ما بعد.. تحييد المحامين ونقابتهم

19.02.2023 12:55 PM

 

كتب المحامي خليل قاسم:

يرغب الكاتب في هذه المقالة القصيرة بالتركيز وبشكل مقتضب على مرحلة ما بعد الانتصار على المحامين، وذلك بتحييدهم عن الدور الرئيسي المناط بهم وفق القانون، وهو معاونة السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وتأكيد سيادة القانون، وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم، وهذا ما ورد بشكل حرفي في قانون رقم (3) لسنة 1999 م بشأن تنظيم مهنة المحاماة. ووصولاً الى تقييد دور نقابتهم والاقتصار على منحها مقعدا من اصل سبعة مقاعد في المجلس التنسيقي الأعلى لقطاع العدالة، الذي يرأسه رئيس المحكمة العليا / رئيس السلطة القضائية.

نعم يستطيع القارىء لما سبق، تفهم الدور الذي أناطه القانون بالمحامين من جهة، وكذلك الوضع القانوني لنقابة المحامين من جهة أخرى ومدى تأثيرها على قطاع العدالة في ظل نشوء المجلس التنسيقي الأعلى لقطاع العدالة في سنة 2019، وهي ذات السنة التي رافقت بداية "الاصلاح القضائي والقانوني".

وبعيدا كل البعد عن موضوع تعطل المجلس التشريعي، وكيفية اصدار التشريعات لدينا، ولخصوصية حالتنا، سنتخطى الحديث عن الشكليات القانونية، وان كان المصطلح ليس بالصحيح، ولكن ليس بالسهل ايجاد المصطلح الذي يبرزها بحالتها الحقيقة، خصوصا أن السياسة تتدخل هنا بقوة، والحديث عن الموضوع هنا يصبح بلا فائدة.

نعم، اعترض المحامون خلال الثلاث سنوات الأخيرة على كثير من الأمور، وقد اضطرت نقابتهم للتدخل لايصال الصوت عاليا، إلا أن كل ذلك لم يصل لأصحاب القرار بشكل سليم، وأسباب ذلك كثيرة، وعليه أصبح تبادل البيانات أمام المواطنين سمة المرحلة فيما بين السلطة القضائية ونقابة المحامين، بل أصبح القضاء والقانون والمحاماة والمصطلحات التي رافقت الاصلاح القضائي والقانوني مادة دسمة للحديث بين المواطنين، ولكنها مادة من عشرات المواد الدسمة التي تسبب التخمة للمواطن، بسبب الحالة العامة التي يعانيها الجميع.

ولكن المحامين لديهم دائما وجهة نظر أخرى بأن القضاء ليس كما أي أمر آخر يمكن السكوت على كل ما يمسه، فالقضاء كما يعلم الجميع أساس المجتمعات وتطورها، وأن أي مساس به، هو بداية النهاية لأي مجتمع.

وعليه، فان أصحاب القرار اليوم لديهم خيارين ليس أكثر، أحدهما دعوة نقابة المحامين واعطاءها الدور الحقيقي الذي تستحقه، وصولاً للحفاظ على القضاء الفلسطيني وفق ما جاء في مرسوم الرئيس بشأن تشكيل المجلس التنسيقي الأعلى لقطاع العدالة، الذي يهدف الى ترسيخ مبدأ الفصل ما بين السلطات، وتعزيز سيادة القانون، وحماية حق المواطن في الوصول للعدالة، واللجوء لقاضيه الطبيعي، وتعزيز مناخات الثقة بمكونات قطاع العدالة، وإزالة ما يعترض رسالة العدالة من عقبات ومعيقات، وتنقية أجواء العلاقات بين مكونات قطاع العدالة، وتعزيز مناخات الشراكة والتعاون فيما بينها، ووضع الرؤى والاستراتيجيات والخطط اللازمة للنهوض بالقطاع ومكوناته، وتطوير وتحديث القوانين والأنظمة الخاصة بقطاع العدالة ومكوناته. أما الخيار الثاني، فهو تحييد المحامين ونقابتهم، وخسارة الجهة الأكثر استقلالية والقدرة على عدم المجاملة، ومن ثم تحمل ما ينتج عن ذلك من تداعيات.

أما تداعيات ذلك، فأصحاب القرار بالطبع يتفهمون ذلك بشكل جيد، فالقضاء مرآة الدولة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير