المشكلات الاسرية التي تواجهها الأسر الفلسطينية من وجهة نظر الزوجات

13.12.2022 07:55 PM

كتبت: نانسي العط

يقول ريك ريوردان، وهو كاتب وروائي: "تعيش بعض العائلات في حالة من الفوضى، وهناك أُسر تبقى فوضوية الى الأبد. في بعض الأحيان يمكننا أن نُذكّر بعضنا البعض بضرورة التماسك فيما بينهم ليعيشوا حياة جميلة هادئة".

عبارة تحمل في طياتها أهمية الأسرة ودورها في تنشئة الأفراد، فالأسرة هي المكان الأول  الذي ينشأ به الطفل، وكلما كانت نشأة الطفل في أسرة مفككة ذات مشاكل كثيرة أثر ذلك سلباً على نموه النفسي والاجتماعي والعاطفي.

لو نظرنا إلى المشاكل الأسرية، في المجتمع الفلسطيني، فسوف نجد أنها تزداد يوماً بعد يوم، بالإضافة إلى وجود اختلاف في نوعية هذه المشاكل أيضاً، وارتباطها بالعصر التكنولوجي الذي أدى إلى ظهور مشكلات جديدة بين الأزواج وبين أفراد الأسرة ككل.
من خلال المقابلات التي أجريتها مع عينة أُختيرت بطريقة عشوائية من مناطق مختلفة في محافظة نابلس، مُشكّلة من 5 زوجات تتراوح أعمارهن بين 25 عاماً إلى 38 عاماً، حيث تم استخدام "المقابلة شبه المقننة" كأداة البحث بهدف فحص المشكلات الأسرية والصعوبات والتحديات التي تواجهها الأسر في السياق الفلسطيني، ظهرت العديد من هذه المشكلات والصعوبات والتحديات وبعضها قد تكرر لدى جميع الزوجات.

تكوّنت المقابلة من 5 أسئلة رئيسة والتي سأقوم بإيجازها وعرضها بشكل متسلسل وعرض الإجابات عليها.
  السؤال الأول: هو عبارة عن تقّصي لأهم المشكلات الأسرية التي يواجهها الأزواج وكيف تؤثر تلك المشكلات على الأبناء، فكانت إجابات متعددة سأقوم باختزالها بنقاط متوافق عليها من قبل معظم أفراد العينة:

• تدخلات أهل الزوج في حياتهم الشخصية والداخلية.
• إهمال الزوج لزوجته وعدم الاهتمام بها.
• كما كان هناك علاقات للأزواج خارج إطار الزواج متمثلة بالمحادثات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
• مشاكل في العلاقة الجنسية، وقد اتفقت جميع استجابات العينة على وجود هذه المشكلة، ومنهن قد قُلنِ إنّها السبب الرئيسي لجميع المشكلات الأخرى، كما أن هذه المشكلة مرتبطة بالعامل الاقتصادي وذلك بسبب ضيق المسكن، فليس هناك مساحة لخصوصية الزوجين.
• وقد برزت مشكلة مختلفة عن المشاكل الأخرى لدى الزوجات وهي أن زوج إحداهن ثنائي الجنس bisexual.

وفيما يتعلق بتأثر الأبناء بتلك المشكلات فكان متفاوتاً وذلك لاختلاف المراحل العمرية لأبنائهن، فقد ذكرت الزوجات العديد من الأعراض والسلوكيات المختلفة والتي تمثلت بالتراجع الأكاديمي لأطفالهن والأحلام المزعجة والصراخ أثناء النوم، والانطوائية في البيت وفي المدرسة، كذلك الهروب إلى النوم وقضاء أبنائهن معظم الوقت خارج المنزل. بالإضافة إلى هذه المشاكل السلوكية والعاطفية لدى الأبناء، فقد كان لدى أطفال آخرين صعوبة في التعبير عن مشاعرهم، لكن ظهر عليهم بعض الأعراض الجسدية كالتعب وفقدان الطاقة معظم الأحيان.

إذا انتقلنا للسؤال الثاني، وهو كيفية تعامل الأزواج مع المشكلات، فقد اتفقت جميع إجابات أفراد العينة على أنّهن يتعرضن للعنف الجسدي واللفظي من قِبل أزواجهن، وإحداهن كانت تصل المشفى نتيجة استخدام أدوات مختلفة في تعنيفها، الأمر الذي يجعلها تصمت عند صراخ الزوج خوفاً من تفاقم المشكلة وتعرضها للضرب المبرح منه، مع ذلك ورغم صمتها، فقد تنتهي المشكلة بالعنف الجسدي واللفظي والإهانة. من الجدير ذكره أن جزءًا من العينة الذي كان يحاول حل خلافاته الزوجية والعائلية بعيدًا عن العنف الجسدي، والذي يستخدم به الطرفان النقاش الحاد الذي يأخذ شكل "الحرب" بين الزوجين ومن سيفوز بهذه  المعركة، كان يجد نفسه مجددًا في دائرة العنف.

أما بالنسبة للصعوبات والتحديات التي تواجههم كأزواج، فقد احتل المرتبة الأولى في إجاباتهن تدخلات الآخرين بحياتهم، سواءً أهل الزوج أو لجان الإصلاح والذي كان برأيهن يزيد الوضع سوءًا ويرفع وتيرة وحدّة المشكلات. جاء في المرتبة الثانية السكن لدى بيت أهل الزوج، وكان لهذا جزء كبير في الصعوبات التي تواجه الأزواج. صعوبة أخرى كانت تواجه الزوجات في حياتهن الزوجية تتمثّل في استهزاء الزوج وعدم أخذ المشكلات بجدية. كما ظهرت أيضًا صعوبات أخرى، تمثّلت في الإدمان على الكحول والحشيش والمواد المخدرة للأزواج، كوسيلة للهروب من صعوبات الحياة أو لكونهم غير واعين وغير مدركين لردود أفعالهم.

من وجهة نظر العينة فإن القرارات الخاصة بالزوجة والأسرة ككل يتم اتخاذها من قِبل الزوج فقط وهو الآمر الناهي، وقد وصفت إحدى الزوجات ذلك وقالت: "أنا مجرد خدامة في البيت وهو بيعطي أوامر". أي أنه ليس هناك قرارات مشتركة بين الزوجين.

في السؤال الأخير أرادت الباحثة فحص نظرة الأفراد للإرشاد والعلاج النفسي، والإرشاد الاسري بشكل خاص، وكيف من الممكن أن يساعد في حل مشكلاتهم، فبدا واضحاً تقبل الزوجات لمختلف أشكال الإرشاد النفسي، واستعدادهن لخوض هذه التجربة أملاً في إيجاد حلول لهنّ، ومن جهة أخرى كانت إجابات أفراد العينة متطابقة حول عدم تقبل أزواجهن للعلاج والإرشاد الأسري.
ممّا سبق يمكننا الاستنتاج أن هناك مشكلات قديمة معروفة للجميع، ما زالت تتوارث عبر الأجيال، ومنتشرة حتى يومنا هذا، وظهور مشكلات جديدة لم تكن موجودة في السابق، طرأت على مكوّنات مجتمعنا باختلاف أطيافه مع التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي.

من الجدير ذكره هنا أنّ جميع أفراد العينة قد تزوج زواج مبكر والذي شكّل عقبة أمامهن في التعليم والعمل.
كما بدا واضحاً أن لدى بعض الزوجات أعراض الاكتئاب، حيث قالت إحدى الزوجات: "وصلت لمرحلة فكرت فيها أنهي حياتي".
على سؤال تأثير وجود الأطفال في ظل المشاكل الأسرية، والعنف داخل العائلة، فقد ظهر لدي خلال المقابلات نمطان من تأثر الأبناء، فهناك أطفال قد شكلوا اتحاد مع الأم، وأطفال آخرين تبنوا أسلوب والدهم عن طريق التماهي مع أفكاره وسلوكياته تجاه والدتهم.

التوصيات:
 تنفيذ برامج توعية حول أهمية الصحة النفسية للأزواج.
 إجراء حلقات توعية للمقبلين على الزواج ضمن موضوعات تثقيف الأزواج قبل الزواج.
 تسليط الضوء في الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي حول العنف الأسري، وتحديداً عنف الأزواج تجاه زوجاتهم.
 تنفيذ برامج توعوية متخصصة لأهمية دور الأب سواءً على الصعيد النفسي أو الاجتماعي على حياة الأطفال.
 وجود قانون رادع للجريمة التي يرتكبها بعض الأزواج، وهي جريمة العنف، بأشكاله كافة، تجاه زوجاتهم.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير