الاستعمار ما بين الحاضر والمستقبل سياسية ثابتة لا تتغير

29.05.2023 10:32 PM

كتب الدكتور عبد الرؤوف البرغوثي: 

مشكلة الشعوب التركيه والعربيه الحديثه، تكمن في انهم شطبوا ما يقارب ١٣٠٠ عام من تاريخهم اللامع والمتألق ، الذي يتميز بالامبروطوريات الاقوى في التاريخ (الراشدين،الامويين،العباسيين، السلاجقة،العثمانيين …) وللأسف انهم توقفو ا بهذا  التاريخ  عند حقبة الحرب العالميه الأولى والمتطلبات الاستعماريه للمنتصرين في فترة ما بعد الحرب.

كان هدف المنتصرين (الغرب الماسوني ) بعد الحرب هو  الاحتواء  و السيطره على تركيا ومخلفات الدوله العثمانيه سياسيا واقتصادياً  وابقائها دول متخلفه ضعيفه حيث فرضت على تركيا  والدول الاخرى المعاهدات التي تُكَبِّل تطورها الطبيعي كباقي الدول في العالم مثل الدول المهزومه في الحرب العالميه الثانيه ( المانيا، ايطاليا، اليابان ) ولكن المستعمر كان يعامل هذه الدول وما زال كدول محتله يديرها عن بعد بواسطه حلفائه الداخليين ( الطابور الخامس) كما في البلاد المستعمره في العالم عامه والدول الاسلاميه خاصه.            

وكان الهدف الاسمى للاستعمار الغربي البغيض الذي يسعى له ويعمل من اجله ليل نهار هو  اعادة تدوير هذه الدول وعلى رأسها تركيا وتوجيهها في الاتجاه المعاكس لتاريخها العظيم ، والسيطره على مقدرات الشعوب  الاقتصاديه والعسكريه والامنيه والموقع الجيوسياسى كي تخدم مصالح الغرب الماسوني المتصهين ، وهذا الغرب المتصهين لا زال يلعب اللعبه القديمه من اجل السيطره على تركيا من الداخل واستعمالها كمخلب باسم الناتو في المناطق الجيوسياسية للدوله التركيه القديمه (العثمانيه)  ( دول القوقاز والمنطقه العربيه).

وما اللعبه التي قامت بها الماسونيه العالميه في مناطق الربيع العربي الا واحده منها وباستعمال الاخوان المسلمين وبعض الاحزاب الثيوقراطيه اعطيت القياده الى تركيا وربما مع بعض الوعود باعطاء تركيا الشمال السوري وكركوك ونفوذ في ليبيا واعطاء الاردن الجنوب السوري وغرب العراق. وبالضبط  كما وعدت الماسونيه العالميه الشريف حسين في الحرب العالميه الاولى بجعله ملكاً على مخلفات الدوله العثمانيه في بلاد الشام والعراق والجزيره العربيه،  وهذه الاحزاب التي خُدِعت وبَلَعت الطُّعم واستُعمِلَت من قِبل الماسونيه العالميه  في افغانستان والشيشان والجزائر سابقاً  لا زالوا يعملون على مبدأ ( لا يلدغ المؤمن من نفس الجحر مرتين ) ام يا ترى عَلى مبدأ  (ترك المباديء والمواقع  من اجل المصالح ) كما حصل للمسلمين في معركة أُحُد من اجل (جمع الغنائم والمكاسب).  

بدات الحرب السوريه في التحول لصالح الجيش السوري  بعد النصر واستعادة مدينة القصير  وتدخل حزب الله وايران والحشد العراقي، وبعدها تحولت الحرب من نصرٍ الى نصر مما جعل خطط الماسونيه في سوريا في مهب الريح. بدأَت الهزائم تتوالى على اوردوغان وحلفائه. تدخلت روسيا وايران والعراق  تمويهاً بالحشد الشعبي،  وبعد التحول في المعارك حدثت  هزات واحداث  كثيره  جعلت الرئيس اوردوغان ينقلب على حلفائه وعلى المصالح العليا للدوله التركيه في الداخل وفي الخارج ومن هذه  الاحداث — الانقلاب العسكري المدعوم من الغرب الماسوني— انتقال  الغرب الماسوني من الهجوم الى التموضع والبدء بالخطه البديله حيث الدعم والتسليح  للاكراد للالتفاف على تركيا  والسيطره على ارياف مدينة حلب وادلب لانشاء  كورودور يصل نواة الدوله الكرديه من شمال العراق  بخليج الاسكندرون على المتوسط ( منفذ بحري للدوله المنشوده ).

إنهاء دور الاخوان في مصر خوفاً من ان يصبحوا قوه خارجه عن السيطره — ابعاد قطر عن القياده وبروز السعوديه مكانها — دخول الجيش الامريكي بصوره مباشره في المعركه على سوريا مع حلفائه الاكراد،—بزوغ الحلف السعودي الاماراتي ضد قطر حليفة اوردوغان—قضيه السعودي والمواطن الامريكي (الخاشقجي) ووقوف ترامب ضد اوردوغان—موقف روسيا والصين العادل تجاه القضايا الدوليه في وجه امريكا الماسونيه وحلفها في هيئة الامم ومجلس الامن الدولي —وقوف الغرب الماسوني مع اليونان في مشاكل قبرص وشرق المتوسط  —الدعم اللامحدود من الغرب الجمعي والماسونيه العالميه للمعارضه التركيه —الضغوط غير المنتهيه على الحكومات التركيه في القضيه الارمنية —  الضغوط الاقتصاديه والتلاعب بالليره التركيه  — والكثير من المسائل الخارجيه والداخليه التي فرضت اوردوغان ان يعيد التفكير في الكثير من القضايا  الدوليه والاستراتيجيه التي تهم الداخل والخارج التركي. وبالنهايه يأتي السؤال التالي هل سنرى من سياسات اوردوغان قبل انتهاء الخمس سنوات القادمه ما يسرنا كمسلمين وعرب ام اننا سنرى الويلات والعجب؟

 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير