هل ستقدم السعودية بالقمة العربية القادمة مبادرة تحقق الاستقرار السياسي والتنمية؟

26.03.2023 10:41 AM

كتب: عبدالرحيم الريماوي

تشهد الساحة الإقليمية تغيرات سياسية متسارعة، مصالحة المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والاتفاق على عودة العلاقات ما بين المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية، هذه التطورات الإقليمية تزيل العقبات التي كانت قائمة بين الدول الثلاث التي ستترك اثرا طيبا وتسرع في تحقق الاستقرار السياسي والاقتصادي الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط، في حال نحت المنافسة الجيوسياسية وأنهت الخلافات البينية، لتشكل هذه الإنجازات صفعة ولطمة للاحلام الاحتلالية الاحلالية ولصفقة القرن الامريكية التي قسمت الأنظمة السياسية في المنطقة "دول معتدلة ومتطرفة" وقسمت الضفة الغربية الى مناطق وكنتونات معزولة تقطع وتفصل الجغرافيا والديمغرافيا الفلسطينية، واعترفت بالقدس عاصمة للدولة التلمودية.

التحولات الجارية في المنطقة تخدم مصالح شعوب الدول الثلاث وسيكون لها انعكاس إيجابي يعزيز مصالح شعوب منطقة الشرق الأوسط، فهل يعني ذلك سقوط وتهاوي واختفاء  أوهام الإدارة الأمريكية في  الهيمنة وأحادية القطبية، والانتقال الدولي الى عالم التعددية القطبية؟ هل ستشهد منطقة الشرق الأوسط زلزالا سياسيا لتحقيق الاستقرار والسلم والتنمية في المدى القريب والبعيد؟ وكيف ستتعامل أميركا في حال التحقت دول عربية وغير عربية وازنة بالاتفاقات والتفاهمات "السعودية الإيرانية السورية؟

الإدارات الامريكية المتعاقبة عملت خلال العقد المنصرم على إشاعة "الفوضى الخلاقة "التي هدفت تدمير مؤسسات الدول العربية وتحويلها الى دول فاشلة، حيث تم تدمير العراق وقتل اكثر من مليون عراقي وتشريد اكثر من خمسة ملايين وسرقة الاثار والنفط العراقي ونشر الفوضى واثارة الصراعات الطائفية وتحويل العراق الى ملل وقبائل متناثرة ومتناحرة ودعم المعارضة التي عادت للعراق على ظهر الدبابات الامريكية وفرض نظام سياسي وفق الرؤية الاستعمارية بقوة السلاح والتهديد، وليبيا ما زالت تعاني من الصراع والفوضى الأمنية المستمرة، الدول الاستعمارية لعبت دورا كبيرا في تدمير البنى التحتية للمجتمع الليبي، ادى الى فقدان حالة الاستقرار التي عاشتها ليبيا في عصر نظام العقيد معمر القذافي الذي لعب دورا مهما  في تطوير البنى التحتية والتعليم والصحة وتطوير الاقتصاد وتوفير السكن والامن الغذائي "لوفرة المال بسبب العائدات النفطية"، المفقود حاليا في ليبيا، فالمال الليبي منهوب من تجار الحروب المدعومين من الدول الاستعمارية الغربية، كما لعبت الإدارات الامريكية والدول الغربية الاستعمارية المتعاقبة في سرقة الأموال والنفط العربي والافريقي وعملت على اشعال الحروب السياسية والصراعات الاثنية والطائفية والقبلية في افريقيا والشرق الاوسط الذي يهدد الامن والاستقرار والسلام العالمي، اسئلة تنتصب امام الاتفاقات والتفاهمات السعودية والسورية والإيرانية، فهل الدول الثلاث ستتبنى اليات عمل قصيرة وبعيدة المدى لتصفير مشاكلها البينية؟ هل ستفتح الطريق لتوسيع التفاهمات والاتفاقات مع دول عربية وازنة لتشكيل تكتل عريض يأخذ مكانه في العالم الجديد الذي يتبلور؟ هل الاتفاقات والتفاهمات والمتغيرات المتبلورة بين الدول الثلاث تحمل في ثناياها رؤية عملياتية لحل القضية الفلسطينية واعادتها الى مكانتها اللائقة على الخارطة السياسية والجغرافية والتاريخية القانونية العالمية كونها اهم قضية ساخنة وجوهرية في الشرق الاوسط؟ هل تستطيع إسرائيل من شن حروبها على "سورية ولبنان وايران وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس" التي "تشكل خطرا على امنها وفق المفهوم الاحتلالي الاحلالي"؟

تطوّر العلاقات السعوديّة الايرانية والسوريّة البينية، يؤكد ان السعودية ماضية ومستمرة لحل الازمات في المنطقة بما يكفل الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي للوصول الى حلول سياسية واقتصادية وعلمية تخدم الدول الثلاث والامة العربية والاسلامية، السياسة الاقليمية الدولية لا تعرف إلا لغة المصالح، السعودية عاقدة العزم على عقد القمة العربية الاستثنائية على أراضيها، بما يصب في صالح التوافق العربي. السؤال الذي ينتصب امام السعودية هو: هل ستقدم مبادرة مشتركة ذات طابع عربي للحل السياسي والاقتصادي الاجتماعي الشامل تقود نحو الاستقرار والتنمية؟

الكل العربي والاقليمي يتطلع لان تلعب الدول الثلاث توحيد العمل العربي الايراني المشترك وتنسيق خطواتها السياسية والاقتصادية مع القوى الدولية والعالمية الصديقة للشعوب العربية والشعب الإيراني، للمساهمة في تعزيز الصداقة والتجارة البينية والتطوير الصناعي والزراعي والصحي والتكنولوجي وتحسين جودة العلم وإعادة اعمار البنى التحتية التي دمرتها الحرب الاثنية المجنونة المستعرة في المنطقة، هل الاتفاقات والتفاهمات السعودية والإيرانية والسورية المنسقة مع روسيا والصين ستنحي دور  الولايات المتحدة في المنطقة في ظل انشغالها أمنيًّا واستخباراتيًّا وعسكريًّا وتصدير السلاح لإبقاء الحرب الروسية الاكرانية مشتعلة حتى آخر جندي وشاب  أوكراني؟ الإدارة الامريكية لا تضع في حساباتها أي اعتبارات إنسانية لعدد قتلى وجرحى الشعب الاكراني والشعب الروسي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير