هل إلتزمت إسرائيل برؤية بايدن للتسوية سيد بلينكن؟

01.02.2023 02:53 PM

كتب د. رمزي عودة*: الجميع يتذكر تصريحات السيد "بلينكن" وزير الخارجية الأمريكي في فندق أومني شورهام في العاصمة الامريكية واشنطن في مؤتمر "جي ستريت" الذي عقد في 4 من كانون أول 2022، حيث تضمنت هذه التصريحات رؤية الإدارة الامريكية للحل السياسي للقضية الفلسطينية. وإشتملت هذه الرؤية على ضرورة وقف تصعيد العنف في المنطقة وضمان أمن إسرائيل وديمقراطيتها ويهوديتها، والتأكيد على حل الدولتين دون الحاجة الى تدخل دولي أممي، وتحسين الخدمات المقدمة للشعب الفلسطيني وتخفيف معاناتهم، والاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية، وضرورة مواجهة الحركة المعادية للسامية، والابتعاد قدر الإمكان عن إتخاذ خطوات أحادية الجانب. وبغض النظر على أن غالبية هذه السياسات لا تتوافق مع المصالح الفلسطينية وتدخل في سياق التحيز الحقيقي والتاريخي للولايات المتحدة لإسرائيل، الا أن ما وودت طرحه في هذا المقال هو التساؤل المشروع حول طبيعة الجديد في زيارة "بلينكن" الحالية الى إسرائيل وفلسطين المحتلة، وفي السياق، هل نجحت السياسة الامريكية للرئيس "بايدن" كما تم التصريح عنها في خطاب "بلينكن" في مؤتمر "جي ستريت" في تحقيق أي تقدم لعملية السلام وتخفيف التوتر في المنطقة؟

من الواضح، أن الإجابة على هذين التساؤلين هو بالنفي، فإسرائيل وحكومتها الجديدة المتطرفة لم تستجب لمبادئ السياسة الخارجية الامريكية، حيث قامت هذه الحكومة  بتصعيد التوتر والعنف في المنطقة، وقتلت عشرات الشهداء الفلسطينيين الشهر الجاري في إطار مجازر ممنهجة كما حدث في مخيم جنين قبل عدة أيام. كما قامت هذه الحكومة بتوسيع دائرة الاستيطان وتغيير الأمر الواقع في القدس وفي مناطق مختلفة من الضفة الغربية، فوفقاً لصحيفة "إسرائيل هيوم" فان 18 الف وحدة إستيطانية تم إقرارها في الحكومة الحالية قبل 6 أيام فقط من زيارة "بلينكن". ليس هذا فقط، بل إن الحكومة الاسرائيلية الجديدة لم تحافظ على قيم الديمقراطية التي تغنت بها إدارة بايدن ووسمت بها حليفتها إسرائيل، حيث ضمّت هذه الحكومة شخصيات إرهابية ومتطرفة مثل بن غفير وسموتريتس. ودعت هذه الحكومة الى تهجير العرب وتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي، وتسليح المستوطنين و ضم مناطق "ج" الى السيادة الإسرائيلية.

وفي موضوع تحسين أوضاع الفلسطينيين، فإن حكومة الاحتلال وسعت من قرصنتها على أموال المقاصة الفلسطينية، ومنعت السلطة الوطنية من إستيراد إحتياجاتها الغذائية والنفطية من دول الجوار بهدف تكريس تبعية الاقتصاد الفلسطيني لدولة الاحتلال، وفي الوقت الذي تتحدث به إدارة "بايدن" عن توفير خدمة "الفور جي" وتوسيع منح تصاريح العمل، فإن الفلسطينيين يحتاجون لأكثر من هذه الخدمات، إنهم بحاجة الى الأمن والسلام العادل. وفي سياق الرومانسية الامريكية الديمقراطية، فإنه بإعترافهم بالقدس عاصمة للدولة العبرية، فانهم ضربوا بعرض الحائط قرارات الشرعية الدولية حول كون القدس جزءً من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، كما أن إدارة "بايدن" تناست أن الأرض التي ستقام عليها السفارة الأمريكية في القدس ما هي الا أرض مصادرة تعسفياً من مواطنين فلسطينيين!.

سيد "بلينكن"، عليك أن تكون واقعياً وتعترف بأن سياسة الإدارة الأمريكية الحالية تجاه إسرائيل ساهمت في خلق حكومة إرهابية متطرفة إسرائيلية، حكومة تعتاش على الضمانات الأمريكية بأنه لا يمكن فرض عقوبات رادعة عليها سواء من قبل الولايات المتحدة أو من قبل منظمة الأمم المتحدة، حكومة أججت الأوضاع في الأرض المحتلة وولدت نظام كراهية وعنصرية. سيد "بلينكن" ستزور القيادة الفلسطينية في  رام الله، وأنصحك أن تكون صريحا مع هذه القيادة وأن لا تكرر عباراتك الرومانسية السابقة لأنها بإختصار فشلت. فقط ، فرض عقوبات على إسرائيل هو الحل الوحيد للضغط على إسرائيل لوقف إحتلالها الأرض الفلسطينية ووقف عدوانها على شعبها.

* الأمين العام للحملة الاكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والابرتهايد

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير