"الحرب الدينية" قد تكون على مسافة قدم!!

04.12.2022 10:19 AM

كتب د. هاني العقاد: صعود الفاشيين في دولة الاحتلال خلال الانتخابات الخامسة والعشرين للكنيست مع اليمين المتطرف لم يأتي صدفة ولا خارج الحسابات الصهيونية , ولا خارج اي حسابات استراتيجية لدولة الاحتلال التي يخطط  لها لمائة عام قادم من قبل القوى الصهيونية المركزية ليهود العالم , ترسم خارطة الوجود اليهودي بالمنطقة بشكل عام وتحدد الاستراتيجيات وتختار التكتيكات الصهيونية لتمكين اليهود من السيطرة على كل فلسطين بمدنها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية  لما ما لديهم من قناعة ان فلسطين ارض اجدادهم وابائهم  لا حق للفلسطينيين بالتواجد على ترابها ويعتبروا الفلسطينيين ليسوا اكثر من جماعات احتلت بلادهم من قديم الزمان  وبالتالي حقهم في  دولة يهودية دينية خالصة القومية مسالة وقت وستاتي بخطوات تنفيذية صامتة وهادئة للقضاء علي الوجود الفلسطيني دون النظر لديانتهم.

صعود الفاشيين يعني ان مفاصل الدولة ستكون في أيدي المستوطنين الفاشيين وبالتالي ستكون لهم الأغلبية في الحكومة وان حاول نتنياهو خلق توازن ما في حكومته فإنه لن يتمكن وهذه التوازنات ليست أكثر من اصوات يريد نتنياهو من خلالها تشكيل غطاء إعلامي ليس أكثر لفاشية حكومته التي بدأ العالم يتخوف مركباتها كثيرا لكونها حكومة ترفض التعاطي مع أي مبادرات سلام ولا تقبل بالعيش المشترك مع الفلسطينيين في دولتين متجاورتين.

أدرك نتنياهو انه لا مناص من الاتفاق مع الكتلة الدينية الا ان  إصرار (سموترتش )علي تولى حقيبة الجيش جعله يذهب للاتفاق مع القوة الصهيونية أولاً وزعيمها( ايتمار بن  غفير) , هذا   الاتفاق الخطير الذي وقع لتشكيل ائتلاف حاكم منح بموجبه حزب (بن غفير ) أربع وزارات , وزارة الامن ووزارة الاقتصاد ووزارة التراث ووزارة تطوير النقب والجليل بالإضافة للجنة الأمن الداخلي في الكنيست أخطر هذه الوزارات وزارة الأمن بصلاحيات واسعة أي وزارة الأمن القومي والتي من خلالها ستمارس هذه الحكومة  مزيدا من القمع والعنصرية والتهويد والاستيطان ما سيدمر أي أمل في أي عملية سلام قادمة في المنطقة وقد يلهب المنطقة بأسرها مما قد يفجر مواجهة دامية تستمر طويلا . الاتفاق الثاني جاء مع (سموترتش) زعيم الصهيونية الدينية   و(اريه درعي) زعيم شاس بعد ان أقنعهم نتنياهو بالحصول على وزارات لنصف المدة حتى 2025 ثم تولي وزرات اخري لنصف المدة الثانية ويدور الحديث الان عن تولي (سموترتيش واريه درعي) وزارة الداخلية والمالية بالتناوب وهذا ينسحب علي وزارة الهجرة والمواصلات بين الليكود من طرف وشاس من طرف اخر.

إذا ما أعدنا قراءة المشهد جيداً خلال حكومات نتنياهو السابقة فأننا نستخلص ان نتنياهو هو من أوصل الحالة في تل أبيب لهذه الفاشية، مدارس دينية تعلم مناهج تبني على أساس الكراهية للمسلمين العرب في فلسطيني وتزرع في أذهان الشباب الصهاينة أفكار ومعتقدات فاشية تبني على أساس ان العرب احتلوا ارضهم وبيوتهم وطردوا اجدادهم لذلك فان "الموت للعرب " هو شعارهم وهو اقل ما يضمره هؤلاء الفاشيين للفلسطينيين. 

لقد تحولت دولة الاحتلال خلال عقد ونيف من الزمان الي كيان فاشي بالرغم من تولي بعض اليمنيين الحكم مثل( نفتالي بينت)  الذي تقاسم فترة تولية رئاسة الوزراء مع (يائير لابيد) لكن في فترة حكمهم كانت هناك مسيرة الاعلام العام الماضي تحمل في دلالاتها الكثير فيبدوا ان الكل في دولة الاحتلال بات محكوما توجهات وأفكار ومعتقدات بهذه القوي الكبيرة التي وجودها يعني نشوب حرب دينية واسعة تبدأ من فلسطين وتنتهي في فلسطين , مسيرة الإعلام الصهيونية الفاشية نقلت لنا دلالات أهمها تربية النشء اليهودي في فلسطين على  الكراهية الدينية والقومية والعنصرية العرقية التي ساهمت في تحويل المجمع اليهودي الى مجتمع فاشي  يعتبر قتل الفلسطينيين احد أركان العقيدة اليهودية  .

سترتبك المنطقة بكل مكوناتها السياسية من إبرام "اتفاق ابراهام " مع دولة الاحتلال، من طبع ومن لم يطبع لان التطرف القادم لن يعجبه حتى اتفاقات التطبيع مع بعض العرب التي أثبتت فشلها بأكثر من محفل مع ان هذه سياسة نتنياهو التي يعتقد انها الطريقة الوحيدة للتهرب من استحقاقات أي عملية سياسية مع الفلسطينيين تأتي في إطار صفقة صديقة ترامب "صفقة العصر".

ان معيار الاستقرار في المنطقة وتقدم نتنياهو بمزيد من اتفاقات التطبيع مرتبط ارتباط وثيق الصلة بالهدوء والاستقرار علي الساحة الفلسطينية واعتقد ان سياسات حكومة نتنياهو السادسة لن تحقق الاستقرار ولن يقبل وزرائها بوقف الاستيطان والتهويد والضم وفرض القانون الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية بالضفة الغربية  ,ولن يقبل وزرائها وقف اقتحامات المسجد الأقصى  في ظل مخططات التطرف الفاشي التي يعلنوها على الملأ بخلاف الوعودات اليومية بتنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى وإدخال الشمعدان اليهودي (الحانوكا)  إلى باحاته وأداء صلوات  تلموديه يتخللها السجود العظيم بالإضافة إلى تغيير تعليمات إطلاق النار على الفلسطينيين وإطلاق يد جيش الاحتلال العاملة في الضفة والقدس بإطلاق النار لمجرد الاشتباه ورمي الحجارة.

تدنيس الأقصى وإطلاق النار على المصلين ومنع الوصول إلى باحاته من شأنه ان يشعل المنطقة  الا ان اطلاق أيدي التنظيمات المتطرفة التي تكونت من المستوطنين بدعم من قادة الكتلة الدينية يعني تمكينهم من تنفيذ هجمات مسلحة وخطيرة بحق الفلسطينيين في المناطق المجاورة لمستوطناتهم وخاصة ان جميعهم يمتلكون أسلحة نارية رشاشة، كل هذا سيقابله الفلسطينيين بمزيد من ردات الفعل الشعبية والعشوائية وبالإضافة  لتنفيذ عمليات فدائية منظمة لصد تلك الهجمات وحماية المدن والقرى الفلسطينية، كما ستكثر الدعوات لحماية المسجد الأقصى من اقتحامات المستوطنين المتطرفين ما قد يتسبب في اشتباكات دامية بين هؤلاء المتطرفين والجماهير الفلسطينية التي ترابط بالمسجد الأقصى كل هذا سوف  يهيئ المشهد لمزيد من المواجهات التي قد تتحول في اية لحظة لحرب دينية متطرفة تكبر نارها لتشمل مناطق أخرى من العالم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير