محمد أحمد سالم يكتب لوطن .. كلمات قليلة تغني عن مجلدات كثيرة

01.12.2022 07:16 AM

 - قلت: وكيف تنجح في فشلك؟! بعد ان مللت من التكرار ومن الرد على روح اليأس المسيطرة على الناس والضعف البادي في الكلمات! ، تراهم يكتبوا في وعن كل شئ، مهمومين بالسياسة مأخوذين بها، رغم إن تناولها في هكذا بلد كما قبض ريح، ولأنهم يعلموا إننا نحيا بزمن يصعب فيه قول ما تفكر فيه وإلا ألزموك سجنك - بيتك-

- وعندما سألنا العم  عشم، كان الهدف المقصود أن تتضمن المقال شحنة غزيرة من الأفكار والآراء الكثيرة، حتى يمكن رد الشعارات وتقويضها ، دون تفصيل لهذه الأراء وتلك الأفكار؛ على تقدير أن التفصيل قد يقطع السياق أو يخل بالإيقاع الجار؛ فكلمات قليلة تغني عن مجلدات كثيرة،  وأنه يمكن فى مستقبل الأيام تفصيل الآراء بطريق أوفى، وشرح الأفكار بأسلوب أطول.

- وما أسهل الإجابات الجاهزة؟ إنها تعطي الإنسان الإحساس بالطمأنينة والأمان، وتدعه ينشغل بشئون حياته اليومية. لكن لهذه الإجابات تأثيراً مخدراً، فهي تعطل العقل وتضعف ملكة النقد. كما أنها مدمرة وتنطوي على دوافع للعنف؛ فلأنها تسكينية وتعطي شعوراً بالأمان، فإن كل من يقترب من هذه. وكأنه يهدد البعض في وجودهم نفسه مُشّكِّلاً خطراً على مصالحهم ، مما يدفعهم لاستخدام العنف. إنهم سيقابلون الناقد مقابلة العدو.

- فأصحاب السياسات  الهشة هم أكثر الناس خوفاً من التغيير ، ومن الرأي الآخر، وهم أيضاً أكثر الناس استعداداً لتكميم أفواه الآخرين وصولاً إلى اغتيالهم مادياً وأدبياً ظناً منهم أنهم يحافظون بذلك على مصالحهم!!. الحقيقة أنهم يحمون مصالحهم من هزات عنيفة يوقنون أنها لن تصمد أمامها بمفردها.  والسياسات  التي تعجز عن حماية نفسها بالصمود أمام النقد المنهجي تتحول بمرور الزمن إلى تحفة زجاجية خفيفة تضعها، وأنت تضع يدك على قلبك خوفاً عليها من هبة ريح تسقطها وتحولها إلى شذرات يصعب إعادة ترميمها؛ خيركم من يخضع سياساته  للنقد ليتأكد أنها تستحق أن تعيش داخل رأسه؛ هذا إن وجدت لهم سياسة أصلا!!


- وكان السؤال: كيف تكون المجتمعات الفاشلة؟
ج: للأسف أي حديث عن السياسية ولو افتراضي من باب التفكير بصوت عالي يقابل بهجوم شديد حتى رغم الانسداد السياسي، وضعف كل المحاولات،  في ظل سادة و موالسة الانقسام والخراب وغياب الأفق ؛ وكأن ناس كثيرة قررت ان يبقى الحال على ما هو عليه حتى أصحاب المظالم أنفسهم!!.


فالبقاء في ظروف قهرية لفترات طويلة يؤدي إلى تشوهات في العقل الجمعي والسلوك الاجتماعي؛ وكما قال تشخيوف "في المجتمعات الفاشلة ثمة ألف أحمق، مقابل كل عقل راجح، وألف كلمة خرقاء، إزاء كل كلمة واعية؛ تظل الغالبية بلهاء على الدوام، ولها الغلبة دائماً على العاقل.." فإذا رأيت الموضوعات التافهة، تعلو في أحد المجتمعات، على الكلام الواعي، ويتصدر التافهون المشهد، فأنت تتحدث عن مجتمع فاشل جداََ."ومنقسم  جدآ ومقسوم جدا  ومقسم على عينه وعين اللي جابه".فالوعي بالحرية شرط أساسي للحصول عليها. إذا لم تكن واعياً بالحرية وبأنك تستحقها وتستطيع تحقيقها فلن تحصل عليها.


- شوف يا إبني، سُوس البلاد سياسييها! واللعب بالقضية.. بين قوتين منظمتين حاليا،  لو سقطت التفاحة من أحدهما ستسقط في أيدي الآخر! و كلما أوشك مخطط الانقسام الصهيوني، أن يلفظ أنفاسه خارج المشهد السياسي، أعطاه الآخر قبلة الحياة."لاعتبارات حزبية ومصالح غالبا". هما أيضا وجهان لعملة واحدة وهي الاستبداد والسيطرة والخراب،  سواء كان القناع وطني أو حزبي.. إذا عارضت الأول فأنت عدو الوطن "خائن" وإذا عارضت الثاني  فأنت عدو الله "كافر!!


- قلت: لكن التغيير مسألة وقت، لأن القضية الوطنية في أزمة حادّة منذ سنوات..و التغيير قد لا يتأخر، وقد يكون شاملا ، أمّا الوصول إلى التغيير الحقيقي المنشود فيتطلّب أمورا أخرى.

- قال: لكي نصل إلى تغيير حقيقي، تحتاج الأزمة أولا إلى الوعي بها وبآثارها المدمّرة وتداعياتها على القضية الوطنية. وهذا متوفر بقدر جيد بين شرائح عديدة. لكن تحتاج الأزمة والوعي معاً إلى رافعة وطنية مُنظمة أي عمل جماعي منظّم في شكل ائتلاف واسع أو جبهة وطنية موسّعة أو تكتل وطني يجمع فئات المجتمع وأحزابه ومؤسساته بمعني، قيادة وطنية موحدة  منظّمة.

- قلت: معك حق .. لكن النقد المنهجي ليس مسؤولية الناقد فقط لكنه في الحقيقة مسؤولية الناقد والخاضع للنقد معاً.
قال : النقد البناء، و المعارضة السياسية ليست مجرد تعبير عن الغضب، وسب الاستبداد، وحديث من القلب عن الآمال والهموم على وسائل الاعلام والتواصل. هذا يسمى فضفضة. المعارضة السياسية بناء جاد لموازين القوى المادية قبل المعنوية. للأسف غثاء السيل هو السائد ..شكوى بلا جدوى. ومحاولة فرض مواقف انفعالية فارغة على الأخرين؛ البعض يعارض فقط من باب خالف تُعرف!! بمعني.. يظل يرتدي قناعاً حتى يتحول وجهه إلى قناع، ويختفي الفرق الذي كان موجوداً بين الوجه والقناع.. ويظل يُظهِر غير ما يُبطِن حتى يختفي باطنه تماماً ولا يبقى سوى ظاهره الزائف.
حينها يمكنك ان تعرف الفرق بين جيل التحرير والوحدة وجيل الانقسام و الافول .. ولكل أمة اجل.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير