الصدق يمكن أن يدفع عملية السلام في الشرق الأوسط

09.03.2023 03:40 PM

 كتب جوزيب بوريل : يسقط العديد من الضحايا كل أسبوع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، ويعيش الملايين في خوف ويأس، بينما  تقتصر استجابة العالم على  الكثير من البيانات والقليل من الإجراءات. يجب أن يتغير ذلك، ونحن في الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي ككل، بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد في هذا الصدد. نعلم أنه يتوقع منا أن نقف ونعمل من أجل السلام والعدالة والقانون الدولي في جميع أنحاء العالم، ولكن لكي ننجح يجب علينا أولاً أن نكون صادقين مع بعضنا البعض ومع أنفسنا.

الصدق يعني الاعتراف بأن التطرف يتصاعد على كلا الجانبين، حيث تؤدي الهجمات والعنف العشوائي إلى إزهاق أرواح العديد من الإسرائيليين ويهدد عنف المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية بشكل متزايد حياة الفلسطينيين وسبل عيشهم – غالبا في غياب العقاب لممارسات المستوطنين. علاوة على ذلك، تتسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية في كثير من الأحيان في مقتل مدنيين فلسطينيين، وغالبا لا يكون هناك مساءلة فعالة. كما أن المستوطنات غير الشرعية آخذة في التوسع على الأراضي المحتلة؛ والوضع القائم فيما يتعلق بالأماكن المقدسة آخذ في التآكل. وفي حين يمكن للإسرائيليين الاعتماد على دولة قوية وجيش، فإن الفلسطينيين ليس لديهم مثل هذا الملاذ. إن هذا التفاوت الهائل في القدرة على التحكم في مصير المرء واضح على كل حاجز تفتيش. كل هذه الحقائق تشكل عقبات أمام السلام.

من المؤكد أن الجهات المختلفة في أوروبا غالبًا ما تتفاعل بشكل مختلف مع الأحداث في المنطقة، غير أن هذا لا يمنع الاتحاد الأوروبي من التصرف. لقد شعرنا جميعًا بالقلق من التطورات الأخيرة، ونحن جميعًا نتشارك نفس الهدف النهائي: رؤية دولة إسرائيل آمنة ومعترف بها دوليا تعيش في سلام جنبًا إلى جنب مع دولة فلسطين الآمنة والمعترف بها دوليا. سيسمح هذا الحل لكلا الجانبين بالتمتع بالحرية والازدهار والعلاقات السلمية مع جيرانهما.

مصالحنا الخاصة هي أيضا على المحك، فنحن نريد السلام لأن إنهاء الصراع سيكون أفضل بكثير للأمن الدولي. نحن نريد السلام لأننا نعترف بحق إسرائيل وفلسطين في الوجود، ولأننا نؤيد مبدأ القانون الدولي في كل مكان. إننا نريد السلام لأن  لنا علاقات مع جميع شعوب الأرض المقدسة، ولأنه سيعود بالفائدة على الاستقرار والازدهار الإقليمي. كذلك نريد السلام لأن الإرهاب خطر في كل مكان.

لكن بينما يدعم الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية وجزء كبير من الجمهور الإسرائيلي حل الدولتين، فإن حماس لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود، وكذلك فإن اتفاق الائتلاف الحالي للحكومة الإسرائيلية ينكر حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. في الواقع، ينكر اليمين الإسرائيلي بشكل متزايد وجود الاحتلال.

من الواضح أنه لا الجانب الإسرائيلي ولا الجانب الفلسطيني مستعدان للسلام. على الجانب الفلسطيني، هناك افتقار للوحدة وهنالك شرعية ديمقراطية غير كافية. على كل الفصائل الفلسطينية نبذ الإرهاب والتغلب على انقساماتها السياسية. وعلى الجانب الإسرائيلي، يجب أن تكون الأولويات القصوى هي وقف بناء المستوطنات وعنف المستوطنين، وعرض التفاوض على دولة فلسطينية مستقلة.

في السنوات الأخيرة، فشل المجتمع الدولي في متابعة جهود السلام الجوهرية بين الطرفين. حاول أصدقاؤنا الأمريكيون منذ فترة طويلة المساعدة في التقريب بين الطرفين، وقد قدمت اتفاقيات التطبيع الأخيرة (اتفاقيات إبراهيم) بين إسرائيل وبعض جيرانها العرب مساهمة مهمة في الاستقرار الإقليمي. لكنهم لم يقرّبوا السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي حين تظل الولايات المتحدة ضرورية للعملية، لم يعد بإمكاننا ترك معظم العمل الشاق للدبلوماسيين الأمريكيين. بدلاً من ذلك، نحن بحاجة إلى جهد جماعي حقيقي يشمل الدول العربية وأوروبا والولايات المتحدة وغيرها.

مع هذا العرض الصادق للحقائق، ماذا علينا أن نفعل بعد ذلك؟ قبل كل شيء، نحن بحاجة إلى جهود دولية مكثفة لخلق ديناميكية سلام جديدة. بينما لا يمكننا إجبار الأطراف على طاولة المفاوضات، يمكننا تمهيد الطريق ومساعدتهم على الاستعداد.


في عام 2013، عرض الاتحاد الأوروبي "حزمة غير مسبوقة من الدعم الأمني والاقتصادي والسياسي" في حال توصلت الأطراف لاتفاق سلام. مع وضع هذا في الاعتبار، أصدرت تعليماتي للممثل الخاص للاتحاد الأوروبي سفين كوبمانز للعمل مع المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتوضيح مثل هذا الاقتراح. كما طلبت منه وضع (مع شركائنا) مقترحات ملموسة لعملية إقليمية شاملة لتحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين وبين إسرائيل وجميع جيرانها العرب.

ثم، في شباط/فبراير، التقيت بوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، والأمين العام لجامعة الدول العربية أبو الغيط، اللذان اتفقا على إحياء مبادرة السلام العربية لعام 2002 والبناء عليها وإضافة حزمة السلام الأوروبية إليها. ضمن هذا الجهد، سنعمل بشكل وثيق مع شركاء عرب ودوليين آخرين.

تتمثل  هذه العملية في رسم كيفية اندماج إسرائيل وفلسطين في المنطقة إذا نجحتا في تحقيق السلام. ونحن بحاجة لدراسة أنواع التعاون الأمني والسياسي والاقتصادي التي ستجعل السلام ممكنًا، وكيف يمكن لجميع الأطراف معالجة التحديات المشتركة المتعلقة بالمياه والطاقة والبنية التحتية وتغير المناخ.

الآن هو الوقت لاستكشاف ما يمكننا جميعًا المساهمة به في السلام الإسرائيلي الفلسطيني بمجرد أن يأتي. من الواضح أنه لن يتم تنفيذ مساهمات أوروبا ولا أية جهة أخرى ما لم يكن هناك اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني، ويجب ألا نفترض أن وعودنا بالدعم ستكون كافية لتحقيق هذه النتيجة. ومع ذلك، هناك حاجة إلى شيء ما لوقف دورة العنف الحالية المتصاعدة، ويمكننا أن نلعب دورًا حاسمًا في مساعدة الأطراف على التفكير في خياراتهم.

لأكون واضحا، أنا لا أعلن عن مبادرة سلام أوروبية. في هذه المرحلة، نتواصل ببساطة مع الآخرين ونفكر في كيفية الاستعداد لليوم الذي يكون فيه الإسرائيليون والفلسطينيون جاهزين. يمكننا تقريب ذلك اليوم من خلال رسم صورة أوضح لما سيبدو عليه السلام الإقليمي. إن الصدق يتطلب منا أن نرى  أننا لا نستطيع الانتظار أكثر من ذلك.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير