التكنولوجيا وشبكات التواصل والاحتلال

11.11.2022 10:57 AM


كتب: الاسير جهاد الروم - سجن هداريم

خلال اقل من عقدين اقتحمت تكنولوجيا الاتصال بسرعة جنونية، ونظرا لحجم المستخدمين الهائل للتقنيات الحديثة التي اصبحت ملازمة للمجتمعات فأن الحاجة ملحّة لبناء رؤية تعالج أثر اشكاليات الاستخدام لشبكات التواصل الاجتماعي وفحص مدى اسهامها وفعاليتها في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، حيث تشير التقنيات الحديثة للاعلام والاتصال باهتمام مختلف الاجهزة الامنية في العالم ولا سيما الإسرائيلية، وتسخر لتلك الاجهزة موارد مالية ومادية وبشرية ضخمة لاغراض متعددة منها التتبع والمراقبة والتجسس وبناء نظم الحماية السيبرانية، اضافة الى التحكم والسيطرة على قاعدة معلومات هائلة يتم تداولها عبر الشبكات.

كما وتسعى الأجهزة الأمنية للرقابة على شبكات التواصل الاجتماعي وتحاول اختراق المواقع المختلفة وتغض النظر عن الخصوصية تحت حجة الامن، الأمر الذي يقيد مبدأ حرية التعبير عن الرأي الذي تكفله وسائل ووسائط الاتصال الرقمي الجديدة وقد باتت مسألة شبكات التواصل الاجتماعي معضلة ذات بعد واهمية كبيرة خاصة بعد دورها الفعال في الحراك الجماهيري والاجتماعي فلقد استطاع الفلسطينيون الاستفادة من الخدمات التكنولوجية المتطورة عن طريق الاحتلال كما وجدوا في المنصات الالكترونية مساحة هامة للتعبير عن الرأي بحرية مما حمل أبعاد سياسية واجتماعية يراها البعض ايجابية والاخر بأنها سلبية ولكن الساحة الديموقراطية لحرية الاعلام الجديدة الرقمية باتت موضع تساؤل خاصة بعد جملة من الاجراءات الأمنية والقانونية التي اتبعتها دولة الاحتلال واجهزتها الأمنية في مواجهة تلك المساحة من الحرية الممنوحة على وسائل التشبيك الاجتماعي الالكتروني.

في النظام الاستعماري الاستيطاني في فلسطين والذي يقدم نفسه بصفته واحة الديمقراطية في صحراء الوطن العربي كشف عن انيابه عندما اكتشف ان الفضاء السيبراني يحمل في طياته ابعاد سياسية وهوياتيه واجتماعية وامنية فالسيطرة على الشبكة العنكبوتية ونشاطها الواسع ومحتواها باتت تقع في صلب عمل تلك الأجهزة القمعية والتي تسخر وحدات سيبرانية خاصة بامكانيات هائلة وضخمة في محاولة لحصار الفلسطينيين والتضييق عليهم وايضا تخويفهم وترهيبهم ومن دون شك فأن الحرب السيبرانية التي تخوضها الأجهزة الامنة ضد الفلسطينيين بشكل خاص والعرب بشكل عام ما هي الا حلقة من حلقات الصراع في اطار سعيها لبناء منظومة امنية متكاملة وضخمة في المجال السيبراني يحمل ابعاد تتجاوز المعايير الأمنية المعروفة ولعل أخطر تداعيات هذه الهجمة التي تشنها الأجهزة الأمنية الاسرائيلية ضد أفراد وشخصيات واحزاب ومؤسسات فلسطينية هدفها التشويه المنظم بغية تفكيك الانسجام المجتمعي الفلسطيني وشرذمته.

فالألة الاعلامية لا تقل اهمية وفتور عن الة الحرب في اهدافها الاستراتيجية والتي تحمل اثر سلبيا على الحياة  الأسرية والاجتماعية وعلى روح الشباب المناضل ولقد استطاعت دولة الاحتلال واجهزتها الأمنية بناء جيش رقمي تزداد قوته وحضوره يوميا حيث نجحت في بناء منظومة منسقة يغذيها باستمرار المجندون الجدد ذو الفعالية والكفاءة والمهارة في الاختراق والتجسس والتتبع رغم اسهام وسائل الاتصال الجديدة في مقاومة الاحتلال وفضح جرائمه الا ان خطورة التحديات الأمنية ما زالت تشكل نقطة ضعف للمواطن الفلسطيني لذا وجب على الجمهور الفلسطيني ادراك خطورة هذه المواقع وان يكون اكثر حرصا وامنا ومتيقظين في استخدامنا لها مع مراعاة جميع الخطوات التي تحفظ له أمنه بالدرجة الاولى وسريته .

هذا العصر تخلو منه الخصوصية بمعناها الحقيقي ولعل سلوك الشهيد البطل عدي التميمي في ابتعاده عن هذه الوسائل اثناء مطاردته لقوات الاحتلال كان اهم عامل في نجاحه بعدم قدرة مجموعات النخبة الاسرائيلية كما تطلق على نفسها من الوصول اليه.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير