سلامة الاغذية والادوية....والقلق المشروع
كتب: د.عقل أبو قرع
تم قبل أيام ضبط ومصادرة كميات من الادوية منتهية الصلاحية في منطقة بيت لحم، وقبل عدة ايام كذلك تمت مصادرة واتلاف كميات من الخضار والفواكه غير الصالحة للاستهلاك البشري في سوق خضار مدينة البيرة، وقبل ذلك، وبالتحديد في السابع من حزيران، احتفل العالم بما يعرف " اليوم العالمي لسلامة الاغذية"، والذي تم في عام 2023 تحت شعار "المواصفات الغذائية تنقذ الارواح"، حيث يسلط موضوع هذا العام الضوء على دور الممارسات والمواصفات المعمول بها في مجال سلامة الأغذية لضمان سلامة الأغذية وجودتها والحماية من الامراض.
والهدف من الاحتفال السنوي بهذا اليوم، حسب منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة هو لفت الانتباه والتحفيز على العمل للمساعدة في منع واكتشاف وإدارة المخاطر التي تنتقل عن طريق الغذاء، وكذلك المساهمة في الأمن الغذائي، وصحة الإنسان، والازدهار الاقتصادي، والزراعة، والوصول إلى الأسواق، والسياحة، والتنمية المستدامة، ويُعد مثل هذا اليوم الدولي فرصة لتعزيز الجهود لضمان أن الطعام الذي نتناوله آمن، وتعميم سلامة الأغذية في جدول الأعمال العام، والتقليل من عبء الأمراض التي تنتقل عن طريق الغذاء على مستوى العالم.
وحسب المنظمات الدولية المختصة، فإن الغذاء غير الآمن يشكل تهديدا لصحة الإنسان والاقتصاد، ويؤثر أكثر على الفئات الضعيفة والمهمشة، وخاصة النساء والأطفال، والسكان المتضررين من النزاعات، والمهاجرين. ويموت ما يقدر بنحو 420,000 شخصا حول العالم كل عام بعد تناولهم أطعمة ملوثة، ويتحمل الأطفال دون سن الخامسة %40 من عبء الأمراض المنقولة بالغذاء، مع 125,000 حالة وفاة في كل عام
والاغذية أو الادوية التي يتم ضبطها ومصادرتها في بلادنا، سواء أكانت فاسدة او منتهية الصلاحية، كان من المفترض أن تجد طريقها الى افواه المستهلك الفلسطيني وما لذلك من عواقب وخيمة، وعلى مستوى العالم، يصاب شخص واحد من كل 10 اشخاص بالأمراض المنقولة عن طريق الغذاء، وهناك 200 مرض ناجم عن الأغذية الفاسدة ومنها ما يؤدي الى الموت او الاعاقات الدائمة.
ورغم الجهود التي تبذلها الجهات المعنية والمختصة في ملاحقة ظاهرة الاغذية او الادوية غير الصالحة، الا ان الكميات التي يتم ضبطها او مصادرتها او اتلافها، لا تشكل الا الجزء الصغير مما هو موجود في الواقع، وبالتالي فأن نسبة كبيرة من هذ المنتجات تصل في المحصلة الى ايادي المستهلك الفلسطيني، وقد لا يؤدي استهلاكها الى حدوث اثار صحية لحظية او فورية، ولكن لا يعني هذا عدم وجود اثار بعيدة المدى قد تنعكس في صورة امراض مزمنة او امراض عضالة قد تكون قاتلة.
ولا شك ان الوضع الخاص الذي نحيا فيه، من حيث عدم القدرة على مراقبة الحدود اي التحكم فيما يدخل الينا، وفي ظل الوضع الاقتصادي الحالي، وفي ظل التشرذم الاجتماعي الحاصل، وفي ظل قلة الوعي او المعرفة بطبيعة المنتجات عند المواطن، وفي ظل عدم وجود الامكانيات البشرية والتقنية الكافية عند الجهات المعنية، وبالطبع في ظل وجود اناس جشعين وعلى استعداد للتضحية بالمستهلك والمواطن من اجل الجمع السريع للمال، في ظل كل ذلك فأن المستهلك الفلسطيني هو الضحية لذلك.
واذا كانت عمليات الضبط والمصادرة تتم وبالتحديد من خلال الضابطة الجمركية او من خلال طواقم حماية المستهلك المنضوية تحت مظلة وزارة الاقتصاد، فلماذا لا يتم العمل على زيادة نجاعة هذه الجهات من حيث العدد والتدريب ومن حيث توفير الحماية والدعم، واذا كانت هذه الجهات تنجح وفي ظل الوضع الحالي في السيطرة على او في منع وصول نسبة قليلة من هذه البضائع الفاسدة الى المستهلك، فمن المتوقع ان تم زيادة طاقمها او ان ازدادت امكانياتها وازداد تدريبها واعدادها، بان تكون قادرة على القيام بدور اكبر، هذا مع العلم ان هذه الطواقم تلقى الدعم الكبير من الناس ومن المجتمع.
وبما ان هناك العديد من الجهات التي تعمل او تدعي انها تعمل لحماية المستهلك، سواء اكانت جهات رسمية او غير رسمية، فلماذا لا يتم تجميعها في إطار فاعل لحماية المستهلك، وان تتمتع بصلاحيات من المراقبة وحتى ضبط عينات مشتبه فيها وارسالها الى المختبرات المختصة للفحوصات، وتتمتع بصلاحيات التعريف او التشهير بتلك الجهات التي تتاجر او تعمل على ايصال البضائع الفاسدة للمستهلك، وتعمل كذلك على مراقبة تطبيق القوانين او العقوبات المتعلقة بذلك.
ويلعب المستهلك، او المواطن نفسة دورا هاما في الحد من ظاهرة الاغذية والادوية الفاسدة، وذلك من خلال الابلاغ عن اية منتوجات مشتبه بها، او منتجات لم يعتد عليها، سواء من حيث شراؤها بأسعار منخفضة، او منتجات منتهية الصلاحية، او الشعور بأمر ما من حيث الطعم او الرائحة او الشكل، او حتى طبيعة المغلف، او اذا حدثت اية مضاعفات صحية بعد استهلاكها، ولذا يعتبر المستهلك الواعي اليقظ، بالإضافة الى الاجهزة المختصة والى المؤسسات الاهلية والى تنظيم وتوحيد جهود الجهات العاملة في هذا الصدد، هي الاداة العملية القادرة على الحد من ظاهرة اصبحت تؤرق الناس والمجتمع والبلد ككل.
ومع الاحتفال بـ " اليوم العالمي لسلامة الاغذية" هذا العام، وفي ظل اوضاع مربكة كالأوضاع الحالية في بلادنا، من ضبط ومصادرة مواد فاسدة متعددة، ومن اجل طمأنة المواطن وبالتالي عدم اثارة الناس والبلد، فالمطلوب من الجهات الرسمية وغير الرسمية المهتمة بسلامة الغذاء والدواء منع وصول المواد الفاسدة للناس، ووضع برنامج منظم ومتكامل من اجل سحب عينات عشوائية، سواء اكان من الخضار او الفواكه، او من الدواء، او حتى من الخبز والكعك، واجراء الفحوصات الروتينية لهذه العينات، في مختبرات فلسطينية، تم اعتمادها، وتم التأكد ومن خلال مختصين علميين، بجاهزيتها، سواء طاقمها او اجهزتها او خبرتها، في القيام، بهذه الفحوصات، والاهم كذلك نشر نتائج الفحوصات، ومن خلال الاعلام، لكي تصل الى المستهلك الذي هو الضحية لهذه الاوضاع.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء