لمياء اخصائية بصريات من غزة تحترف الأشغال اليدوية

17.11.2022 10:16 AM


وطن-أمل بريكة- رفح
في ساعات الصباح الباكر حيث يكون هذا التوقيت المخصص للعمل الفني أكثر، وعلى سريرها وبداخل غرفتها الخاصة تقوم لمياء بوضع أدوات العمل اللازمة بشكل مُرتب، ومن ثم "تسرح غزالتها" في الإبداع والتميز بصناعة أجمل ما تخطه يداها على "الطارات" الخشبية وغيرها؛ لتنتج عملاً فنيًا يتباهى به الزبون أمام أحبائه.
تقول لمياء قشطة (21 عاما) من محافظة رفح جنوب قطاع غزة، إنها تخرجت من الجامعة الإسلامية تخصص بصريات طبية، وتعمل حاليًا كأخصائية بصرية في عيادة العيون بمركز رفح التشخيصي.
وقبل 8 أشهر فكرت لمياء أن تُنمي موهبتها في مجال الأشغال اليدوية والرسم، فلجأت إلى الرسم على الطارات الخشبية ورسم الأشكال بما يتلاءم مع طلبات الزبائن الذين باتوا يتواصلون معها عند الطلب.
وأضافت لمياء، أن هذه الفكرة كانت عبارة عن مجرد موهبة من ثم تحولت إلى أثر أصبح موجودًا في كل بيت، هذا ما تطمح له حسبما قالت.
وتابعت، أنا أؤمن بمقولة "أثر الفراشة لا يزول، أثر الفراشة يبقى"، لذلك أحبت أن تترك أثرًا خلفها، سواء بالرسومات أو حتى العبارات التي تُزين بها عملها، فكانت مثلاً عندما يكون الزبون سائق تاكسي ويطلب منها طلبية معينة كانت ترسم السيارة عليها وتكتب عبارة "في رعاية الله وحفظه" حتى يكون مطمئنًا وسعيدًا عندما يقود السيارة.

وأوضحت لمياء، أن هذه العبارات تستوحيها أثناء الاندماج بالعمل، فيأتي الإلهام لها وقتها بأن العبارة كذا هي التي يجب أن تكون على هذا العمل، لما تعطيه من تفاؤل وأمل لدى الزبون.
وعن سؤالنا لها عن كيفية التسويق للعمل، قالت لمياء إنها بفترة الدراسة الجامعية كانت تتعمد ارتداء حقيبة مطرز عليها أشغال يدوية، حتى تجذب النظر لكل من يراها.
وأوضحت لمياء أن الطريق إلى الجامعة من رفح إلى غزة المدينة يحتاج إلى ساعة زمنية كاملة، فكانت تستغل هذا الوقت في الأشغال اليدوية وبالتالي تلفت نظر الركاب في "الأوتوبيس" ومن بعدها تتوارد الأسئلة بكيفية العمل وآلية التواصل معها؛ للشراء منها.
تقول: بعدما تطور شغلي وأصبح يُطلب مني طلبات فكرت أن أنشأ صفحة على منصة "انستغرام"، كانت باسم أيلول أون لاين، فأغلب الزبائن والمتابعين لم يعرفوا من هي لمياء، فكنت أرغب في إخفاء شخصيتي وأن يتم التعامل مع التعريف الذي أطلقته على نفسي "أثر الفراشة"، حتى يتعرفوا على أثر لمياء وليس شخصها.
عملي في هذا المجال جاء بالصدفة لأنني بطبعي شخصية شغوفة، فكنت أقوم بإعادة تدوير أي قطعة بالمنزل؛ لتعطي منظرًا جماليًا تجذب كل ما يراها، فعندما انتقلنا إلى منزلنا الجديد قمت بإخراج كل ما لدي من طاقة وفن في الرسم على جدار غرفتي، فكان المنظر خياليًا، من بعدها قررت أن أبدع في هذا المجال وأن يكون لي مكانا فيه، تقول لمياء.
وأضافت: رغم أن هذا العمل يأخذ من وقتي وطاقتي ويُرهق عينيّ وعضلات رقبتي ويديّ، إلا أنني أجد متعتي فيه وأكون متحمسة للنتيجة التي أرغب في الوصول إليها، وتلك النتيجة تُنسيني هذا الكم من التعب والإرهاق.
وأشارت لمياء إلى أن كُل بداية عمل صعبة جدًا، فأول مرة ذهبت بها إلى السوق برفقة شقيقتي لشراء المواد الخام، فكنت أتحدث للبائعين بأنني لا أعلم طبيعة الأسعار فكانوا يستغلون جهلي بذلك، فيضعون أسعارًا غالية ورغم ذلك كنت أشتريها؛ لاعتقادي بأن سعرها هكذا، لكن بعد ذلك تعاملت مع أناس ثقة يعطوني أسعارا مناسبة ويجلبون لي زبائن.
وقالت، إنها بعد فترة من زيادة الطلبات قامت باقتناء مطبعة بالمنزل بعدما تعلمت على اليوتيوب كيفية عمل التصاميم اللازمة للطلبيات، مضيفةً أنها تحاول تلبية طلبات الزبائن خاصة وأنهم أحيانًا من يختارون الرسمة والفكرة ويأتون بها، مثلاً قد تكون الطلبية عمل وطني تتداخل فيها (الكوفية، والمسجد الأقصى وعلم فلسطين) وغيرها من الأشياء التي تدلل على هويتنا الفلسطينية والتراثية.
وبينت لمياء، أنها تتلقى الدعم الكافي من عائلتها وخطيبها، حيث يتعاونون جميعًا في مساعدتها وتوفير كل ما يلزمها من أدوات ومواد خام، أو حتى إرسال الطلبات للزبائن، مشيرًة إلى أنها تحاول وضع أسعار تكون في متناول الجميع ورغم استغراب الزبائن من الأسعار المنخفضة إلا أنها توضح بأن جودة العمل عالية وهذا لا يعني أن الأدوات رخيصة ولكن هي تنمي شغفها وحبها لما تصنعه وتتركه من أثر في كل بيت.
وعن عملها في عيادة العيون توضح بأن كلاهما لا يؤثران على بعضها فهي تحاول أن تعطي كل عمل حقه، حيث أن فترة عملها في العيادة تبدأ من الساعة الثالثة وحتى السابعة مساءً من كل يوم، وتحاول أن تصنع الأشغال في التوقيت المسبق لعملها بالعيادة.
وتختم لمياء لوطن: أطمح أن يكبر عملي في هذا المجال وأفتتح مكانًا خاصًا بي، أستطيع من خلاله أن ألتقي بالزبائن، بدلاً من التعامل الافتراضي عبر منصات التواصل الاجتماعي.

تصميم وتطوير