سلامتك يا وطن

10.03.2023 08:01 PM

كتب سامر عنبتاوي : يتحول الاختلاف في وطني إلى خلاف، ويتحول الرأي إلى جريمة وأجندات، ويتحول العمل النقابي إلى تجاوزات واختراقات، ونتحول جميعا إلى فريق غير ودي في مباراة غير ودية مع فريق وحشي، فتدخل الكرة في مرمانا والدفاع منشغل في صراعه الداخلي، والهجوم يتخبط فيضيِّع أهداف، وحارس المرمى حائر بين هذا وذاك.

كان لا بد من هذه المقدمة للدخول في التفاصيل، فالوطن جريح، مريض، يحتاج العلاج، وبدل توفير هذا العلاج نسقي الجروح بماء النار، ونضيع فرص التعافي، ونرمي العلاجات في سلة التناقضات والأنانية والمصالح.

المجتمعات في العالم تتطور في الحرية والديموقراطية وقبول الآخر، ونحن نتراجع إلى الخلف في كل هذه الأمور منذ بدأ الانقسام، فهذا الصراع الداخلي يتحول إلى كابوس يكتم الأنفاس ويحول المجتمع إلى أشبه بقفص كبير مليء بالتناقضات و الخلافات.

فما معنى أن يُلجم العمل النقابي، وما معنى أن تواجه التحركات الشعبية، وما معنى أن يحاسب صاحب الرأي المخالف، وما معنى ألا نقبل بعض ولا نغفر لبعض ولا نحاور بعض ولا نتفهم بعض؟؟

الإضرابات استمرت لفترات طويلة، وخاصة إضراب المعلمين، فأصبح الطلاب في الشوارع، لنذهب لتسويات بعد استنفاذ القوة والعمل، والمشكلة أن الاتفاقات شملت كل شيء وبقي موضوع المعلمين معلقا، فأي خسارة هذه؟ وأما القانون والقضاء فحدث ولا حرج فمن إضراب إلى إضراب والأسابيع الأخيرة استمر الإضراب الشامل ليعيق العمل القضائي ويغيب القانون.

المشكلة الأخطر أن كل هذا يحدث والوطن ينزف، حكومة احتلال فاشية متطرفة-وهذا لا يعني أن الحكومات السابقة كانت حمائم سلام، ولكن هذه الحكومة تسارع لتطبيق المشروع الصهيوني بخطى سريعة باستغلال وجود قادة المتطرفين والمستوطنين في الحكم، ولا داعي لتوصيف الجرائم المرتكبة يوميا فكل ذلك أمام عيوننا وعيون العالم أجمع، وتحويل الصراع من شعب تحت الاحتلال إلى مسألة أمنية نُستدعى كفلسطينيين لحلها بل تحمل مسؤولية إنهائها وكأن الشعب الفلسطيني يشكل عبئا أمنيا على هذا المشروع الصهيوني (المسالم والحضاري)، ووصف الصراع في الضفة وأمام العالم كصراع بين (مواطنين) يهود وعرب، لتتسلح عصابات المستوطنين و يهاجمون كل شيء باستعادة وتكرار مأساة ٤٨ سعيا لإقامة (دولة يهودا) على أكثر من ٦٠% من مساحة الضفة، تمهيدا للسيطرة والضم الكامل، فهل يجوز في هذا الوضع والخطر أن نستمر في التفرد ومنع الرأي والتعدي على الحريات؟ والأهم؛ هل يجوز أن نبقى مقسمين مختلفين وحتى متصارعين؟

يا عالم وطننا ليس بخير، وهو مذبوح من الوريد إلى الوريد، والعدوان مستمر، والمجازر مستمرة، والاستيطان وابتلاع الأراضي مستمران، ألا يجدر في ضمن كل ذلك أن نضمد جراحنا ونأخذ فيتامينات التعافي وجرعات الأدوية والأكسجين لإنعاش الجسد، وكل من يرى الجرح الغائر في جسد الوطن ولا يحاول تضميده فهو أخطر من جرح الوطن على الوطن، وسلامتك يا وطن.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير