ما حصل في بلدة حوارة وترمسعيا وبرقة وبيتا، لخلق حالة احباط في صفوف الشعب الفلسطيني المنتفض ضد السياسات الاحتلالية ومستوطنيه في الضفة الغربية والقدس.

الكل الفلسطيني والعربي والاسلامي، يتساءل هل مرحلة التطبيع شقت طريقها في العالم العربي؟ وهل تخلت الانظمة العربية الرسمية عن القضية الفلسطينية والاراضي العربية المحتلة عام 1967؟ علما ان السياسة الاحتلالية لا تحترم الامة العربية لدرجة انها تتنكر اليوم لموقعي اتفاق اوسلو وتتآمر عليهم لاضعافهم واسقاط السلطة الفلسطينية، في الوقت الذي يعيش فيه الاحتلال هواجس فتح جبهة الشمال مع المقاومة اللبنانية.

الشعب الفلسطيني بكل مكوناته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاكاديمية والثقافية مطالبون اكثر اي وقت مضى بتعزيز وحدتهم الداخلية والصمود والكفاح والنضال والمقاومة لتخدم الاهداف الفلسطينية السياسية، وتحقيق حق العودة والتحرر الوطني والخروج من مأساة الاحتلال سواء اتفقت الموالاة والمعارضة او لم تتنفق على انهاء انقسامها الأسود، الذي جر المزيد من الويلات السياسية والديمغرافية ازاء القضية الفلسطينية العادلة المعترف بها دوليا واقليميا وعربيا واسلاميا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير