يوم البيئة العالمي ...عام 2023

02.06.2023 09:20 AM


كتب: د.عقل أبو قرع
تصادف في الخامس من حزيران الذكرى الخمسين لما يعرف بـ" اليوم العالمي للبيئة"، حيث بدأ الاحتفال به منذ عام 1972، بناء على قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، حين تم عقد اول مؤتمر للأمم المتحدة يعني بالبيئة في مدينة ستكهولم في السويد، ويتم الاحتفال كل عام في دوله، حيث يكون التركيز على موضوع بيئي محدد، والهدف منة هو زيادة التوعية بأهمية البيئة ووسائل الحفاظ عليها.

وفي هذا العام (2023) تم اختيار موضوع " الحد من التلوث بالمواد البلاستيكية"، واهمية التدخل السريع لخفض انتاج العالم من المواد البلاستيكية، حيث ينتج العالم أكثر من 400 مليون طن من اللدائن بلاستيكية سنويًا، نصفها تقريبا مصمم للاستخدام مرة واحدة فقط، ولا يتم اعادة تدوير سوى أقل من 10 في المئة منها، وينتهي المطاف بما يقدر بنحو 19 - 23 مليون طن سنويًا منها في البحيرات والأنهار والبحار.

وفي هذه المناسبة، أيد رؤساء الدول ووزراء البيئة وممثلون آخرون من 175 بلداً قرارًا تاريخيًا ف في دورة جمعية الأمم المتحدة للبيئة في نيروبي لإنهاء التلوث البلاستيكي وإبرام اتفاق دولي ملزم بحلول عام 2024، حيث يهدف الاتفاق الى الحد من التلوث بالمواد البلاستيكية ويشمل القرار دورة الحياة الكاملة للمنتجات البلاستيكية، بما في ذلك إنتاجها وتصميمها والتخلص منها.

وبالإضافة الى التلوث البيئي الكارثي من المواد البلاستيكية، فهناك ما يعرف بالمواد البلاستيكية الدقيقة، وهي جزيئات صغيرة يصل قطر الواحدة منها إلى حوالي 5 مم، تجد طريقها الى طعامنا وشرابنا والهواء الذي نتنفسه، كما تشير التقديرات البحثية والدراسية إلى استهلاك كل شخص على هذا الكوكب أكثر من 500 ألف جزيء بلاستيكي سنويًا، وربما أكثر من ذلك بكثير إذا اٌحتسبت الجزئيات بلاستيكية في الهواء.

وفي نفس الوقت يلوث حرق المواد البلاستيكية الهواء، وبالأخص في ظل التغيرات المناخية العنيفة هذه الايام ومحاولة العالم الحد من بث غازات التلوث الى طبقات الجو، وللإبقاء على الاحتباس الحراري دون 1.5 درجة مئوية في هذا القرن، يجب أن نخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري السنوية إلى النصف بحلول عام 2030.

وفي يوم البيئة العالمي وللحد من التلوث البلاستيكي المتراكم، فأن هذا يعني تشجيع التوجه نحو النشاطات الاقتصادية الخضراء، ونحو مصادر الطاقة المستدامة، التي لا تتداعى مع الزمن وتلوث البيئة، وكذلك نحو البناء الاخضر وبأنواعه، والذي يهدف الى ترشيد استخدام الطاقة والمياه والمصادر ألطبيعية، والى تقليل انتاج النفايات بأنواعها المختلفة ومن اهما البلاستيكية

الخطيرة، واستخدام الطاقة الشمسية او المتجددة بشكل اساسي وفعال، واعادة تكرير المياه ألعادمة، واستخدام المياه الرمادية، ووجود انظمة من اجل فصل وتدوير النفايات.

والممارسات ألخضراء من المفترض ان تحد من كميات الغازات التي يتم بثها من مصادر الطاقة التقليدية كالبترول والفحم وحرق النفايات البلاستيكية، مع العلم ان حوالي 30% من غازات ألتلوث او ما يعرف ب"غازات ألبيت ألزجاجي" يتم بثها من خلال المباني، وهذا ينطبق كذلك على استغلال المياه، مع العلم ان تصميم المباني بشكل بيئي او اخضر، يمكن ان يؤدي الى توفير حوالي 12% من كمية المياه، وفي نفس الوقت دلت الدراسات ان حوالي 40% من النفايات الصلبة يتم انتاجها من خلال نشاطات الناس أو السكان في المباني، وبالتالي يمكن تصور الأبعاد ألاقتصادية والصحية والبيئية للحد من جزء من هذه النفايات، او لإعادة تدوير جزء منها، كجزء من تصميم المباني الخضراء.

وعلى الصعيد ألبيئي ألفلسطيني، ما زالت ممارسات ألمستوطنين التي تلحق الضرر في مكونات النظام البيئي الفلسطيني متواصلة، سواء من حيث محاولات التخلص من نفايات المستوطنين في المكبات ألفلسطينية أو في الأراضي ألفلسطينية ومنها النفايات البلاستيكية والكيميائية ، وكذلك استمرار تدفق المياه العادمة وبما تحوية من ملوثات، من المستوطنات الاسرائيلية الى المناطق الفلسطينية المحيطة بها، وما يمكن ان تحوية هذه المياه العادمة من مواد كيميائية ومن معادن ومن ملوثات بيولوجية تترسب في التربة وتحد من خصوبتها، وربما تلوث خزانات المياه الجوفية، وكذلك استمرار بث المصانع الكيميائية للغازات الملوثة للبيئة الفلسطينية وما يمكن أن تلحقه من أضرار بعيدة المدى.

وبمناسبة اليوم العالمي للبيئة، ونحن جزء من هذا النظام البيئي، فاننا نحتاج الى تطبيق سياسات بيئية وصحية وبان يتم اعتبار ذلك اولوية في خطط التنمية الفلسطينية ، وبالأخص فيما يتعلق بالتخلص من النفايات الصلبة ومن ضمنها النفايات البلاستيكية و الغذائية أو العضوية ألمنزلية، والمياه العادمة، وكذلك استخدام المبيدات او المواد الكيميائية الاخرى، وكذلك اتباع سياسات صحية تعمل على التوعية وزيادة الاهتمام بالبيئة والاستخدام المتكرر للأدوات البلاستيكية، وتعمل على ترسيخ ثقافة عدم الاستهلاك المفرط، والتوجه نحو أساليب وعادات أعادة التدوير للنفايات، والاستغناء التدريجي عن استخدام أكياس البلاستيك أو الاواني التي تستخدم لمره واحده، والتوجه نحو المصادر المتجددة للطاقة من شمس ورياح وغاز، وبالتالي المساهمة في الحد من التلوث الذي يجتاح العالم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير