حمدي فرّاج يكتب لوطن: لا غزة عزبة لحماس ولا الضفة حسبة لفتح

02.01.2023 01:59 PM

 


تتسارع وتيرة الموت في وطننا لتواكب وتائر السرعات التكنولوجية المنتشرة في العالم، كسرعة الانترنت على سبيل المثال لا الحصر، وبالكاد تستطيع مدينة نابلس دفن كوكبة شهدائها، هذا إذا نجحت في الحصول على جثامينهم، حتى تسقط كوكبة اخرى في جنين، وقبل استكمال استعدادات احياء ذكرى الاربعين لمن قضوا، تكون كوكبة اخرى في مدينة ثالثة قد ارتقت الى باريها، وهكذا دواليك .

و مع تزايد الاعداد بمثل هذه الوتيرة ، يسكننا الحزن على مدار أيام السنة ، بغض النظر عن فصولها ، و تعجز الذاكرة عن الاحتفاظ بكل الاسماء والاعمار و العناوين و التفاصيل والملابسات بسبب تزايد الاعداد ، باستثناء عائلاتهم و اقرب مقربيهم . حتى الاعياد القومية والدينية ، تعجز لأن تعيد الينا صفاءنا و هدأة ارواحنا وسط كلاشيهات اعلامية و فصائلية ممجوجة مكررة كالنعي والدعاء والتنديد واحيانا التهديد الفارغ والانتقام الجبار واقتراب وعد الآخرة ، حتى ظهر احتفال حركة فتح في ذكرى انطلاقتها الثامنة والخمسين في غزة ، فاخرج هذا الناس من قوقعات يأسهم ، وأعاد الى قلوبهم الكسيرة بعضا من أمل غاب عن محياهم ردحا طويلا من الزمن ، هو زمن الانقسام والتشرذم بين الحركتين الكبيرتين التي تمنع هذه تلك من الاحتفال بانطلاقتها ، و كأن غزة اصبحت مزرعة لحماس و الضفة حسبة لفتح.

إن قرار حماس السماح لفتح بإحياء انطلاقتها على هذه الشاكلة الرائعة ، أعادت للجماهير شيئا من رونقها المتطلع نحو مستقبل ما زال واعدا بالتحرر والاستقلال والعلاقات الاخوية السوية بين ابناء الشعب الواحد والشعار الناظم ، لا انتصار بدون الوحدة الوطنية والحد الادنى من ترسيم وترسيخ المفاهيم الديمقراطية وحرية الرأي والمعتقد بما في ذلك الرأي السياسي و المعتقد الديني.

لقد حظيت حماس في قرارها هذا بالكثير من الاشادات والثناءات ، و هو – القرار – بمثابة نقلة نوعية في الوعي المتنامي لدى قادتها ، والذي أعقب قرارا نوعيا آخر المتمثل في الاعتذار عن خطيئتها في سوريا ، و على الرغم انها اتخذت قرارا اصعب من قرار السماح بإقامة الاحتفال ، يوم اتفقت مع فتح على خوض الانتخابات التشريعية في قائمة واحدة و برئيس واحد ، و هو ما عرف باتفاق الرجوب والعاروري ، الا ان قرار الاحتفال اكثر نضجا و عمقا و شأوا ، لأنه ببساطة يخرج الحركة من شرنقة الكهف العطنة الى رحاب الشمس الحرة واحترام الاختلاف مع الآخرين.

إننا نحث حماس على المزيد من هذه الخطوات الوطنية والسياسية والاجتماعية ، فهي الكفيلة ان تجعل من الحركة ، اي حركة ، اقرب الى الناس والجماهير ، والعكس هو الصحيح ؛ الانغلاق والقمع والمنع والزجر والسجن والتعذيب ، يجعل من الجماهير و قواها الحية عدوا لها حتى لو كان الفضل يعود لها في معركة التحرير .

أليس هذا هو تاريخ حركات تحررنا في وطننا العربي الذي ما زالت مقدراته نهبا لأعدائه ؟؟؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير