الضفة الغربية نار تتقد تحت الرماد

29.01.2023 01:15 PM

 

كتب الباحث والمحامي: حسن مليحات

الأحداث التي تشهدها الضفة الغربية في الآونة الأخيرة، تؤكد أن ثمة انتفاضة فلسطينية شاملة تلوح في الأفق القريب، ولكنها تختلف تماماً عن الانتفاضات الكبرى السابقة من حيث الملامح والشكل والأساليب المستخدمة، وأهم ما في هذه الانتفاضة أنها ابنة جيل جديد لم يعش الانتفاضات السابقة، فقد تصاعدت في الضفة الغربية مؤخرا وتيرة الهجمات المسلحة التي يشنها فلسطينيون، ولا يبدو أنها مجرد هجمات عابرة، وأهم ما في هذه العمليات اليومية أنها لم تعد على علاقة بأي فصيل أو تنظيم، انما في اغلبها نابعة من إرادة شخصية وقرار فردي، وهو ما يؤكد أنها انتفاضة شعبية جماهيرية عامة لم تبدأ بقرار سياسي، وليست محكومة بقواعد السياسة، دولة الاحتلال بدأت تدرك أن فترة الهدوء التي شهدتها الضفة لسنوات طويلة ماضية لن تعود مجددا، وان عسل الهدوء قد انتهى والأوضاع تتجه إلى حافة الانهيار، ولذلك اعلنت حالة استنفار وإغلاقات، وهو ما يؤشر بأن الضفة تشهد بداية انتفاضة متصاعدة، وان هناك جذوة مقاومة تتقد تحت الرماد.

أصبحت الضفة الغربية كمرجل يغلي بعد عمليات الاقتحام والاعتقال والقتل التي نفذتها دولة الاحتلال، بالاضافة الى اطلاق العنان للمستوطنين بارتكاب جرائم وتنفيذ اعتداءات على الفلسطينيين ليل نهار، وقد تكون هذه الممارسات هي وصفة لتفجير برميل البارود في الضفة الغربية، فالعمليات اليومية التي تستهدف الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه في الضفة الغربية ذات وتيرة متسارعة، وحدثت في اكثر من مكان جغرافي الضفة الغربية، واذا استمرت فانها سوف تُنهي حالة الاحتلال المجاني، التي تتمتع بها حكومة الاحتلال في الضفة، لأنها تعني أن هذا الاحتلال يواجه حرب استنزاف مكلفة في الضفة، وبذلك فإن احتلال الضفة سوف يصبح وبشكل تدريجي مكلفاً بالنسبة لدولة الاحتلال.                                                                                                              

إن فشل عمليات الاقتحامات والعدوان الإسرائيلي لأنها أثارت موجات جديدة من المواجهة في جميع مناطق  الضفة الغربية، وادت الى تنامي الدعم الشعبي للمقاومة، وهذا يعني أن مستقبل المقاومة في الضفة الغربية يسير في مسار تصاعدي وليس على أبواب الضبط، لأن جزءا كبيرا من الأجيال الفلسطينية الشابة غير مؤدلجة بأديولوجيات تقليدية، وإنما تقوم بفعل مقاوم من منطلقات وطنية وكرد فعل على جرائم الاحتلال، وهذه الأجيال لم تخضع لعمليات كي الوعي المستمرة.

وخلاصة القول ان الضفة الغربية على حافة الهاوية، وأن ثمة انتفاضة شعبية شاملة تشهدها الضفة الغربية حالياً، وتتصاعد بشكل يومي، وهي انتفاضة جديدة بأدوات مختلفة وملامح غير مسبوقة، وإنما السبيل الوحيد لتجنبها والخروج من عنق الزجاجة هو الاعتراف بالحق الفلسطيني، وإنهاء حالة الجمود السياسي من أجل التوصل الى اتفاق يفضي الى دولة فلسطينية قابلة للحياة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير