رمضان، الحركة الأسيرة، وإضراب المعلمين

كتب فادي ابو بكر: يشهد شهر رمضان عادةً تصعيداً وحالة من التوتر الشديد لا سيّما في مدينة القدس، نظراً لخصوصية هذا الشهر الفضيل، ومكانته الخاصة لدى أبناء شعبنا، وما يرافقه من إجراءات إسرائيلية أمنية مشدّدة في محيط المسجد الأقصى، واستفزازات من المستوطنين بإقتحام الأقصى وتدنيسه. ويبدو أن رمضان 2023 سيشهد تصعيداً كبيراً، في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية، والتهديدات المتكررة الصادرة عن المسؤولين فيها أمثال بن غفير وسموتريتش.
ويحلّ رمضان المبارك على شعبنا الفلسطيني هذا العام، في ظل استمرار الحصار المالي والضائقة الحقيقية التي تعاني منها الموازنة العامة لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، والناتجة عن القرصنة الإسرائيلية لأموال المقاصة الفلسطينية.
ومن بشائر هذا الشهر الفضيل، أن حقّقت الحركة الأسيرة انتصاراً جديداً على السجّان، ونجحت في نيل مطالبها بعد أكثر من شهر على مواصلتها في خطوات العصيان ضد إدارة السجون، احتجاجاً على تطبيق الإجراءات التنكيلية بحقهم والتي أوصى بها وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، وبعد مفاوضات مضنية مع إدارة سجون الاحتلال، نتج عنها وقف الإجراءات العقابية والتعسفية بحق الأسرى، إذ تم الاتفاق على تعليق خطوة الإضراب، التي كانت مقررة في الأول من رمضان.
وفي ضوء هذا كلّه، ما زال إضراب المعلمين الذي يقوده "حراك المعلمين" مستمراً منذ قرابة الشهرين، على الرغم من المبادرة الحكومية الأخيرة والتي تقضي بإعادة الخصومات للمعلمين وتنفيذ بند العلاوة المتفق عليه مع اتحاد المعلمين. حيث أكد "الحراك"، في بيان صحفي، استمرار الإضراب بشكله الحالي، لحين توفر الإمكانيات لدى الحكومة لإيجاد حل جذري للأزمة.
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن الحركة الأسيرة لطالما كانت حريصة على متابعة كافة تفاصيل الحياة الفلسطينية، ومشاركة شعبهم كل الأحداث والتفاصيل والمستجدات، وكانت دوماً سبّاقة في تقديم المبادرات لحل أزمات المعلمين السابقة منذ العام 2016 وحتى العام الماضي 2022. ويُسجّل على "حراك المعلمين" أنّه لم يذكر الحركة الأسيرة في أيٍّ من بياناته التي أصدرها منذ بداية الأزمة.
نعم، يجب أن لا يخشى المعلم، ولا غيره، من تعرضه للانتقام من الحكومة بسبب ممارسته لحقه النقابي، وفي المقابل أيضاً لا يمكن إغفال إشكالية التمثيل النقابي للمعلمين، وما إن كان "اتحاد المعلمين" الجسم المنتخب التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، هدفاً بحد ذاته ؟!.. وإن كان كذلك، فإن هذه إشكالية تخص المعلمين، وتعالج في إطار آليات ديمقراطية ضمن نطاق اتحاد المعلمين.
إن استمرار وتفاقم أزمة المعلمين تشير إلى أن انفجار الشارع لم يَعُد بعيداً وتطرح مخاوف من «استثمار» القضية من أجل أجندات سياسية، ما يتطلّب تكثيف المساعي لـتبريد الأرض استنقاذاً لمستقبل الطلبة والجبهة الداخلية في آنٍ واحد.
لا يمكن أن يستمر أبناؤنا وبناتنا الطلبة بدفع ثمن هذه الاشكاليات المتشعبة ومطلوب من كافة الاطراف التحلّي بالمسؤولية الوطنية والتدليل على الرغبة في طي صفحة الأزمة وتجاوزها، لا سيّما في ظل الظروف السياسية المعقّدة الحالية.
أزمة المعلمين تسير باتجاه منحدر خطير، وبات طي الأزمة ضرورة وطنية ملحة، حيث أن القدس والحركة الأسيرة والقضية الفلسطينية برمّتها، أحوج ما يكون الآن لرصّ الجبهة الداخلية في مواجهة حكومة اليمين المتطرّف.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء