د. عقل أبو قرع يكتب.. المونديال والعالم العربي وحتمية التغيير!!

02.12.2022 11:25 AM


ما نشاهده هذه الأيام من تضامن وتعاطف ودعم للمنتخبات العربية المشاركة في مباريات" كأس العالم" في قطر، وفي نفس الوقت الإصرار على مركزية فلسطين لكافة العرب على مستوى الشعوب أو المواطن العادي، الذي اثبت ومن خلال تصرفات أو أفعال بسيطة فشل وبل عدم جدوى كافة محاولات التطبيع والقبول للجانب الإسرائيلي عند المواطن العربي، هذا رغم الاغراءات الإعلامية والاقتصادية والأمنية التي رافقن هذه الحملات والاتفاقيات، ما نشاهده يثبت اجماع العرب شعورا وافعالا نحو نفس الهدف والحلم.

وأثبتت المشاهد التي يتم بثها من قطر، ان مشاعر وتطلعات واحلام المواطن العربي هي متشابهة، رغم الجغرافيا والسياسية وحملات التشويه والترويج، التي بثتها خلال السنوات الماضية اطراف عديدة، وأن هذا المواطن يتطلع وبشغف لقائد عربي جامع يحوي هذه المشاعر والتطلعات، ومع خروج المنتخبات العربية الثلاثة من الجولة الأولى للتصفيات، تتحد عواطف العرب وتطلعاتهم الان حول المغرب الذي نأمل ان يجتاز الأدوار القادمة وبقوة، وفي نفس الوقت يبقى العلم الفلسطيني والتطلع نحو فلسطين حاضرا وبقوة، سواء من خلال مباريات العرب أو غيرهم، وبأيدي العرب أو غيرهم من الحضور من كافة بقاع الأرض.  

وفي هذا الخضم يحتاج العالم العربي الى التغيير، وفي مختلف جوانب الحياه، لان التغيير حتمي، وكما يتضح ومن خلال ازمنه متنوعه، وفي مواقع ومجتمعات متعددة، يشير التاريخ الى أن من لم يتغير قد اصابه الفشل ومن لم يتغير لكي يواكب الاحتياجات والمتطلبات في الأزمنة المختلفة لم ينجح، ، حيث بينت تجارب المجتمعات أن هناك ادارات و شركات ومؤسسات ومنظمات وأجهزه كثيرة لانها لم تتغير أو تعمل على تغيير طريقة عملها، أو منتجها، أو طريقة تعاملها وبالأخص مع البيئة المحيطة وتواكب المستجدات، فأنها لم تستطيع البقاء والمنافسة.

و في بلادنا، يكاد لا يمر يوم الا ونسمع او نقرأ او نشاهد في مؤتمر أو في ورشة عمل، أو في مقال، الدعوة الى التغيير، تغيير في الاقتصاد والاعتماد على الذات، وفي التنمية واساليبها، وفي القضايا الاجتماعية والثقافية وفي الوضع الصحي وغير ذلك، وبالطبع الدعوة الى التغيير الايجابي، أي التغيير نحو الافضل، ومن السهل المطالبة بالتغيير وحتى عرض ما يهدف له التغيير وما يجب توفره من مصادر وظروف واموال وبشر.

ولكن الاصعب، سواء في الاقتصاد او في السياسة او في التنمية أو في الصحة، سواء اكانت تنمية زراعية او بشرية او التنمية المستدامة، الاصعب في عملية التغيير هو قيادة التغيير نحو الوصول الى التغيير المنشود، أو إيجاد الشخص أو الاشخاص الذين يعبروا بالتغيير من الموقع الحالي الى الموقع الاخر، وبنجاح، وهناك مساقات يتم تدريسها او علم فيما يتعلق بادارة التغيير، ولإحداث التغيير وببساطة يتطلب وجودة قاده من أجل قيادة التغيير، أي البدء في التغيير ومواكبته والاهم الحفاظ على انجازات التغيير.

ولكن يوجد القلة من القادة، او من يتصفون بصفات القيادة واهمها التأثير والقدرة على احداث التغيير والقدرة على الاقناع ولاتصاف ببعد الرؤيا، والقدرة على بث التفاؤل والطموح والامل بالتغيير، وبالتالي قيادة الناس نحو تحقيق الهدف، ويمارسون هذه الصفات، حتى ولو لم يكونوا في موقع العمل او البيئة المحيطة بالعمل، وفي عالم الاعمال، حين الحديث عن التغيير والابداع، وبالتالي اذا لم يوجد قادة يقودون هذا التغيير السريع وبنجاح، فأن المجتمعات والدول والمسؤولين لن تبقى تنافس وتحتل مكانا في السوق او تلاقى الاقبال عند المواطن العربي العادي، الذي هو يتغير باستمرار.

وحين الحديث عن التغيير والقادة، اي قادة التغيير، فأنه يعني رؤية مسارات ونتائج التغيير قبل حدوثه، أي يعني الريادة والابداع والابتكار، وهذا ليس بالضرورة في المنتج، ولكن في الاسلوب وفي التفكير وفي ثقافة العمل، اي التغيير والتأثير لاحداث التغيير، او الاقناع لاحداث التغيير، لان الناس وبطبيعتهم لا يرغبون في التغيير، او يرغبون في البقاء في الوضع المريح المستقر، او  يعملون على مقاومة التغيير، لان التغيير يتطلب طاقة وجهد واوضاع غير مستقرة، ولاقناع الاخرين بالتغيير وللعمل من اجله ومن ثم القيام بة، يتطلب من القادة المبادرة واظهار ايجابيات التغيير، وبأن يكونوا القدوة وان يملكوا القدرة على تحمل مسؤولية الفشل.

ومع الامل والتطلع لنجاح المغرب في مونديال 2022 في قطر، ولنجاح العرب في منافسات دولية اخرة ومتنوعة، و ظل واقع عربي وعالمي حالي يتغير بسرعه من حولنا وفي كافة المجالات والاشكال، وفي ظل معطيات ومستجدات ومتطلبات واحتياجات تتغير باستمرار، فأننا نحتاج الى التغيير في مجمل نواحي حياتنا، وأن ما ينطبق على القادة والتغيير والتأثير والاقناع في مجال الاقتصاد والاعمال والعلاقات وانماط التفكير، ينطبق كذلك في مجال السياسة والديمقراطية والانتخابات الدورية المنظمة، وفي مجال احداث التغيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية والتغيير في موازين وعلاقات القوى، وهناك امثلة كثيرة لقادة  غيروا الكثير، او نجحوا في الانتقال من اوضاع الى اوضاع، لم يكن من السهل تصور حدوثها او تحقيقها حتى في الاحلام.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير