عدنان الصباح يكتب لوطن.. جنين ومخيمها والحب في زمن الزنانة

14.07.2023 02:32 PM

 ابدا لم يلتفت جندي الاحتلال الى ساعدي الطفلة المقدسية كنز وهي تمتد للفضاء لعل الله يلقي بحضن والدها المقيد بالقيود وبالجنود إليها، لكن جنود الشيطان لم يروها والشيطان لمن لا يدري هو مؤسس العنصرية الأول في هذا الكون حين رفض السجود لآدم لأنه مصنوع من التراب وبالتالي جاء من يفرق بين عرق وعرق او حسب اللون او الجنس او الدين او الطائفة او البلد او الجهة او الحي وحتى العشيرة.


شيطان العنصرية الذي حرم ساعدي كنز الصغيرة من احتضان والدها والارتماء في أحضانه منع والد كنز أخرى في مخيم جنين من القدرة على الإفلات من ساعديها طوال فترة الحرب على مخيم جنين ولأكثر من ثمان وأربعين ساعة لم يتمكن والد كنز الجنيني رغما عن انفه بعد ان غادر والده ارضه الاصلية في الجليل مجبرا على يد شيطان ثالث.

كثيرة هي شياطين الاحتلال وشيطناته ليس بنفسه ولكن باختراعاته ومنها هذا الشيطان الآلي الذي يسميه أهالي جنين ومخيمها بالزنانة والتي تجوب ازقة المخيم وتقف على شبابيك نوم أهله وتطل على أسرتهم وخزائن ملابسهم وتدخل كل زاوية ان لم يكن من الشباك فبواسطة ما لديها من تقنيات لم تصل للحياة المدنية بعد.

أولئك الذين يتحدثون عن حقوق الحيوان في أوروبا وأمريكا والذين لم توقظهم دماء الأوكرانيين ابدا ما داموا يقاتلون الروس نيابة عنهم ولم تقلقهم حتى دماء فقراءهم حين ارسلوهم للموت او للقتل تحقيقا لمصالحهم وجيوبهم وثرواتهم هؤلاء لم يقلقهم ابدا ان النساء والرجال في جنين ومخيم جنين يرتعشون خوفا وهم يخلعون ملابسهم حتى ولو للاستحمام.

من مِن دعاة حقوق الحيوان يعرف ان هناك حقوقا مسكوتا عنها للإنسان الفلسطيني الذي تخضع خفايا جسده لتدخل الاحتلال المتواصل ليل نهار ومنذ أمد ليس قليل ليس في جنين وحدها ولا في مخيم جنين وحده ولكن انى كان الفلسطيني يعيش على وطنه فالطائرة التي اصطلح أهالي جنين على تسميتها بـ الزنانة لا تفارقهم ليل نهار ومنذ شهور.

الزنانة أخذت اسمها من الزن او الطنين الذي تصدره بلا توقف ولمن لم يجربوا ذلك فليجربوا الجلوس امام الة للطنين دقائق معدودة ليعرفوا كيف يمكن للحياة ان تستمر وكيف يمكن لطفل فلسطيني ان يمارس اللهو في ظل هذا الصوت وما هي الشخصية التي سيكون او تكون عليها أطفال جنين ومخيمها حين يكبرون.

الذين لم يجربوا هذا الطنين ولم يجربوا المراقبة الدائمة والمطلقة لحياتهم ليل نهار لم يسألوا أنفسهم كيف يمارس سكان جنين ومخيمها الحب تحت عيون الزنانة هذه ومن يقرؤون رسائلها في الخلف واي صور سيلتقطون لهم ان هم قرروا الاستجابة لرغباتهم الإنسانية الطبيعية في مجتمع محافظ حتى النخاع.

كل طفل فلسطيني هنا وكل رجل وامرأة من كل الاعمار بحاجة لان يعرف معنى الهدوء وهو لا يمكنه مثلا مثل كل عباد الله ان يجلس لحظة هانئا مع زوجته يرتشف فنجان قهوة ويعض أعقاب سيجارة ويستمع لفيروز وهو يتمتم لزوجته بكلمة حب علنية تحت اعين الزنانة التي لا تفارقهم.

انهم لا يراقبون المقاومين البواسل فقط وانما ينغصون حياة الناس الآمنين لعلهم يغادرون الوطن الى غير رجعة ويتحدثون عن الإرهاب والإرهابيين دون ان يرف لهم جفن وتساندهم دول العالم أيضا وكأن الفلسطيني اقل درجة من ذلك الحيوان الذي يؤسسون له جمعيات ويسنون قوانين لحمايته.

الإرهابي من يمنع الحب بحرمان كنز من احتضان والدها ومراقبة غرف نوم الفلسطينيين ومنعهم من العمل والسفر والسكن والتعلم والتطبيب بل ومنعهم من لحظة هدوء واحدة يحتاجها كل كائن حي بما في ذلك ليلا هانئا وصامتا للنوم ففي جنين ومخيمها لم يعد ممكنا النوم بلا الهانئ فالزنانة لا تنام ولا ينام معها سكان المخيم.

انهم ينغصون حياة كل فلسطيني على وجه أرضه الفلسطينية لا لشيء الا ليغادر ويغتصبوا مكانه ويقيمون على أرض فلسطين اكبر قاعدة للعنصرية والجريمة على وجه الأرض برعاية شيطان الأرض الأكبر أمريكا ومن لف لفها ولا يجوزان نستثني أحد فما دام هناك طفل فلسطيني لا يستطيع احتضان والده واب لا يمكنه ترك خوف طفلته ورجل لا يستطيع عناق زوجته وشاب لا يجد قدرة على صناعة غده بحرية فان الحرية تبقى ناقصة لكل بني البشر ولا يجوز لاحد التشدق بحريته ولا بديمقراطيته الا على قاعدة واحدة ان العنصرية المنتمية للمؤسس الأول لها الشيطان هي التي تحكم هذا العالم وليس العدل ولا تعاليم الله بالمساواة بين الناس في كل شيء.

في جنين ومخيمها الحب محرم وفي القدس الصلاة محرمة وفي الخليل البيت محرم على صاحبه وفي بيت لحم يصير الوصول الى مهد يسوع بأمرهم لا بأمر الله واهل بيته وفي نابلس يصير قبرا يدعون قداسته اهم من كل المدينة ومخيماتها وناسها وفي اريحا تصير عقبة جبر عقبة امام حياة سكانه على يد المحتلين وفي الأغوار يصبح الرعي وخيمة الراعي إرهابا وقتل البشر دفاعا عن دين موسى عليه السلام الذي خانوه قبل غيره.

في جنين ومخيمها يصبح الطعام بنكهة غبار القنابل والرصاص والطرق المحروثة ويغيب الماء باردا او نقيا ويغيب النوم ويغيب الحب ويغيب الأمان ثم يأتي من يساوي بين القاتل الغيب والمقتول المقيم في بيته ويتحدث عن امن المدنيين من المدنيين لا من الغزاة وتتفهم كل دول العالم المارقة احتياجات دولة الاحتلال ولا تلتفت لصراخ الضحية فأي حديث إذن يجوز عن طهارة هذه الأرض بهؤلاء السفلة الذين يوجهون دفة الأرض حيث يشاؤون فتصبح روسيا معتدية يموت في قتالها الاوكران وإسرائيل دولة حضارية لها الحق بقتل الفلسطيني غير الحضاري كما يرغبون.

ان من لا يدافع عن حق الفلسطيني في الحب كباقي البشر لهو مشارك حقيقي للمحتلين في جرائمهم المتواصلة بلا توقف وبكل أشكال الإبداع في البطش والترهيب لتدمير حياة الفلسطيني وتحويلها الى جحيم لا يطاق وبالتالي لا يجد سبيلا للعيش الا بالتنازل عن حقه الطبيعي به ليستجديه في أي مكان آخر بعيدا عن وطنه الذي ينهب على مرأى ومسمع من كل العالم الذي يدعي الحرية زورا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير