المرأة الفلسطينية صانعة المجد والعزيمة

كتب: محمود جودت محمود قبها
يوم المرأة العالمي ليست كل النساء كتلك التي تبكي فلذة كبدها ، أو شقيق روحها ،او توأم قلبها وحبها الاول (والدها) في هذه اللحظات ، كل نساء العالم في كفة ونجمات فلسطين الصابرات في كفة لن نقول عاش الثامن من آذار ، بل عاشت سيدة الأرض والكون (فلسطين تعبت الدروب وما تعبتِ يا فلسطين) تعجز الكلمات والأشعار عن وصف المرأة الفلسطينية العظيمة لتُصبح مفردات اللغة وبلاغتها قاصرةً عن التعبير الحقيقي الذي يجب أن توصف به تلك المرأة العظيمة التي تختلف عن مثيلاتها من نساء الأرض الفلسطينية العظيمة جسّدت أروع آيات النضال والتضحية حُباً للوطن وحريته حيث صنعت من دمائها و جسدها الطاهر جـسراً تعـبر به إلى الجِنان ، وصنعت منه أشلاءً تتطاير في السماء لتصنع منها أقماراً وقناديل تُضئ لنا درب الحرية نحو الدولة والاستقلال ما أعظمك أيتها الفلسطينية ذات الهمة الشمّاء بعظمتك و شموخك وكبريائك وكرامتك .
الفلسطينية حامية نارنا و نضالنا و حارسة دارنا و بقائنا الدائم ، وهي التي جسّدت بنضالها ودمائهم الطاهرة أروع ملاحم الصمود والتحدي والتضحية والفداء ، وقدمت روحها الطاهرة قرباناً للحرية والعودة والاستقلال ، وأنجبت أبطالا وقـوافلا من الشُجعان ودفعتهم إلى ساحات المجد والخلود ليرتقوا أقمارا إلى العلياء ، وأهدته للحرية شهداءً يتلوهم الشهداء لي سطروا بدمائهم الزكية ثرى فلسطين الطاهر من أجل النصر أو النصر ما أعظمكِ أيتها الفلسطينية ! ما أعظمكِ يا أم وأخت دلال ! وأنتِ تقارعين العدو الصهيوني مِقدامةً شُجاعة كالأسد الجسور في ساحات الوغى لتحصدي النصر المؤزر وتصنعي المجد الفلسطيني بأياديك الشريفة ، وتُسطّري أروع آيات التضحية والفداء بتقديم دمائكِ وجسدكِ الطاهر خالصا لفلسطين ولتكتب بأزكى الدماء "بحبك يا بلادي، يا بلادي بحبك ، بحبك يا فلسطين .
للمرأة الفلسطينية للتعبير عن الشعور بأهمية دورها للنهوض بمسؤولياتها جنبا إلى جنب مع الرجل للتحرر من القيود على اختلافها والارتقاء بدورها في عالم تتطور فيه حقوق المساواة بين الجنسين كعلامة فارقة في الحياة المعاصرة . وتبدو المرأة الفلسطينية هنا عاقدة العزم على انتزاع حقوقها وهي تستلهم في ذلك ما كان لها من مكانة في تراث هذه البلاد كان للمرأة فيها مكانة خاصة في تاريخ وحضارة أجدادنا الكنعانيين ، الذين كانوا من أوائل الشعوب ، التي وضعت القوانين والأصول المدنية ، التي ساوت بين المرأة والرجل ، وكانوا أول من حرر المرأة و ساواها بالرجل ، فكانت المرأة الكنعانية كاهنة ، وقائدة جيوش ، وسياسية ، بدءا بعشتار مرورا بالاميرة ألبسة وانتهاء بالسيدة مريم العذراء . ولم يكن يضاهي الكنعانيين في تقديرهم لمكانة المرأة ودورها سوى المصريين القدماء ، الذين كانوا يعتقدون أنها أكمل من الرجل ، حيث كان المجتمع الفرعوني أقرب الى المجتمع الأمومي ، خلافا لما كان عليه الوضع السيء للغاية للمرأة في حضارة ومجتمعات بابل وسومر وآشور .
تشكل المرأة الفلسطينية حالة غير مسبوقة بصمودها على الأرض لتضرب في عمقها جذور البقاء والنضال من أجل الحرية وتقرير المصير، واقتراح الحلول الممكنة لمواجهة انتهاكات الاحتلال وآثار جائحة كورونا، التي فرضت على المرأة الفلسطينية أعباء مركبة ما بين دورها في الحياة العامة والحياة الأسرية الخاصة. فقد كانت النساء أكثر الفئات التي تضررت من آثار جائحة كورونا على صعيد سوق العمل، وتحمل أعباء تعطل العملية التعليمية، ووصولهن للعدالة في ظل الجائحة وآثارها الخطيرة على حقوقهن وحقوق عائلاتهن، وتحمل ارتفاع معدلات البطالة وتوفير سبل العيش الكريم لأسرهن بما توفره من إمكانيات شحيحة، في ظل غياب أي خطط أو سياسات عملية للحكومة على صعيد مواجهة الجائحة وتداعياتها ما زالت المرأة الفلسطينية تعاني من المحددات الثقافية والاجتماعية في المجتمع الفلسطيني كغيره من المجتمعات الشرقية، المبنية على الظلم والقهر والتمييز تجاه النساء كما لا زال العنف ضد المرأة بكافة أشكاله يمارس بحق النساء والفتيات دون اتخاذ الإجراءات الكفيلة للحد منه، وبقاء مشروع قانون حماية الأسرة من العنف يراوح مكانه منذ خمسة عشرة عامًا، حيث لا زالت تحمل التشريعات النافذة نصوصًا تمييزية تجاههم. كما تعاني النساء والفتيات ذوات الإعاقة من تمييز مركب بحكم اعاقتهن، ولا زال تزويج القاصرات يمارس على نطاق واسع برخصة من القانون بما ينتهك حقه وفق قانون الطفل الفلسطيني واتفاقية حقوق الطفل.
وطرحت المرأة الفلسطينية قضية فلسطين في كل المحافل الدولية وبرزت وعززت وجود النساء من خلال المشاركة في الندوات والمؤتمرات وورشات العمل وأكدت على إخراج القضية الفلسطينية إلى الواجهة السياسية ناهيك ان المرأة الفلسطينية لها دور في صنع القرار ولم يكن دورها تكميلي أو تجميلي بل كان دورا مكملا للرجال في الدفاع عن القضية الفلسطينية، بل كان دورها فعالا وأصبح لها تمثيل في رسم السياسات العامة والاستراتيجيات.
أما الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م فقد كان لنساء فلسطين دورهن البارز، حيث وقفت المرأة تدافع عن أرضها ووطنها وتقدم العون للثوار، و في نكبة فلسطين عام 1948م برز دور المرأة في العمل الاجتماعي والإغاثي وحماية الأسرة الفلسطينية من التشتت والضياع جراء مجازر النكبة.
وبرغم كل الألم والمعاناة التي تعيشها المرأة الفلسطينية في ظروف الاحتلال القاسية وظروف الحصار الظالم على المرأة في قطاع غزة إلا أنها تقف جنبا إلى جنب مع الرجال في كافة الميادين. وتشارك الرجل في النضال والبناء، وتحقيق أهداف الشعب في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس. المرأة الفلسطينية لا زالت تواصل كفاحها من أجل حقها العادل في المشاركة في عملية البناء والتنمية للوصول إلى المواقع الريادية والقيادية في المجتمع رغم كل التحديات التي تطال حقها وتقويض أسس الحياة الاقتصادية والاجتماعية خاصة في قطاع غزة . فصمدت على أرضها في مواجهة الاستيطان، وتعرضت للقمع والتعذيب، وسقطت شهيدة وجريحة في ميادين النضال، منذ بداية مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني الرافضة للاحتلال.
برغم كل انجازات المرأة الفلسطينية المشرفة إلا أنها تتغيب حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية عند العالم الحقوقي المزيف الذي يتغنى بحقوق المرأة ، إلا المرأة الفلسطينية في تفنن في دعم الاحتلال الصهيوني بقتلها وتعذيبها وتدمير بيتها على رؤوس افراد اسرتها .
إنها المرأة صانعة الرجال صانعة الثورة والكفاح الوطني والتي تساهم في بناء الدولة الفلسطينية فكانت رمزا للعطاء والتضحية والفداء وانطلقت المرأة مع انطلاقة الثورة لتكون رافدا أساسيا للبناء الوطني، ولا يمكن هنا أن ننسى الدور الكبير لاتحاد لجان المرأة للعمل الاجتماعي ومساهمته الفاعلة في بناء المجتمع الفلسطيني حيث تأسس اتحاد لجان المرأة للعمل الاجتماعي في حزيران عام 1981 كمؤسسة جماهيرية تعنى بقضايا المرأة والطفل في فلسطين، وأيضا لا ننسى دور الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية والاتحاد النسائي الفلسطيني واتحاد لجان العمل النسائي وطاقم شؤون المرأة واتحاد لجان كفاح المرأة والعديد من المؤسسات النسوية العاملة في فلسطين وأماكن الشتات حيث كان لها الدور الكبير في تجسيد ملامح النضال الوطني والمساهمة الكبيرة في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية .
هي سيدة فوق السطوح تراقب النجوم ، هي ام الشهيد صابرة ، هي مفتاح القدس ، فنور وجهها يغطي الأضواء ، هي مدرسة يتخرج من بين يديها الابطال والمعلمين والمهندسين والأطباء والعمال ،صنعت التاريخ لحاضر ومستقبل هي الأم والأخت والأسيرة والشهيدة والرفيقة وهي الحياة بأكملها إن التاريخ النضالي للمرأة الفلسطينية حافل في مسيرة كفاح شعبنا الفلسطيني من أجل التحرر وبناء الدولة، قدت فيها المرأة آلاف الشهيدات والجريحات والأسيرات، ولا يكفيها مقال أو ألف مقال، ولكن هذا جهد متواضع لنتذكر جزء بسيط من تجربة المرأة النضالية في تاريخنا الفلسطيني كل التحية لك أيتها المرأة الفلسطينية العظيمة التي جسّدت أروع آيات النضال والتضحية حُباً للوطن وحريته، فأنت اليوم وعلى مر التاريخ سيدة نساء الأرض وفي يوم المرأة العالمي شموخ وتحدي.
عاش الثامن من آذار
عاش يوم المرأة العالمي
كل عام وانتن بألف خير
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء