المقاومة والتنمية الفلاحية سبيلنا الأوحد للسيادة الغذائية

13.07.2023 10:36 PM

وطن- سعد داغر

لعل "اللايقين" هو اليقين الوحيد صاحب الحضور المتجذر في حياتنا على كوكب الأرض، ولعله قانون الحياة التي نعيش اليوم فصولها في عالمٍ، الصفة الوحيدة التي تصبغه، أنه عالمٌ مضطرب، بل شديد الاضطراب.

فلا شيء ثابت على هذا الكوكب، والتغَيُّر سريع، لدرجةٍ لم يعد من السهل مواكبته والوقوف على تجلياته وانعكاساته، ومواجهة تبعاته، التي تتأثر بها الفئات المجتمعية المسحوقة بالدرجة الأولى، فبات الناس يتقلّبون في حيرة، بسبب ما يواجهونه من أزمات وصدمات تعصف بهم، بعضها مفتعلة من جهات تتحكم بمفاتيح إطلاق تلك الأزمات، وبمفاتيح نهايتها أيضًا، دون أن يكون للشعوب فيها دور، ولا للحكومات كذلك، بل ربما في أحيانٍ تكون بعض الحكومات شريكة في تلك الأزمات المفتعلة والتآمر على شعوبها، سواء بوعي أم بغباءٍ ناتجٍ عن قلة الوعي أم لفساد فيها.

سقوط نظرية الأمن الغذائي
لقد بات صدى وانعكاسات الأزمات المفتعلة أو الطبيعية سريعاً، ففي خضّم ثورة تكنولوجيا الاتصال والتواصل، ما هي إلا ثوانٍ معدودة ويصل أي خبرٍ يُراد له الوصول إلى كل أصقاع الأرض، التي تغطيها الشبكة العنكبوتية "الإنترنت"، حتى أن تأثر الشعوب بما يحدث في أي بقعة من أصقاع الأرض صار سريعاً، فكان لأولى الأخبار عن "كوڤيد 19" وقع كبير، ما شكَّل صدمة رعب لا سابق لها بين الشعوب على مستوى العالم كله، وكان لها تبعات اقتصادية عميقة، ما زالت إرهاصاتها حاضرة حتى اليوم، إضافة إلى الانعكاسات الاجتماعية والسياسية.

ومن أبرز ما شهدناه في أزمة كورونا، سقوط نظرية الأمن الغذائي في البلدان المختلفة، كونها نظرية تقوم على أساس "القدرة" على توفير الغذاء بالكمية والكيفية المناسبة، بغض النظر عن مكان إنتاج ذلك الغذاء، فهو أساسًا يعني القدرة المالية لشراء الغذاء، ولا يهم أين يُنتج الغذاء، ومن الذي ينتجه وكيف.

ومع أن الأزمة الاقتصادية وأزمة الغذاء في عام ٢٠٠٨، كانت جديرة بدفع الدول والحكومات الوطنية إلى إعادة التفكير في الموقف من مسألة الأمن الغذائي بتعريفه السابق، واتخاذ خطوات تُبعد عن شعوبها، الانعكاسات المؤلمة لوصفة "الأمن الغذائي"، التي تعد أصلًا وصفة وإملاء من المؤسسات والآليات الدولية المتمثلة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهدفها الوحيد استنزاف خيرات الدول وإغراقها في الديون، وخلق الاضطرابات السياسية والاجتماعية، لإحكام السيطرة على الدول وإفقار الشعوب.
لكن واقع الأمر أظهر أن الدول والحكومات لم تتعلم الدرس أو أنها لم ترد أن تتعلمه؛ وبقيت في سياساتها على ما هي عليه، واستمرت في تبني مبدأ "الأمن الغذائي"، القائم في جوهره على استيراد الأغذية الأساسية، ما يجعلنا واثقين أن "لا أمن غذائي" حقًا، يمكن تحقيقه بانتهاج سياسة "الأمن الغذائي"، إذ كيف يمكن لبلد أن يكون آمناً غذائياً في وقت يستورد غذاءه من دولٍ أخرى قد تبعد عنه آلاف الكيلومترات؟ كيف مثلاً لمصر، التي يعتمد أهلها على الفول في كل وجباتهم تقريباً، أن توفر أمناً لهذه المادة الغذائية، في وقتٍ تستورد فيه الفول بنسبة تراوح بين ٨٥٪ و90٪ من الخارج، وفي حال حصول أزمة قد يتوقف توريد الفول؟ وكذلك الحال في الأردن، الذي يستهلك نحو مليون طن من القمح، وينتج نحو ٣٠ ألف طن منها فقط.

الحل الوحيد لمشكلة الغذاء العالمية
وفي حين، لم يتعافَ الناس بَعد من صدمة "كوڤيد" وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية، ظهرت للعالم أزمة جديدة، تتمثل في فصول المواجهة والحرب في أوكرانيا، بين روسيا وحلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الآخرين، إذ كان لهذه الحرب المتصاعدة، ارتدادات عنيفة وفورية على أسعار الغذاء والسلع عامة، والمخاوف من حدوث خلل أكبر في توريدات القمح والأعلاف بسبب هذه المواجهة، مما يضع على المشرحة من جديد نظرية الأمن الغذائي، التي تتبناها الحكومات بتوجيه من مؤسسات دولية وعلى رأس تلك المؤسسات البنك الدولي، بهدف السيطرة على الشعوب في مختلف البلدان وذلك بالسيطرة على الغذاء وآليات إنتاجه وتوزيعه، حيث السيطرة على الغذاء والتحكم به تعني بالضرورة السيطرة على الشعوب وإخضاعها لسياسات البنك الدولي ومن يقف خلفه، تلك السياسات التي تزيد من إفقار الشعوب وتسحق الفئات الفقيرة ذات الاقتصاد الهش، وتستنزف خيرات الدول المختلفة، وخاصة في ما بات يُطلق عليها "دول الجنوب"، فضلًا عن إضعاف الزراعة وإفقار المزارعين في تلك البلدان ورفع الدعم عنهم، بينما تذهب نصف موازنة أوروبا لدعم الزراعة ومزارعيها بقيمة تصل إلى مئتي مليار دولار سنوياً.

في مقابل ذلك، وبينما تتبنّى الدول والحكومات سياسة "الأمن الغذائي"، تنشط في بلدان كثيرة من العالم، جماعات وحركات تتبنى مفهوم "السيادة الغذائية" وتسعى لتكريسه، سيادة يقع في صميم فلسفتها مبدأ "الحق في إنتاج الغذاء" والسيطرة والاعتماد على الموارد المحلية لإنتاج ذلك الغذاء، من بذور وأرض ومياه باعتبارها موارد أساسية، وأعلاف وأسمدة طبيعية محلية، وغيرها من الاحتياجات الضرورية للإنتاج.

هي حركات ثورية التوجه، تهدف للتحرر من سيطرة الأدوات الاستعمارية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ولتحقيق ذلك التحرر، تتبنى أنماط الزراعات الطبيعية والبيئية، التي تهدف لإنتاج غذاء حقيقي، صحي وآمن على صحة البشر، وفي الوقت نفسه كافٍ لإطعامهم، بالاعتماد على الموارد المحلية، في وقت تشير فيه دراسات كثيرة، سواءً لمنظمة الزراعة والأغذية العالمية "الفاو"، أم غيرها من المؤسسات والعلماء والخبراء، أن الفلاحة البيئية هي الحل الوحيد الحقيقي والمستقبلي لمشكلة الغذاء العالمية، خاصة إذا ما علمنا أن الفلاحة البيئية تقوم في الأساس على تنويع الإنتاج الزراعي بشقّيه النباتي والحيواني، وتكثيف المحاصيل في وحدة المساحة وتواصل الإنتاج فيها، دون انقطاع، ما يؤدي إلى زيادة في إنتاج الغذاء تصل إلى ضعفي إنتاج الزراعة الكيميائية الأحادية، وفي أحيان أخرى تزيد على ذلك بكثير.

منهجيات زراعية تعزز الاكتفاء الغذائي الذاتي
وعند الإضاءة على هذه المسألة الحياتية المرتبطة بإنتاج الغذاء في الواقع الفلسطيني، يصبح للأمر أبعاد أخرى، أشد وطأةً وخطورة، مع استعمار صهيوني، هدفه السيطرة على الأرض الفلسطينية ومصادرتها وطردنا منها لاستكمال الجزء الأول من مشروعه الاستعماري، فيما الجزء الثاني من هذا المشروع يهدف إلى ضم المزيد من الأراضي إليه، بالسيطرة على بلدان أخرى لإقامة الدولة الأكبر.

وانطلاقاً من ذلك، نشهد العدوان المستمر على شعبنا الفلسطيني بأشكاله المختلفة سواء العسكري المباشر، بما تشهده مدن الضفة الغربية وقطاع غزة، أم باستباحة العصابات الصهيونية الأرض، وهجومها على المزارعين والقرى الفلسطينية التي تسكن المستعمرات المنتشرة في الضفة الغربية.

وهنا تقفز الأسئلة الأهم: "ما هي المقومات الغذائية لصمود شعبنا مع هذا الواقع الاستعماري؟ هل نحن ننتج ما يساعدنا على الصمود إذا ما توقفت سلاسل إمداد الغذاء؟ وهل الزراعات المُتبعة تنتج الحاجة الغذائية الحقيقية للناس؟ وهل الأساليب الزراعية المتبعة تعزز قدرتنا في الاعتماد على الذات، لإنتاج وتغطية الجزء الأساسي من احتياجاتنا الغذائية؟

والسؤال المركزي أيضًا: كيف نعمل على تعزيز الصمود والقدرة والمرونة لمواجهة أزمات الغذاء العالمية وارتفاع أسعارها المفتعلة من طرف الآليات الدولية الاستعمارية الناعمة كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أدوات الدول الاستعمارية الإمبريالية؟
في هذا السياق نجد أن الغذاء الرئيس، الذي يُستخدم سلاحًا مسلطًا على الشعوب، يتوجب علينا أن ندفع نحو إنتاجه محلياً لإبطال مفعول ذلك السلاح، وإن كانت الظروف لا تسمح بإنتاجه كلياً، فليكن العمل على إنتاج الجزء الأكبر منه محلياً، مع التدرج في زيادة الإنتاج وصولاً إلى تحقيق بعضٍ من الاكتفاء الذاتي، من المحاصيل الرئيسة والإستراتيجية، التي تُستخدم سلاحاً للسيطرة الناعمة غير العسكرية.

هذا النوع من التوجه يتطلب تغييراً جوهرياً في السياسات والإستراتيجيات الزراعية، بحيث يكون جوهر هذه السياسات التشجيع والتركيز على منهجيات زراعية تعزز مبادئ الاعتماد على الذات في الانتاج، لتحقيق قدر من الاكتفاء الغذائي الذاتي، أساسه المحاصيل الإستراتيجية، المتمثلة في الحبوب والزيوت والأعلاف، تليها المحاصيل الجذرية والخضار والفواكه.
وتسود في العقود الأخيرة اعتقادات وأفكار، بأنه بات من المستحيل تحقيق الاعتماد على الذات في إنتاج كل ما يلزم من الغذاء، وقد يكون ذلك الاعتقاد فيه شيء من الصحة، فالتبادلات التجارية في مجال الأغذية وحركة الانتقال من بلدان إلى أخرى، أضحت صفة تميز الاقتصاد العالمي، إضافة إلى التغيرات في بنية المجتمعات.

لكن ومع كل ذلك، فإن بعض البلدان مرت بتجارب الحصار ومحاولات التجويع، من أجل السيطرة عليها وابتزاز مواقف سياسية منها، بمعنى أن الغذاء هنا مرةً أخرى اُستخدم سلاح إخضاع، لكن عديدًا من تلك البلدان المحاصرة سعت إلى انتهاج خط اقتصاد الصمود، القائم على الإنتاج الذاتي، بهدف الحفاظ على قدر كبير من استقلال قراراتها وسيادتها.

أنظمة تمسح ذكاء الفلاح
السؤال الذي يعود مرة أخرى هو "أين نحن الفلسطينيين من هذا؟، في وقت نحن أكثر الناس حاجة لتبني اقتصاد الصمود، الذي يمكنّنا من مواجهة العدو الصهيوني، والانفكاك من التبعية له في أهم مقومات حياتنا وهو الغذاء؟
واقع الأمر يشير إلى أننا بعيدون عن هذا النوع من الاقتصاد، بل ونبتعد عنه أكثر، مع غياب التخطيط الفعلي لاقتصاد مقاوم، أساسه الاعتماد على إنتاج غذائي مبني على مدخلات إنتاج محلية، وموجه لتلبية الاحتياجات الشعبية.
مثل هذا الإنتاج، يمكن الوصول إليه ليس بالأفكار المشوهة، التي تظهر على شكل موضة مصحوبة بدعاية "تبهر" بعض الناس، وتحرف فكرهم نحو تبني إنتاج بطرق أقل ما يقال فيها إنها تكرّس وترّسخ الاعتماد على مدخلات إنتاج خارجية، تفشل في معظمها عند الامتحان العملي، ويكون الأهم من الفشل، هو خلق التبعية.
فكيف على سبيل المثال لأساليب زراعية تعتمد كلها على مواد من الخارج باستثناء شيء وحيد هو الماء، أن تحقق مبدأ الصمود وبناء اقتصاد مقاوم (الزراعة المائية "الهيدروبونيك")؟

وهذا ينطبق على ما يُرّوج له من زراعة "ذكية" لا ذكاء فيها للفلاح، بل على العكس تماماً، فهي تمسح ذكاء الفلاح وتقضي على خبراته ومعارفه المتوارثة وتجعله عبداً لأجهزة ليس لنا في إنتاجها دور، وزراعة "دقيقة" لا تختلف عن سابقتها في شيء سوى دقة رسم طريق تبعية الفلاح للأسمدة الكيميائية والبذور المستوردة والأجهزة والأنظمة الإلكترونية غالية الثمن، التي تأسر المزارع في برامج معدة سلفاً وتبعد عنه الذكاء الإنساني الفطري للفلاح الذي كان يتصف "بدقة" ملاحظاته، ودقة الربط بين المتغيرات والفصول وأحوال الجو والتربة وتوفر الماء، إضافة إلى زراعة "مائية"، العنصر المحلي الوحيد فيها "الماء" كما ذكرت آنفاً.
زراعة تحتاج من المزارع متابعة يومية لقياسات حموضة المحلول الكيميائي "المغذي" وتركيز الأملاح وكهربائية المحلول، لأنه في حال حدوث خلل في أي منها سيفقد محصوله، فأي قلق نريد وضع المُزارع فيه ساعة بساعة؟

وزد على ذلك، فإن الأنظمة التي يُرّوج لها، عالية التكاليف، وقد يكون للمزارع الغني ذي الحيازات الزراعية الكبيرة، القدرة على تطبيق تلك الأنظمة، ولكن الحال ليس كذلك عند الفلاح الذي لا يملك تلك الإمكانات ولديه حيازة زراعية صغيرة، وهذا ما يمثل واقع الزراعة الفلسطينية، إذ أن نحو 83% من الحيازات الزراعية هي حيازات صغيرة، أي أقل من عشرة دونمات (أقل من هكتار).
وقد يقول قائل إن هذا الفكر يتعارض مع التقدم العلمي، وردي عليه هو التالي: "وذاك علم يراد به طرد الذكاء الأممي، ذكاء الشعوب المكتسب والممتد عبر آلاف السنين من الخبرة المتوارثة والوعي الباطني، هو علم يريد أن يَنفي عن الفلاح صفة الذكاء، ويراد به تكريس التبعية لمدخلات إنتاج وتكنولوجيات خارجية، والاتجاه نحو زراعات كيميائية لمحاصيل ثانوية، بها يُحرف الفكر والبوصلة عن فِلاحة ترّسخ الاهتمام بالتربة والأرض بكائناتها والإنسان، والاهتمام بالمحاصيل الأساسية، وذلك بخلق حالة "انبهار"، تصنع مزارعين "روبوتات"، بلا دور لذكائهم المتطور الممتد والمتصل بذكاء القدماء ووعيهم الباطني، في فهم الطبيعة والمزرعة والقدرة على التكيف في الظروف غير الثابتة.

هو علم يخلق مخاطرة كبيرة تجعل المزارع في حالة قلق دائم، فأي خلل في البرنامج ينطوي على خسائر كبيرة تُفقد المزارع محصوله أو ثروته، وهو علم يطرد الفلاحين من أرضهم، ولا يخلق سيادة غذائية في أي مستوى من مستوياتها.

ثلاثة مستويات
وفي مقابل ذلك، هناك سياسات زراعية، تدعو وتعمل على إرساء أساليب وسياسات زراعية، محورها الاعتماد على الذات وعلى الموارد المحلية، لإنتاج غذاء، يستهدف تغطية الجزء الأساسي من احتياجات الشعب والسوق المحلي، دون الخضوع لإرادات خارجية تتحكم في عناصر الإنتاج كافة، من أسمدة ومبيدات (سموم كيميائية) وبذور وتكنولوجيا.
وهذا التوجه يحتاج إلى العمل ضمن إستراتيجية تسعى لتحقيق سيادة غذائية على مستويات ثلاثة، أولها "المستوى الفردي (الأسري)، القائم على إنتاج غذاء يغطي الاحتياجات الأساسية للأسرة، لتتمكن من الصمود في ظروف سياسية متقلبة.
ومع الحاجة للحصول على دخل مجزٍ ومجدٍ، يحتاج الفلاح لتحقيق فائض إنتاج يبيعه لابن المدينة، وتحقيق فائض الإنتاج ممكن في إطار الزراعات البيئية وذلك ضمن مساحات صغيرة تصل إلى أقل من٥٠٠ متر مربع.

وفي ذات الوقت قد لا يستطيع الفلاح إنتاج كل ما يلزمه وأسرته من غذاء، وهكذا ننتقل للمستوى الثاني من السيادة الغذائية، وهي السيادة الجمعية، حين تخطط الجماعة أو القرية لتكاملية الإنتاج وتبادل المنتجات بين أفراد المجموعة المنتجة للغذاء، وهذا يتطلب قدراً كبيراً من التعاون والفهم المشترك لضروريات بناء اقتصاد جماعي مرن، مقاوم ودائري، حيث يتبادل أفراد الجماعة المنتجات والخدمات فيما بينهم، للوصول إلى التكاملية في إنتاج ما يحتاجون من الغذاء الرئيس.

ومع تطور الفهم لأهمية المستوى الأول والثاني من السيادة الغذائية، ووجود الإرادة الرسمية الحكومية لتحقيقها وتشجيع الوصول إليها، تصبح مسألة السيادة الغذائية على المستوى الوطني سهلة التحقيق.
وبهذا، نمهد لمدخل جديد للسيادة الغذائية، يقوم على وجود مستويات لها، العمل في المستوى الأول (الفردي/الأسري) بما يشكّل قاعدةً للوصول للمستوى الثاني (الجمعي) الذي بدوره يشكّل أساس المستوى الثالث (الوطني).

ومع واقعنا السياسي وسعينا للتحرر من الاستعمار الصهيوني، ومع الحصار المتواصل على شعبنا ومحاولات فرض سياسة الإخضاع، نصبح نحن الأشد حاجة للسعي لتكريس مبدأ السيادة الغذائية، ومرتكزها وقاعدتها الأساسية "الفلاحة البيئية والزراعات الطبيعية" الموجَهة للسوق المحلي، ، لتلبية احتياجات شعبنا من الغذاء، الذي بالضرورة يجب أن يكون صحياً، يُنتج بالاعتماد على الموارد المحلية والخبرات المتراكمة، بعيداً عن الأساليب الزراعية الغَازية والمغلفة بالسموم الفكرية، التي ترّسخ التبعية، وبعيداً عن استخدام السموم الكيميائية المهلكة لتربتنا؛ والمسممة لمياهنا؛ والممرضة لأجسامنا.

 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

تصميم وتطوير