حمدي فرّاج يكتب لوطن: مخيم جنين .. الأرض بتتكلم عربي

17.07.2023 10:25 AM



الاغنية باللهجة المصرية "الأرض بتتكلم عربي" التي وضعها الشاعر فؤاد حداد وأداها لحنا وغناء الفنان الكبير سيد مكاوي، كانت والحديث موجه الى زعماء "إسرائيل"، ومعهم المطبعين، عربا و فلسطينيين، قديمهم وحديثهم، ان هذه الأرض تتكلم العربية، لم يقل الشاعر انها تتكلم الفلسطينية او العراقية او المغربية او الخليجية، وان كلمة الأرض ليست مقتصرة على فلسطين فقط، بل على الأرض التي تمتد من المحيط الى الخليج.

هذه الأرض التي تتوزع على القارتين الأعظم والاقدم في التاريخ الإنساني؛ افريقيا وآسيا، وبالحضارتين الاعرق؛ حضارة النيل والفراعنة، وحضارة كنعان ما بين النهرين؛ حدائق بابل المعلقة والكتابة المسمارية ومئة اله عبدهم الكنعانيون ومن بينهم آلهات إناث كعشتار.

ليست الأرض تتكلم العربية فقط، من خلال نحو نصف مليار انسان، وتتكلم معهم شمس ساطعة ومياه حلوة عميقة، وثروات لا تعد و لا تحصى. فما الذي جعلكم تعتقدون انكم قادرون على اختراقها ، ما الذي جعلكم تعتقدون انكم قادرون على تغييرها ، ما الذي جعلكم تعتقدون انكم قادرون على حكمها حتى ولو بالحديد والنار و المسح والابادة .

جنين جزء لا يتجزأ من هذه الأرض ، تتكلم عربي ، و تنتمي بالتالي الى العروبة ونفس الطبيعة الناطقة و الصامتة ، تتاخم المرج ، و البحيرة و جنوب لبنان ، فيها مخيم جاء سكانه من حيفا و عكا والكرمل و صفد و عشرات القرى التي هدمت و دمرت قبل خمسة و سبعين سنة ، كيف تعتقدون انه بامكانكم ترويضه و تدجينه و نزع جذوته و نضاله الذي لم يبدأ بالكتيبة ، بل لثلاثة أجيال مضت في طريق المقاومة والفخر والكرامة ، لقد نظر الجيل الرابع ، جيل الكتيبة ، الى سلام الوهم قبل ثلاثين سنة ، فوجد انه لم يجلب الا الخيبة والخداع والصغار للشعب كله والأمة برمتها، حتى الخيمة التي نصبت مؤخرا في قرية الغجر ينظر اليها الجنينيون أنها نصبت من اجل نصرتهم، كما ينظرون الى انهم قادرون بدورهم على حمايتها من الذئاب والخنازير البرية.

لا ينفع ولا بأي حال، ولا بأي وسيلة، ولا بأي مجزرة او جزرة، ان يغير مخيم جنين جلده، لأن هذا مناف للطبيعة، ومناف للقيم والأخلاق والأعراف، ومناف للأرض التي تتكلم العربية.

بعد اتفاقية أوسلو ووادي عربة، أعاد الفنان الأردني الكبير موسى حجازين أداء اغنية سيد مكاوي (الأرض بتتكلم عربي، ويا خوفي تتكلم عبري). مستحيل يا أخ موسى، مستحيل ان يتكلم مخيم جنين عبري، وإن تكلم فسيأتيه مخيم بلاطة وعين الحلوة واليرموك والوحدات، فيعيدوا الى شوارعه وأزقته عربيته وعروبته.

"الارض بتتكلم عربى قولوا الله / ان الفجر لمن صلّاه". أما محمود درويش في قصيدته الخالدة "أيها المارون بين الكلمات العابرة"، فقد طالبهم أن يخرجوا من اربع مفردات "حائية" كل مفردة من ثلاثة أحرف فقط: اخرجوا من بحرنا من ملحنا من قمحنا من جرحنا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير