نداء لتحسين واقع الرضاعة الطبيعية للأمهات الفلسطينيات العاملات في محافظة القدس

17.03.2023 04:27 PM

كتب *محمد محمود بني عودة: تشير التوصيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة الى أهمية الرضاعة الطبيعية في الشهور الستة الأولى من عمر الرضيع لما لها من أثر على صحة ومناعة الاطفال مستقبلا. كما تعتبر بيئة العمل والقوانين وأنماط الحياة من العوامل المباشرة المؤثرة على التزام الامهات بالرضاعة الطبيعية. أشارت الدراسة الوصفية المقطعية التي قام بها الباحثان سيف عامر والدكتورة إلهام الخطيب إلى أن نسبة الالتزام بالرضاعة الطبيعية وصلت إلى 44% وهو ما يعتبر مؤشر خطورة حيث أن نسبة الالتزام بالرضاعة الطبيعية عند لحظة الولادة في فلسطين وصلت الى 96%

هذه النسبة المنخفضة تستدعي برامج وتدخلات إجرائية وسياساتية تساعد الأمهات على الاستفادة من ساعة الرضاعة الطبيعية بشكل أفضل. كما أشارت إحدى المراجعات المنهجية إلى أهم العوامل المؤثرة في زيادة الامتثال لعملية الرضاعة الطبيعية ومنها مثلا المحددات الاجتماعية والاقتصادية وبيئة سوق العمل والعوامل الفردية الخاصة بالأم وظروفها العائلية والعوامل المتعلقة بالنظام الصحي والمجتمع وظروف السوق وقوانين العمل.
هذه المقدمة ستساعدنا في صياغة بعض التوصيات والتدخلات الهامة في نهاية هذا المقال. إن الأم العاملة على وجه الخصوص هي الأكثر عرضة للضغوطات النفسية والاقتصادية والاجتماعية مما يجعلها في أحيان كثيرة تسرع في عملية الفطام والتوقف عن الرضاعة الطبيعية. في عام 2019 بلغ عدد النساء المنخرطات في سوق العمل في العالم 47.1% وفي فلسطين بلغت نسبة مشاركة المرأة الفلسطينية في سوق العمل 23% وهذه النسب تستدعي ضرورة دراسة واقع العمل وظروف العمل للأمهات المرضعات العاملات لضمان الالتزام بالرضاعة الطبيعية. وفي الدراسة المذكورة سابقا والتي شملت 471 أم عاملة أظهرت النتائج التالية:
  44.1% هي نسبة الامهات الملتزمات بالرضاعة الطبيعية لغاية عمر 6 شهور
 11% من الامهات استخدمن الرضاعة الصناعية بالزجاجة
 44.2% من الأمهات استخدمن الرضاعة الصناعية والطبيعية مع بعض. 
 أظهر النموذج الاحصائي الذي تم تطويره في هذه الدراسة الى أن فرص الأم بالالتزام بالرضاعة الطبيعية تقل كلما كانت الام عاملة.
 كما أظهر أيضا ذات النموذج أن الأم العاملة المرضعة معرضة لخطورة عدم الالتزام بالرضاعة الطبيعية 9 مرات أكثر من غيرها بسبب العمل.
النتائج أعلاه تبين لنا أهمية الالتزام الكامل بالرضاعة الطبيعية للست شهور الأولى. وإننا كباحثين ننظر الى هذه النتائج بعين الخطورة لما لها من آثار سلبية على صحة ورفاه الأطفال المستقبلية. وبالرغم من أن نتائج دراسة سيف والخطيب أظهرت ان معدل الالتزام بالرضاعة الطبيعية هي أعلى من النسبة العالمية 37% وأعلى أيضا من المعدل في العالم العربي 36% فإن بعض الدراسات المقطعية في فلسطين اظهرت تفاوتا ايجابيا حيث أظهر امتثالا أعلى لسياسات الرضاعة الطبيعية مثل مخيم بلاطة في نابلس والذي وصل الى 70%، فإننا نعزو ذلك الارتفاع في نسبة الالتزام بالرضاعة الطبيعية إلى البرامج التعليمية والتثقيفية للأمهات المدعوم والمنفذ من قبل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الاونروا.   وهذا يؤكد لنا على ضرورة تطوير وخلق برامج توعوية وتثقفية تعليمية في فلسطين. كما تجدر الإشارة أن هناك العديد من الدراسات العلمية المحكمة التي تؤكد أن العمل للمرأة يؤثر على مستوى الامتثال لسياسة الرضاعة الطبيعية سلبيا. ومن الأسباب المباشرة التي تفسر هذه العلاقة السبيبة هي غياب السياسات والتشريعات التي تضمن للأم المرضعة ممارسة الرضاعة الطبيعي في ظروف صحية مريحة.
ومن هنا فإنني أقترح التوصيات الإجرائية التالية التي قد تساهم في مساعدة الأم الفلسطينية العاملة على الالتزام بالرضاعة الطبيعية:
1. ضرورة تسجيل إجازات الأمومة في السجلات الرسمية لوزارة العمل ضمن إجراءات رسمية تضمن عملية التسجيل مثل (ربط الحصول على شهادة الميلاد للطفل المولود بتوقيع أو موافقة من وزارة العمل) وعند ذلك تتم عملية التوثيق.
2. في حال توثيق إجازات الامومة في السجلات الرسمية سيكون من السهل التواصل مع الأمهات العاملات المرضعات لأغراض التثقيف والتوعية الصحية الموجهة.

3. تصميم برامج تعليمية مخصصة متعددة الاستهداف: بحيث تستهدف الأب والأخ والزوج وليس فقط الزوجة أو الأم المرضعة وذلك لما لأفراد العائلة من تأثير على تعزيز السلوك الصحي ودعم الأم المرضعة.
4. تصميم منصة الكترونية تفاعلية يتم من خلالها الابلاغ عن حالات التقصير من قبل أرباب العمل بحقوق الأمهات المرضعات العاملات مما يسهل تواصل السلطات التنفيذية (وزارة العمل الفلسطينية) مع أرباب العمل ومتابعة الحالات التي قد تحتمل التقصير أو انتهاك حقوق الانسان.
5. تنفيذ الزيارات التفقدية لمواقع العمل ومراقبة مدى ملاءمتها لخصوصية الأمهات المرضعات لاستخراج الحليبmilk extraction  من حيث المكان ونظافته وتصميمه الذي خصوصية الام المرضع .

6. مرونة ساعات العمل للمغادرة أثناء الدوام بدون ضغوطات على الأم المرضعة بما يضمن صحتها النفسية وعدم تعرضها للضغط النفسي ومراعاة أمانها الوظيفي.
7. تحفيز المؤسسات والشركات والإعلان عن أفضل المؤسسات التزاما بسياسة الرضاعة الطبيعية ومكافأتها معنويا بالإعلان عن ذلك كعلامة تميز للشركات التي تقدر الأم الفلسطينية قولا وفعلا ويتم ذلك في الإعلام الرسمي، مما يشجع إيجابيا باقي المؤسسات والشركات على تبني ذلك السلوك الايجابي.

8. ضرورة تطوير نظام المعلومات الصحي من خلال توفير مؤشرات حول مدى الالتزام بالرضاعة الطبيعية و أفضل طريقة ناجحة هي إضافة أسئلة إجبارية في ملف خدمات ما بعد الحمل (postpartum care service file ) حيث أن هذه الخدمة مرتبطة أصلا بالتطعيم و تغطي كافة الأمهات (القطاع العام و الخاص) اللاتي يقمن بزيارة عيادات وزارة الصحة لتطعيم ابنائهن  وبالتالي يمكن جمع هذه المعلومة التي ستمكن وزارة الصحة الفلسطينية من إنتاج مؤشرات هامة حول واقع الرضاعة الطبيعية.
9. حث وتشجيع الشركات المشغلة للاتصالات مثل جوال والوطنية لتأمين حزم الرسائل القصيرة بسعر مخفض او مجاني إن أمكن من ضمن المسؤولية الاجتماعية للشركات، وبالتالي يتم توفير البنية التحتية اللازمة لإرسال الرسالة القصيرة للأمهات المرضعات وتشجيعهن على الرضاعة الطبيعية.

* طالب دكتوراه في الصحة العامة – جامعة القدس

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير