اقترب اللقاء يا شيخنا أيام وتبقى بين أبناء شعبك الفلسطيني

شيخ الأسرى قائد سفينة كارينA اللواء القبطان فؤاد الشوبكي

19.02.2023 08:12 PM

كتب: محمود جودت محمود قبها

عاش كافة مراحل الثورة الفلسطينية وكان رفيق درب، وأمين سر وصاحب المهمات الخاصة للشهيد ياسر عرفات، تنقل في معاقل الثورة المختلفة، عمل في العديد من المناصب، كان آخرها مسؤول المالية المركزية العسكرية اتهمه الاحتلال الإسرائيلي بالمسؤولية بمحاولة تهريب سفينة السلاح التي ضبطت في عرض البحر "كارين إيه"، وقام بمطالبة السلطة الوطنية مرات عديدة بتسليمه لها، لكن السلطة رفضت ذلك وكادت أن تصل دباباتها إلى الغرفة التي كان يتحصن بها برفقة الشهيد ياسر عرفات.

الأسير اللواء فؤاد حجازي الشوبكي أو شيخ الأسرى كما يحب أن يطلق عليه، يعتبر من اكبر الاسرى سنا داخل السجون الإسرائيلية، يقبع فيها منذ ستة عشر عام، وتبقى له سنة من محكوميته يعاني من العديد من الأمراض أخطرها مرض السرطان والذي بدأ يفتك بجسده، وينقصه الكثير من وزنه، وبدأ يغير بعض ملامحه، ورغم ذلك ومن خلال ما وصل على لسانه من رسائل من داخل السجن لم يتأفف من كل أشكال المعاناة التي يعانيها، إن كان ذلك من ألم ووجع المرض، أو الإهمال الطبي الذي تمارسه مصلحة السجون الإسرائيلية تجاهه، أو من سياسة مصلحة السجون وتنكيلها به من جهة أخرى، ولكن تأفف وتنهدات اللواء الشوبكي أتت من إهمال الكثير من أصدقائه، ومن رفقاء دربه بالقيادة الفلسطينية، والتي يجب أن تدق ناقوس الخطر في كافة المحافل الدولية ومن خلال سفاراتنا المنتشرة في مشارق الأرض ومغاربها، أو من خلال إطلاع المسئولين والدبلوماسيين الزائرين إلى الأراضي الفلسطينية على خطورة أوضاع الأسرى المرضى عامة والشوبكي خاصة.

رفيق الشهيد ياسر عرفات وجه النداء الأخير لكافة المسئولين...شيخ الأسرى ناشد أبناء شعبه..ناشد الوجهاء والمخاتير والذين كانوا يملئون مجالس ديوانه على الدوام..ديوانه والذي لم تطفئ نيرانه يوما، ولم تخلو مقاعده من الكثير من المراجعين والحالات المستورة والاجتماعية حيث لم يبخل عليهم يوما ناشدهم جميعا [ان يكونوا صوتا له..صوتا معاناته والامه لكي يسمع الكل شعبه قبل غيرهم..وأصدقائه قبل أعدائه ما به من وجع وألم بعد أن بدأ يعد الثواني والدقائق بعد ما أصابه من مرض الأسير الفلسطيني هو صوت الشعب الفلسطيني الحر الذي يتطلع إلى الحرية والمساواة والحياة الكريمة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة . ان الفصائل الفلسطينية مطالبة بتبني قضية الأسرى والعمل أكثر على تجنيد كل الإمكانيات وإعلان الاعتصام الدائم حتى يتم تحرير الأسرى من سجون الاحتلال والتضامن مع كافة الاسرى وخاصة الاسير المناضل الشوبكي اكبر المعتقلين سنا الذي يواجه الموت في سجون الاحتلال وحان الوقت للعمل والتضحية من اجل حرية الاسرى فنريد الأسرى احرارا لا نريدهم جثامين شهداء فالشعب الفلسطيني ومعه كل الأحرار والشرفاء في العالم مطالبين بالتحرك الفوري و العاجل والسريع لإنقاذ حياة الأسرى ووضع حد لمعاناتهم في سجون الاحتلال.

اعتقل اللواء فؤاد الشوبكي عام 2002 بتهمة تهريب سفينة( كارين ايه) المحملة بالأسلحة الى انتفاضة الاقصى العارمة، ونقل الى سجن أريحا تحت رقابة وحراسة بريطانية وأمريكية، وفي عام 2006 اقتحم جيش الاحتلال السجن وهدمه فوق رؤوس السجناء واختطاف الشوبكي وأحمد سعدات وكافة الأخوة والرفاق المعتقلين، ولأن الشوبكي من جيل الثورة الأول صدر بحقه حكماً رادعا، ورفض الاسرائيليون كل المطالبات بالأفراج عنه حتى لا يتكامل الماضي مع الحاضر ويرتفع النشيد على المسافة والمرايا والغياب ان ما يقلق المحتلون الاسرائيليون هو ان زمن فؤاد الشوبكي الاول لم يتوقف حتى الان، ها هي الأجيال الجديدة، الفتيان، الفتيات، الشباب، القصائد، الرسومات، الشعارات، المظاهرات، الأغاني، يحملها البعيد الى القريب، الميت إلى الحي، هي منظومة فكرية قيمية ثقافية متولدة متجددة تتفاعل مع الزمان والمكان، تتردد في لغة الحرية والهوية بين الزمن الذاتي والجمعي، الذاكرة لم يجرفها الاحتلال كما جرف الأرض وبناء المستوطنات، الرموز حية متفاعلة لم يستطيعوا طمسها أو قلعها كما قلعوا الأشجار ونهبوا الذكريات.
لقد سعى الكيان الصهيوني بكل مؤسساته العسكرية والأمنية والقضائية على تصميم السجن بأنظمة ولوائح قيود وتشديدات لقطع صلة الأسير بالزمن، تخريب مقومات رغبته بالعيش والعزيمة والفعل، بهدف عزل الأسير عن أحلامه وطموحاته وصلاته الاجتماعية ، ان يسجن الاسير في قبر الزمن الاسرائيلي، ان يضمحل ويتلاشى تعطل حواسه داخل زمن السجن الدائري المغلق، اراد الجلادون ان يكون للاسير حياة أخرى مختلفة عن سائر البشر ، حياة لا أساس لها ولا غد ، حياة بلا وقت، بلا مواعيد، حياة تتسرب من بين الأيدي رويداً رويداً ليتحول الأسير الى مجرد شئ او رقم بلا نبضات.

الأسرى اشتبكوا مع زمن السجن، حركوا دولابه الفولاذي، الوقت صار له معنى وقيمة، لا فراغ بين صدى الحيطان، صار السجن مدرسة وجامعة، مئات الخريجين في الثانوية العامة وفي الجامعات، شهادات على مقاعد الحياة القادمة، 86 نطفة منوية مهربة صارت اطفالا اولاداً وبنات، خرج النور من الظلمات، ابداعات فكرية وثقافية وأدبية وفنية حلقت في الفضاء ، مواجهات واضطرابات حتى ذاب الملح والجوع زمن السجانين، انها ارادت حركت الدنيا، أطلقت العدالة الكونية واشعلت الانتفاضات .

شيخ الأسري فؤاد الشوبكي لا يحسب سنين عمره وفق تقويم السجن، لهذا يخاطبه قائلاً: ايها العمر المتنامي على عجل تريث قليلاً، فأنت اكثر جمالاً ورقة، فأن كان الموت يمثل نهاية حتمية لكل مخلوق، فإنه لا يستطيع قهر الإرادة والفكر، فالسجن ليس هو الأزل، والموت ليس هو القضية، ان التضحيات والنضالات معاني الصمود والشرف الإنساني والوفاء هي تعويض الأحرار عن الزمن الضائع، ويقول الوقت متوقف ومتشابه، ولكن أحلامنا تنحدر كالنهر نحو البحر وتصب في الحقول و ترتمي بين أحضانه زمن الاسرى له لغة خارج نظريات وعبقريات الامبرياليين وخبراء السيطرة والسلبطة وتحوير الانسان، الكرامة لا تقاس بالدقائق والساعات والسنين، الكرامة سرمدية أبدية افشلت سياسة التجارب على البشر، منذ متى كان الموت اجمل من الحياة؟ ومنذ متى يحمل الاسرى مئات السنين فوق اكتافهم لا يهرمون، الوقت ملك اياديهم في عمرهم الطويل.


أثناء الاجتياح الإسرائيلي عام 1982م كان القبطان الجندي المجهول الذي استطاع تأمين كافة متطلبات الثورة من النواحي الإدارية لكافة الطرق المسموحة والممنوعة لكي يؤمن لهم الصمود الرائع لمدة 88 يوم. بعد الخروج من لبنان عام 1982م استطاع في فترة وجيزة إبلاغ القيادة عن انتهاء كافة المشاكل الإدارية والمالية لكافة القوات التي خرجت من لبنان، الجميع شهد للقبطان بما قام به في طرابلس عام 1983، أثناء حرب المخيمات كان له الفضل الأكبر في تأمين احتياجات المقاتلين وكذلك تأمين احتياجات أبناء شعبنا في المخيمات، عند عودته إلى الوطن حل كافة المشاكل المالية التي حلت بالقوات بعد الحصار المالي الذي تعرضت له المنظمة عام 1992 قبل العودة إلى الوطن.

القبطان تولى مهامّ كثيرة في حركة فتح والثورة الفلسطينية والعمل الاجتماعي والأهلي منها: عضو المجلس المالي لحركة فتح، عضو المجلس العسكري لحركة فتح، عضو المجلس الثوري لحركة فتح،عضو المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المجلس العسكري الأعلى لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو لجنة لبنان، مدير الإدارة المالية المركزية لقوات الأمن الوطني والأجهزة الأمنية، عضو المجلس الأعلى للأمن القومي في السلطة الفلسطينية، المستشار المالي للزعيم الراحل أبو عمار، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الصخرة الاقتصادية، رئيس اللجنة المركزية العليا للإصلاح الاجتماعي بالسلطة الفلسطينية، أسس ميناء غزه، رئيس الاتحاد الفلسطيني للفروسية.

انطلق القبطان مع حركة فتح منذ بداية العمل المسلح ضد الاحتلال، كان المسؤول المالي والإداري لقوات الثورة في أحراش جرش وعجلون 1971-1979، أشرف على تحصينات مواقع الثورة الفلسطينية في العرقوب (فتح لاند) في لبنان بعد أحداث جرش وعجلون، يعتبر أحد المؤسسين الرئيسيين لجهاز رواتب المقاتلين في جيش التحرير الوطني الفلسطيني أشرف على تأسيس مركز الإمداد والتموين الرئيسي لحركة فتح والثورة الفلسطينية في عين ترما/سورية اشرف القبطان على تأسيس ورشة إصلاح متقدمة في عين الحلوة/لبنان صاحب فكرة الاكتفاء الذاتي إداريا لقوات البحرية التي كانت تبعد عن المقرات الرئيسية للثورة.

أثناء حرب المخيمات كان له الفضل الأكبر في تأمين احتياجات المقاتلين وكذلك تأمين احتياجات أبناء شعبنا في المخيمات، عند عودته إلى الوطن حل كافة المشاكل المالية التي حلت بالقوات بعد الحصار المالي الذي تعرضت له المنظمة عام 1992 قبل العودة إلى الوطن .

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير