معلومة صغيرة في 'الاتجاه المعاكس' كشفت سراً خطيراً لـ عبد الباري عطوان

11.08.2013 10:07 PM
وطن – وكالات: تحت عنوان (معلومة صغيرة في الاتجاه المعاكس كشفت الكثير.. سر أنبوب الغاز القطري) كتب عبد الباري عطوان أنه قبل عام ونصف العام تقريبا، كنت أتابع حلقة من برنامج الاتجاه المعاكس على شاشة قناة "الجزيرة" القطرية الفضائية، وكان موضوع الحلقة تطورات الأوضاع في سورية، ففاجأني أحد الضيفين، الذي كان زميلا صحافيا سوريا معارضا، بطرحه نقطة على درجة كبيرة من الأهمية، فسرت لي، وربما للكثيرين أيضا، أحد أسباب الغضب الرئيسي الأساسي المعلن، وهو دعم الثورة المسلحة المطالبة بالتغيير الديمقراطي وإطاحة النظام في سورية.

النقطة المعنية تمثلت في "تسريب" الضيف السوري المعارض وسط حفلة الصدام الصاخب، الذي هو إحدى نقاط الجذب في البرنامج، تساؤلا حول رفض الرئيس بشار الأسد السماح لأنبوب الغاز القطري بالمرور عبر الأراضي السورية إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، بعد إعطائه موافقة مبدئية في هذا الخصوص لصديقه وحليفه القطري في ذلك الوقت.

فوجئت بهذه المعلومة الخطيرة لسببين: الأول كونها جديدة بالنسبة إلي ولم أسمع عنها من قبل، لأن العامل الاقتصادي لم يكن أساسيا في ثورات الربيع العربي، باستثناء السخط على الفساد والبطالة، مثلما اعتقدت خطأ ومثلي الكثيرون، ولأن الضيف السوري المعارض الذي أعرفه شخصيا، ليس ملما بمثل هذا الملف ولا بد أن هناك من أوحى له به.

التقيت الدكتور سامي الخيمي السفير السوري السابق في لندن، وهو من ألمع الدبلوماسيين وأكثرهم حضورا، في عشاء عام، وانتحيت به جانبا لأسأله عن مدى صحة معلومة أنبوب الغاز هذه، فقال لي إنها صحيحة فعلا، وما حدث أن سورية لا يمكن أن تضحي بحليف استراتيجي مثل روسيا ومصدر التسليح الرئيسي لها، وكان من الطبيعي أن تعترض القيادة السورية على هذا الأنبوب القطري الذي يهدد مصالحها.

تذكرت هذه الواقعة اليوم وأنا اقرأ تقريرا لوكالة "رويترز" العالمية، حول زيارة الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز رئيس جهاز الاستخبارات السعودي إلى موسكو، وعرضه حوافز للتعاون الاقتصادي بين البلدين يتضمن حصول السعودية على صفقة أسلحة ضخمة من روسيا، وضمانات بعدم الدخول في منافسة مع مبيعات الغاز الروسي في السوق العالمي، في حال ما إذا تراجعت موسكو عن الدعم الكبير الذي تقدمه للرئيس الأسد في الحرب المندلعة منذ عامين.

وكالة "رويترز" نقلت عن مصدر في المعارضة السورية مقرب من السعودية أن الأمير بندر عرض في الاجتماع الذي استغرق أربع ساعات مع الرئيس فلاديمير بوتين، أن تشتري السعودية أسلحة روسية بمقدار 15 مليار دولار، وكذلك ضمان ألا يهدد الغاز المستخرج من الخليج، بما في ذلك الغاز القطري تحديدا، وضع روسيا كمزود رئيسي للغاز في القارة الأوروبية مقابل تخفيف الدعم للنظام السوري وعدم عرقلة أي قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي بخصوص سورية في المستقبل.

هذا العرض السعودي المالي المغري يذكرنا بما تردد عن عرض قطر 15 مليار دولار على النظام السوري مقابل ابتعاده عن إيران، وحزب الله اللبناني بالتالي، ولكن النظام رفض هذا العرض، الذي جاء قبل الاحتجاجات، وتمسك بحليفه الاستراتيجي الإيراني، والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا عما إذا كانت روسيا ستقبل عرض السعودية هذا، أم إنها سترفضه مثلما رفض حليفها السوري العرض القطري؟ ودفع ويدفع ثمنا باهظا من جراء ذلك.

من الصعب إعطاء إجابة قاطعة على هذا السؤال، فعمر المبادرة السعودية لا يزيد عن عشرة أيام على الأكثر، مضافا إلى ذلك أن الدبلوماسية الروسية على درجة كبيرة من الدهاء، خاصة في عهد رجلها القوي بوتين، بحيث لا يمكن أن تعطي ردا حاسما وسريعا، وتبقى جميع الأبواب مفتوحة في الوقت نفسه فالروس ليسوا عاطفيين مثل العرب.
تصميم وتطوير