د. عقل أبو قرع يكتب.. اليوم العالمي لمرض الايدز وأهمية توعية الشباب الفلسطيني

01.12.2022 11:38 AM


يصادف الأول من كانون الأول من كل عام ما يعرف بـ " اليوم العالمي لمرض الايدز"، ومنذ اكتشاف المرض قبل حوالي أربعين عاما، وبالتحديد في عام 1979، تسبب فيروس الايدز في اصابة أكثر من 100 مليون شخص في العالم، توفي منهم حوالي 50 مليون شخص، وفي كل عام تقريبا يموت أكثر من مليون ونصف المليون شخص بسبب مضاعفات الإصابة بمرض الايدز في العالم، ويتم تسجيل أكثر من مليونين من الاصابات الجديدة بعدوى فيروس الايدز، مع كل الاثار الوخيمة التي تنتج عن ذلك وفي مختلف المجالات للمصابين ولأفراد عائلاتهم.

وفي بلادنا، او بالادق في الضفة الغربية وقطاع غزة، مع استثناء القدس التي يتم ادخالها من ضمن المعطيات الاسرائيلية لا تزيد عدد حالات الاصابة بمرض الايدز او حمل الفيروس الفاعلة عن بضع عشرات من الحالات في الوقت الحالي ، وتقوم وزارة الصحة الفلسطينية بتقديم الدواء المجاني لهم والذي يساعدهم في البقاء على قيد الحياة، وكذلك يتم تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى، وتقوم الوزارة باجراء الفحوصات المخبرية اللازمة للمصابين،  وكذلك تقديم الفحوصات المجانية الطوعية  لاحتمال وجود فيروس الايدز في الدم لمن يرغب  من المواطنين بشكل عام، مع تقديم النصائح في هذا الصدد.

ويعتبر مرض الايدز من ضمن الامراض او الفيروسات التي ما زالت تقاوم بل وتهرب من الدواء الذي يتم تطويره باستمرار لمقاومة تفشي وتفاقم مضاعفات المرض والفيروس في الجسم، وتعمل على التحوصل ومن ثم الانطلاق مجددا إذا توقف العلاج، اي إذا توقف اعطاء الدواء، والدول او المناطق ومنها بلادنا، التي تتوفر فيها ادوية الايدز تعتبر محظوظة، لان هذا المرض ما زال يقتل ملايين الناس في المناطق التي لا تصلها او لا تتوفر فيها ادوية هذا المرض وبالأخص في الدول الافريقية حيث الانتشار مخيف، وما زال يسبب كوارث صحية واقتصادية واجتماعية.

وقبل فترة، تم نشر نتائج احد الابحاث، التي تعطي بارقة امل لاحتمال توفر لقاح او طعم او مصل للقضاء على الفيروس اسوة بفيروسات امراض اخرى تم القضاء عليها ومحاصرتها، ومنها على سبيل المثال فيروس شلل الاطفال، وهناك توجه لاجراء المزيد من الابحاث على هذ اللقاح، وعلى اعداد اكبر من المصابين خلال السنوات القليلة القادمة، واذا نجحت هذه التجارب على اللقاح الذي يحفز المريض او المصاب بالفيروس على انتاج خلايا مناعية تقضي على الفيروس، واذا وتم الايفاء بشروط ابتكار الادوية المعروفة عالميا، فمن المتوقع وجود لقاح ضد فيروس الايدز خلال  السنوات القادمة اسوة باللقاحات التي يتم استخدامها ضد فيروس كورونا حاليا، وان تم ذلك، فأن هذا سوف يعتبر

من اهم الانجازات الطبية الحديثة المميزة، التي لا يمكن تجاهلها لسنوات قادمة. 
وبالإضافة الى ذلك، فان هناك دراسات اظهرت فعالية البدء بإعطاء العلاج أو الدواء بشكل مبكر في حال اكتشاف الاصابة لحاملي الفيروس، وبالتالي في الحد من انتشاره وفي التقليل من تكاليف العلاج الباهظة التي لا يمكن للمصاب تحملها بدون الدعم الحكومي أو الاهلي، وحتى هناك توجه عند منظمة الصحة العالمية بالتوصية باعطاء ادوية الايدز المتوفرة حاليا بشكل وقائي، وخاصة الى الاطفال او الاشخاص الذين يتعايشون مع المصابين بالفيروس، ولكن تبقى المعضلة، وخاصة في الدول الفقيرة التي توجد فيها معظم حالات الايدز، هي في عدم توفر الادوية الكافية وبالسعر الملائم، وهذه  المعضلة وبالاضافة الى انها مسؤولية الدولة حيث يتواجد المرضى، فانها تعتبر مسؤولية عالمية إنسانية، هذا رغم الدعم الهائل الذي توفره مؤسسة "بيل غيتس" مؤسس شركة ميكروسوفت بالالاف من الملايين من الدولارات، سواء لدعم إيصال الدواء او لأجراء الأبحاث لتطوير الادوية.  

ومعروف ان فيروس الايدز ينتشر عن طريق العلاقات الجنسية، فهو ينتقل من الزوج اذا كان مصاب الى الزوجة وبالعكس، والفيروس يبقى ويترعرع وبالتالي يتكاثر داخل مناطق الاتصال الجنسي عند الجنسين، لذا فان العلاقات الجنسية العديدة مع اكثر من شريك، تساعد في انتقال الفيروس من شخص الى آخر، والفيروس اذا وصل الى المرأة الحامل، فانه من المحتمل جدا ان ينتقل الى الجنين وبالتالي يصاب الجنين بالإيدز ويتواصل معه فيروس الايدز خلال فترة حياته.

والطريقة الأخرى التي ينتقل من خلالها " فيروس الايدز" هي عن طريق نقل الدم، وبالتالي فان معرفة مصدر الدم، وجودته قبل نقلة أو حتى تخزينه هو بالأمر الحيوي الهام، وهذا يتطلب إجراء الفحوصات الضرورية للدم، وتوخي الحذر قبل عملية النقل، لأنه وإذا كان الهدف من نقل الدم هو المساعدة في شفاء مريض وربما من مرض ليس بالخطير، فان نقل دم ملوث بفيروس الايدز قد يكون مميتا.
وينتقل فيروس الايدز كذلك عن طريق استخدام الإبر الملوثة بالدم، وخاصة حين تستخدم لحقن المخدرات والأدوية، وهذا يفسر ارتفاع اصابة مدمني المخدرات بفيروس الايدز، والأمر المهم هنا هو عدم استعمال الإبر مجهولة المصدر، وكذلك عدم استخدام الإبر غير المعقمة وخاصة في العيادات والمستشفيات، والاهم كذلك هو التخلص من الإبر المستعملة، بشكل لا يمكنها الوصول إلى أيادي تسئ الاستعمال وخاصة من خلال الأطفال، او من خلال متعاطي المخدرات الاخرين، واظهرت دراسات عديدة العلاقة القوية بين متعاطي حقن المخدرات وبين المصابين بالأمراض الفيروسية ومن ضمنها فيروس الايدز.

وفي ظل الصورة القاتمة لمرض " الايدز"، فأن الوقاية من المرض ومنع انتشاره تبقى الوسيلة الأنجح والأفضل والاجدى لتحجيمه ومحاصرة اثاره، ومعروف ان فيروس " الايدز" ينتشر من خلال وسائل معينة، ومعروف ان هذه الوسائل يمكن تحديد بيئتها وظروفها والعوامل التي تتواجد فيها، ومعروف ان التوعية والإعلام والتواصل وإيصال الرسالة وبوضوح وببساطة حول هذه الوسائل هو عنصر من عناصر الوقاية.

ورغم عدد الحالات المنخفض المعلن عنها او المعروفة او التي تخضع للعلاج في بلادنا، الا انه يجب التذكر اننا نحيا في مناطق ليست جميعها تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة، ويجب التذكر الاعداد الكبيرة من متعاطي المخدرات وخاصة في القدس ومناطقها المختلفة من ضواحيها ومخيماتها، وفي نفس الوقت تذكر ان المئات بل الالاف من العمال الفلسطينيين يعملون وقد يباتون ويمكثون لفترات طويلة داخل اسرائيل، وما يترتب على ذلك من احتمالات الاصابة بفيروس الايدز، ومن ثم نقلة الى افراد العائلة، وما لذلك من تداعيات على الاسرة والمجتمع الفلسطيني قاطبة، قد تكون مدمرة وقاسية وفي أحيان كثيرة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير