حمدي فراج يكتب لوطن.. أوهام الحرب الدينية التي تعشعش في رؤوس مطلقيها

09.06.2023 09:43 AM


     تروج وسائل اعلام فلسطينية رسمية و معارضة دينية ان الحرب القادمة مع الاحتلال ستكون الحرب الدينية، التي يمكن ترجمتها الى حرب إسلامية يهودية، و يتوغل المحللون الفلسطينيون و شيوخ المنابر في الإفصاح انها حرب مليار مسلم مقابل خمسة ملايين يهودي، و لا أظن شخصيا ان أحدا منهم يستخدم هذا الفهم للمناورة او للحرب النفسية ، بل ايمانهم المطبق ان هذا هو جوهر الصراع العربي الإسرائيلي ؛ الإسلام و المسلمين ضد اليهودية واليهود . و عند هذا نتوقف و نفند في نقاط :

أولا : الإسلام كدين ، و بالتحديد قرآن الله ، ليس ضد اليهودية ، بل ان هناك عشرات الآيات الكريمة التي تشيد بها و تستند اليها و تقتبس من توراتها و زابورها و قصصها و انبيائها . ولهذا ينتشر في اوساطنا أسماء انبيائهم ، موسى يعقوب هارون اسحق يونس يوسف داوود ... الخ ، لكن قبل الإسلام لم تكن مثل هذه الأسماء ، فلا احد من صحابة النبي كان يحمل أسماءهم (عمر علي عثمان سعد خالد عباس حمزة سفيان جعفر طلحة .. الخ) .

ثانيا : إسرائيل التي أقيمت على ارضنا قبل خمسة وسبعين سنة ، ليست دولة دينية ، والحزبان الكبيران اللذان حكماها طول عمرها (معراخ و ليكود) ليسا دينيين ، و حوالي خمس تعدادها من المسلمين الذين يناضلون ضد احتلالها و البعض يتجند في جيشها ويحاربون اخوتهم الفلسطينيين . هذا لا يمنع بالطبع وجود أحزاب دينية بحتة لها وزنها و مكانتها و تحاول فرض "الشريعة" على مناحي الحياة ، مثل لحم الخنزير و دخول السبت و تحجيب المرأة ، و هو موجود عندنا أيضا بنسب متفاوتة .

ثالثا : المسجد الأقصى ، الذين يحاولون اليوم تقسيمه و تهويده ، هو جزء لا يتجزأ من القدس التي احتلت قبل ست و خمسين سنة ، مع باقي مدن الضفة و القطاع ، فهل نقايضه مع أهميته القدسية ، بباقي المدن ، بمعنى يعطوننا اياه خالصا مقابل التنازل عن جنين او بيت لحم ، و من قال ان حق الانسان في الحياة و الحرية و العيش الكريم تقل قدسية عن الأقصى . ومن قال ان دولتنا القادمة ستكون دولة دينية على الغرار الطالباني في أفغانستان والبابا في الفاتيكان .

رابعا : ليس هناك دولة في العالم تطبق الشريعة الإسلامية ، بما ذلك ايران التي تتسمى بالاسم ، فهي كغيرها لا تقطع يد السارق و لا ترجم الزناة و لا تفرض الصلاة  ولا تتقاضى الخمس ، و تتحالف مع "الكفار" في الصين و فنزويلا ،  و في العقد الأخير تصدت لداعش و النصرة ، و حتى لفصائل شيعية مثل مجاهدي خلق . في حين ان دولة مسلمة كتركيا حكمها في العقدين الأخيرين رجل إسلامي ، يقيم علاقات مميزة مع "دولة اليهود" ، و دول عربية عديدة اقامت صلحها الخاص مع هذه الدولة.

خامسا : هذا لا يمنع بالطبع استخدام البعض الدين في الحروب ، مثل الرئيس صدام حسين الذي وضع عشية الغزو الأمريكي عبارة "الله اكبر" وسط العلم العراقي . و هتلر في حربه العالمية ضد اخوته في المسيحية لم ينس ان يرسّم الصليب المعقوف شعارا للحرب .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير