حمدي فراج يكتب لوطن..خضر عدنان قرع "إسرائيل" بالجوع

05.05.2023 10:12 AM


       لا يصدق الكثيرون، وخاصة من هؤلاء الذين عرفوه، انه رحل عن هذه الدنيا، شابا في مقتبل عمره وأوج نشاطه و عطائه، يعد نفسه كي يصبح قائدا فلسطينيا شعبيا متميزا عما عرفناه عن باقي القيادات المستزلمة ، بل رمزا امميا في النضال السلمي العنيف والعنيد والعسير ضد الظلم والاستكبار المحلي والعالمي.

فرش أرضية تاريخ نضاله بخمس إضرابات مفتوحة عن الطعام خلال عشر سنوات ضد اعتقاله الإداري، حتى اصبح يعلن الاضراب لحظة اعتقاله من البيت، أي قبل ان يصل السجن، بغض النظر عن نوعية الاعتقال و الجهة المعتقلة، حتى جاء اعتقاله الأخير ببضعة تهم ملفقة مطلع شباط الماضي، و في مطلع أيار الجاري فارق الحياة دون أسف ودون تردد و دون مساومة على لقمة طعام كان يمكن لها ان تعيده الى الحياة أربعين سنة أخرى .

    لم يدرك الشيخ المناضل ، ان الظروف هذه المرة قد تغيرت، وأن ساعة قتله والتخلص منه قد دقت، لم ينقلوه الى المستشفى بعد شهر من اضرابه، و لا بعد شهرين ، هنا ، شعر بأنه "إهمال" إدارة سجن او سجان، سرعان ما سيتم تداركه، فكتب وصيته في محاولة للفت النظر، دون أي مسحة تراجع عن قراره بوقف الاضراب او اخذ المدعمات، هنا تقدم محاميه بطلب اطلاق سراحه بالكفالة، الامر الذي يعني ان التهم الموجهة اليه فارغة، و لكن حتى لو لم تكن كذلك، فإنهم لا يحققون معه قيد مرة او حتى كلمة، فلماذا يبقونه هناك ؟

    في زيارتها الأخيرة قبل تسعة أيام على قتله، رئيسة "أطباء لحقوق الإنسان" اتهمت الأطباء الإسرائيليين أنهم تخلوا عن "واجبهم" في إنقاذ حياته، أبلغها "خضر"انه محشور في غرفة سريرها مملوء بالبق ما كان يضطره ان ينام على الأرض، و زر الطوارئ موجود في المرحاض ما كان يضطره للزحف كي يصل اليه. إذن هناك قرار وزاري بقتل هذا الانسان، اتخذه الوزير المعني مع آخرين في مصلحة السجون مفاده : هو يريد الموت، دعوه يموت.

الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي، وصفه بأنه مقاتل من اجل الحرية، لكنه منذ ثلاثة اشهر، هو اسير معتقل لدى دولة إسرائيل، و لهذا طالب سكرتير عام الأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق، - شيرين أبو عاقلة التي اقتربت الذكرى الأولى على مقتلها ، وما زال التحقيق مستمرا - . ليس كل الناس يعرفون معنى الجوع المطبق عن الطعام 87 يوما، الجوع حتى الموت، انه من اصعب أنواع الموت، لأنه ببساطة يموت في كل يوم، بل في كل ساعة و دقيقة، احتمله خضر عدنان أمام العالم بقطبيه الجيد و السيء، النظيف والقذر ، المقاتل للحرية و العنصري الفاشي، فيدخل التاريخ البشري المشرف، و يصبح خضر عدنان شهيدا بالمعنيين الديني  حيث يذهب الى الجنة، و العلمي اللغوي بمعنى يخلد في شعبه و يحيا اكثر بكثير مما قدر له لو عاش حتى آخر لحظات سنوات ارذل العمر .  أحببناك يا شيخ خضر حيا فوق الأرض و سنحبك أكثر حيا تحتها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير