صرخة أمهات الشهداء المحتجزة جثامينهم في مقابر الأرقام وثلاجات الاحتلال

21.03.2023 03:01 PM

وطن: تواصل قوات الاحتلال احتجاز جثامين عشرات الشهداء في الثلاجات ومقابر الارقام، بينما يكابد ذويهم مرارة الانتظار لتلك اللحة التي يحتضنوا فيها جثامينهم ويشيعوهم.

وفي عيد الام الذي يصادف اليوم اصدرت امهات الشهداء المحتجزة جثامينهم بيانا، يمثل صرخة كل أم تشتاق لأبنها.

بيان وصرخة أم
نحن أمهات الشهداء المحتجزة جثامينهم في مقابر الأرقام وثلاجات الاحتلال،
نحن أمهات الشهداء اللواتي يمضين الوقت ليل نهار بانتظار اللحظة التي يفرحن بها بتقبيل جبين ابنها الشهيد متجمداً في الثلاجة أو رفاتا في مقبرة يسمونها مقبرة الأرقام..
نحن أمهات الشهداء اللواتي لا يبكين على غياب الابن وارتقائه الى العلى بل يبكين القبر المفتوح الذي طال انتظاره لاحتضان الجثمان..
نحن أمهات الشهداء الذين تزداد طبقة الصقيع على اجسادهم، اذ نوجه باقات من الحب لكل أمهات العالم في يومهن هذا، يوم الام، الذي يصادف اليوم الأول من فصل الربيع، دلالة على عظمة الامومة وتكريما لدورها في التضحية والعطاء وجمال روحها ودفء حضنها، واتساع قلبها لكل هذا الحب..
فإننا نعلن بكل أسف وأسى بان هذا العالم يتجاهل ما تعانيه الام الفلسطينية في هذا اليوم وكل يوم فهي تحتفي به بالجلوس على عتبة الدار بانتظار عودة ابنها الأسير، وربما تجلس على حجر من ركام بيتها المهدوم وربما تكون في زنزانة وقد أدمى معصميها قيد الاعتقال..
أما نحن أمهات الشهداء المحتجزة جثامينهم، فإنا نمضي هذا اليوم، وكل يوم، ونحن نجلس على حافة القبر المفتوح نحلم بامتلاء هذا القبر بجثمان ابننا المحتجز، ونتوق الى اللحظة التي نقبل فيها جبين هذا الجثمان المتجمد، نرنو الى السماء وندعو الله ان يطيل من اعمارنا كي نفرح بحمل نعشه على أكتافنا المتعبة، نودع جثمانه الى التراب الدافئ، نزرع على قبره شتلات من الياسمين والحنون نرويها بدموعنا،
أيها العالم
يا أمهات الدنيا
الأم الفلسطينية هي الأم التي تتمنى الدفن الكريم لابنها الشهيد
وتحفر بيديها قبراً مفتوحاً تزوره كل يوم وتشاركه الحنين للجثمان
وتجهل مصير ابنها، أهو شهيد أم جريح أسير مختطف
وتشعر بالبرد القارس حتى في تموز لتشارك ابنها وجع الصقيع 
وهي التي لا تقوى على فتح ثلاجة المنزل التي تُذكرها بثلاجة الموتى حيث يرقد ابنها منذ سنوات..
أيها العالم
نحن أصبحنا أمهات شهداء على حين غرة، بلا إعداد وبلا أي تهيئة، أصبحنا أمهات شهداء نخوض معركة ضارية من أجل دفن ابنائنا، نقف في ميادين المدن، نطلق الصرخات، نهتف الشعارات، نكتب البيانات، نظهر في وسائل الاعلام ونكتب النصوص، ولا يسمعنا أحد، كأن صرخاتنا في صحراء قاحلة او في جوف بئر عميق، وما زلنا بانتظار حمل النعش واغلاق دائرة الحزن.
133 جثمان شهيد في ثلاجات الاحتلال منذ ربيع 2016 و256 جثمان شهيد في مقابر الأرقام منذ عشرات السنين.. بعضهم مجهول المصير وبعضهم سُرقت أعضاؤه وصار بلا قرنية عين او صمام قلب او كبد.. وما زلنا نحن أمهات الشهداء نرجو دليلاً واحداً على ارتقاء أبنائنا، نرجو تقريرا طبياً، وثيقة وفاة، التحقق من الجثمان، وثيقة تثبت مكان الاحتجاز، أي خبر يُدخل الطمأنينة في قلوبنا،
وفي هذا اليوم، الذي تتلقى فيه الأمهات التهاني والهدايا والتكريمات، لا نريد نحن أي شيء، سوى خبر يُزف الينا بعد طول انتظار، سوى اذابة الصقيع عن أجساد أبنائنا، سوى نعش نحمله نحو مأواه الأخير..
هذا ليس بيانا سياسيا، هذا ليس وثقة مبادئ ولا خارطة طريق، هذا ليس قصيدة فرح وبهجة بمناسبة عيد الام.. هذه ليست آهات ضعف واستسلام..  هذه صرخة حق نطلقها للاحتلال الذي لا يسمع وللعالم الذي يتعامل بمعايير مزدوجة وللقيادة السياسية الفلسطينية والمنظمات والتنظيمات والحركات والنقابات بأن أُمومتنا ناقصة، أمومتنا لا تكتمل الا بوفاء الأم تجاه ابنها، ان تذيب عنه وعن قلبها الصقيع، ان تدفنه في دفء التراب، وتزرع على حافة القبر وردة ترويها بقطرة ماء وجدول من الدموع.. هذا هو عيدنا، هذا هو فرحنا، وهذا هو اليوم المنتظر
في عيد الام وفي كل يوم
سنصرخ صرخة الحق
بدنا أولادنا
بدنا نحمل نعش ولادنا
بدنا نفرح بدفن أولادنا
ويا لقسوة انتظار هذا الفرح

تصميم وتطوير