المشكلات الزواجية والأسرية الأكثر انتشارا داخل المجتمع الفلسطيني

12.12.2022 04:46 PM

في دراسةٍ لفحص أكثر المشكلات التي تعاني منها الأسر الفلسطينية على عينة تكونت من خمسة أسرٍ من قرية مسحة _ محافظة سلفيت

 كتبت *هالة خالد أحمد:  أنّ الأسرة هي روحٌ واحدةٌ تجمع زوجاً وزوجةً، لتكون أفراداَ يعجز المجتمع عن التّخلي عنهم لأي ظرفٍ من الظروف، وقيمة الأسرة تجسدها أفعالاً متوازنةً منسمجةً تتفاعل مع مجتمعٍ يحوي العديد من الأسر على سبيل العدِّ لا الحصر فقط، ولهذا فهي كيان لا يدعو للنظرِ فقط، ولكنه سمةٌ تظهر على شاكلةِ قيمٍ ومبادئٍ ينشأ الأفراد عليها لتتكون نواة تعّبر عن تفعيل رغباتٍ لجعل مجتمعاتنا خلايا أكثر رقيِّ واستقرار.

فالأسرة هي اللّمة، وهي أساس بناء المجتمعِ، وتربية الأبناءِ، ورمزاً للاستقرار، والأمان، ومدرسة الأخلاق، فصلاحها صلاحٌ للأجيال، وفسادها فسادَ للمجتمع.
وبالرغم من الأهمية الكبيرة للأسرة، إلا أنها لا تخلو أسرة من المشاكل، حيث تختلف هذه المشكلات من أسرة إلى أخرى، وذلك باختلاف مصادر وقوة هذه المشكلات، حيث أن المشاكل الأسرية تعبّر عن حالةٍ من الاختلال مصدره إما من داخل الأسرة أو من خارجها، والذي يترتب عليه وجود حاجة غير مشبعة عند الفرد عضو الأسرة أو مجموعة الأفراد داخل الأسرة، بحيث يؤدي ذلك إلى ظهور سلوك أو مجموعة أنماطٍ سلوكيةٍ يعبر عنها الفرد، أو مجموعة الأفراد المتعاملين معه بكيفيةٍ تتنافى مع الأهداف المجتمعية.

والمجتمع الفلسطيني تنتشر فيه المشكلات الأسرية بشكلٍ ملحوظٍ وكبير , وبمصادر متنوعةٍ سواء أكانت داخلية أو خارجية , كما هو الحال في سائر المجتمعات العربية , نتيجة لوجود روابط أسرية قوية ,وعلاقات مع الأنساق الخارجية، فالمشكلات في المجتمع الفلسطيني متنوعة، فمنها ( المشكلات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، ومنها ما يتعلق بالتدخلات الخارجية خاصة الأهل ... الخ)، مما قد يؤثر تأثيراً سلبياً على صحة الأسر النفسية واستقرارها، وفي هذه الدراسة سوف أتطرق لأكثر المشكلات الأسرية انتشارا في المجتمع الفلسطيني.

الإطار التطبيقي:
* قمت باختيار عينة مكونة من خمسة أسرٍ من قرية مسحة والتي تقع في محافظة سلفيت، وقد تم اختيار العينة بطريقةٍ عشوائيةٍ، حيث قمت باستخدام المقابلات شبه المقننة كأداة لجمع البيانات.

* تكونت المقابلة من ثلاثة أسئلة تمحورت حول المشكلات الأكثر انتشارا والتي تعاني منها الأسر الفلسطينية من وجهة نظر الزوجة، وكيفية مواجهة هذه المشكلات داخل الأسر، وأيضاً كيفية اتخاذ القرارات داخل الأسر، ومن هو صاحب الكلمة الأولى و الأخيرة فيها، وقد تمت الإجابة على هذه الأسئلة على النحو الآتي:
_ السؤال الأول كان عبارة عن، ما هي أكثر المشكلات الأسرية التي تعاني منها الأسر التي تمت مقابلتهم، وتمت الإجابة على هذا السؤال في عدة أجوبة قمت باختزالها للوصول إلى أكثر المشكلات تكراراً، وأعلاها نسبةً عند الأسر، لمعرفة وحصر المشكلات الأكثر انتشارا، وتمكنت من إجمالها في الآتي:
1. العصبية عند الزوج.
2. عدم توفير فرص كافية للعمل.
3. التدني في الدخل.
4. تدخل أهل الزوج في شؤون الزوجين وخاصة والدة الزوج (الحماية )
_ أما في السؤال الثاني فقمت بالتطرق إلى كيفية مواجهة الأسرة للمشكلات، وكانت الإجابات ذات النسب الأعلى على الشكل التالي:
1.مواجهة الزوجة للمشكلات من خلال البكاء
2.مواجهة الزوجة للمشكلات من خلال الصمت
3. أما أعلى النسب كانت تتمركز حول مواجهة المشاكل من خلال (التفاهم بين الزوجين) كوسيلة لحل المشكلات.
وتم اختتام المقابلات بالسؤال عن كيفية اتخاذ القرارات داخل الأسرة، ومن هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فيها، فكانت الإجابات تقتصر على ناحيتين فقط بفارق بسيط في النسب فقط 20% بالشكل التالي:
1. النسبة الأعلى كانت لاتخاذ القرارات في معظم القضايا في الأسرة ترجع للزوج، ولكن مع الأخذ برأي الزوجة ومشاركتها، أما فيما يتعلق في الأمور الخاصة بالأبناء والبسيطة، فيرجع القرار للزوجة.
2. ولإجابة أخرى كانت لها النصيب الأقل قليلاً من الإجابة الأولى، وهي تقوم على أن القرارات بيد الزوج فقط، فهو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة.

مما سبق تم الوصول إلى النتائج التالية:
    أن أكثر المشكلات في المجتمع الفلسطيني إنتشاراً حسب العينة التي تم إجراء المقابلات معهم كانت مشكلات مصادرها داخلية وخارجية، الداخلية تنبع من أعضاء الأسرة نفسها، كمشكلات في سمات الزوج (العصبية)، أما الخارجية فيتبين في أكثر من جانب، فالجانب الأول هو مشكلات تتعلق بالأوضاع الاقتصادية للأسرة، كتدني الدخل، وعدم توفر فرص العمل، أما الجانب الثاني فيتعلق بالتدخلات الخارجية في شؤون الزوجين والأسرة بشكل عام وخاصة تدخلات والدة الزوج (الحماية).

    وأيضاً من ناحية أخرى شجعت طريقة تعاطي الزوجات مع هذه المشاكل من خلال الصمت، والبكاء على استمرارية المشكلات بدون الوصول لحلول، في حين كان التفاهم بين الزوجين عند نسبة عالية من الأسر داخل العينة أكثر نفعاً.

   أما بالنسبة لما يتعلق بكيفية اتخاذ القرارات داخل الأسر، ومن هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة داخلها، فكانت تتجه نحو مسارين بنسب قريبة، إحداها كان الأعلى نسبة وكان يعتمد على مشاركة الزوجين في اتخاذ القرارات، وإعطاء الزوجة نصيب في اتخاذ قرارات خاصة بالأبناء، والآخر كان بأن الزوج هو صاحب الكلمة الاولى والأخيرة داخل الأسرة بنسبة أقل قليلاً.
التوصيات:
1. ضرورة عمل برامج إرشادية في عدة موضوعات:
*برامج خاصة بالمقبلين على الزواج حول أهمية هذه المرحلة الانتقالية، لزيادة جاهزيتهم نحو الزواج وتحمل المسؤولية، وتوعيتهم نحو المشكلات الأسرية وأسبابها وأيضاً للعمل على توعيتهم بضرورة الحرص على تلاشي هذه المشكلات في المستقبل وكيفية مواجهتها إن حدثت.
* برامج إرشادية خاصة بموضوعات كالضبط الانفعالي عند الزوجين.
*برامج رفع كفاءة ودعم وتطوير، هدفها توظيف إمكانيات ومواهب الشباب أو المتزوجين، واستغلالها في خلق إنجازات من صنع يديهم ويستفيدون منها في خلق فرص عمل لهم، وبالتالي رفع مستواهم الاقتصادي، وزيادة الدخل، مثل تشجيع زوجته على ممارسة البيع والتسويق الالكتروني، او تعليم أحد الزوجين حرفة معينة تستهويهم للاستفادة منها كوسيلة لكسب الرزق ... الخ

*برامج إرشادية أسرية يتعلم من خلالها الزوجين، أهمية البناء الأسري، من قواعد، ورسم حدود داخلية وخارجية .... الخ، مما يساعدهم في القدرة على الحدّ، أو التخلص من التدخلات الخارجية.

2. ضرورة توفير مشاريع داعمة لمساعدة الأسر التي لا يفي إيرادها للمتطلبات المعيشية والالتزامات.
4. تشجيع البرامج التلفزيونية للتطرق الى مواضيع توعوية حول المشكلات الأسرية وطرق مواجهتها، وضرورة المشاركة في اتخاذ القرارات بين الزوجين.
    وفي النهاية أحب أن أنوه إلى أن الأسرة هي البذرة التي تنبت الشجرة الكبيرة، والتي تتكون عليها المجتمعات والأوطان، ولا تقدم وتطور لدولة من دون التقدم في أسرها، فحافظوا على استقرار أسركم وتطورها.

*طالبة في كلية الدراسات العليا، قسم الإرشاد التربوي وعلم النفس، جامعة النجاح الوطنية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير